الخلاوى في السودان.! بقلم عوض فلسطيني

الخلاوى في السودان.! بقلم عوض فلسطيني


12-19-2017, 02:41 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1513647684&rn=0


Post: #1
Title: الخلاوى في السودان.! بقلم عوض فلسطيني
Author: عوض فلسطيني
Date: 12-19-2017, 02:41 AM

01:41 AM December, 18 2017

سودانيز اون لاين
عوض فلسطيني-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر

أشواقٌ وأشواك

[email protected]

لا خلاف على ما تقوم به الخلاوى من تعليم للقرآن الكريم، على الرغم من أنها في كثير من الأحيان تجهل تدريس الفقه والفكر الإسلاميين، حيث ظلت الصورة الذهنية في الوجدان السوداني لطالب الخلوة لا تتجاوز كونه عالة على المجتمع، ومتسولاً ينتظر صدقاتهم، ويقدم في أبشع صورة له بملابس رثة متسخة ويعاني من نظافة الجسم بينما يتمشى حافي القدمين ويحمل في يده صحناً قديماً ليسأل الناس في الأماكن العامة حاجة لسد رمقه من جوع!!
طريقة التعليم في الخلوة ظلت تقليدية في كل شي، في المسكن والملبس والمأوى والمأكل، والمشرب، وهو تقليد قديم لا مبرر لبقائه اليوم، في المقابل هناك طفرة وتطور يشهدها مشائخ الخلوى في النواحي السابقة المذكورة، فالشيخ يسكن في برجع عاجي ترصع دواوينه بالرخام وتفرش على جوانبه، سجادات الموكيت يضع فيه أطقم الجلوس الفاخرة والمساند الوثيرة، ويشتهي من الطعام أطيبه، ويتجول بآخر الموديلات من العربات الفارهة كالبرادو وغيرها!!
هو يستغل المساكين والضعفاء الذين تأتي الدعومات بأسمائهم من الخليج ومن الدولة والمؤسسات الاجتماعية فضلاً عن الاستثمارات الواسعة والزراعة وغيرها، رغما عن ذلك تهان آدمية الحفظة، بصورة فيها شئ من الاستغلال؟
إن الاصل في الخلاوى هو التعبد والتقرب الى الله وحفظ القرآن وهذا يتطلب أولا النظافة في المظهر والجوهر، وتوفير سبل الراحة الكاملة، لان البرنامج المصاحب والذي يبدأ منذ الصباح الباكر حتى ساعات متأخرة من بعد صلاة العشاء يحتاج الى إعداد بدني جيد وغذاء متكامل من أجل تحمل الأمانة الثقيلة!!
أثار اهتمامي فيديو منتشر في وسائل التواصل الاجتماعي، وهو يصور مشاهد إعداد الطعام لطلبة الخلاوى ، صاج بقطر أكثر من ثلاثة أمتار خصص لصناعة وجبة (العصيدة) وهي من الاكلات الشعبية المتعارف عليها في الوسط السوداني ، العصيدة في الفيديو المذكور توزع على الأواني( الصحانة) بالكوريك، وهذا ليس المهم، وإنما المهم بماذا تؤكل هذه (العصيدة) فالملاح الذي يعد لهذه الوجبة الشعبية، يكاد لا يستساق من شح مكوناته، وهذا هو الطعام المحدد لهذه الفئة، فمالذي يمنع من تطوير الوجبات وتنويعها وادخال اصنافا اضافية، يحكي لي أحد الاصدقاء أن طلاب الخلاوى يفرحون غاية الفرح عندما تطلب جهة ماء حشدهم في مناسبة أو مهرجان أو غيره، لان ذلك اليوم سيكون مختلفاً طعماً ولوناً ورائحة!؟
مشايخ هذه الخلاوى سيظلون يتمسكون بالقداسة ويتمتعون بالسيادة التي لو لا هؤلاء الغبش لما جرت النعم بين أيديهم، فهم يطورون أنفسهم ولكنهم لا يبادرون بطرح أفكار لتطوير الخلاوى لتقوم بدورها على اكمل وجه وبصورة حديثة، لأنهم لو فعلوا ذلك لما وجدوا ماهم عليه من نعيم ،ما يتعرض له طلاب الخلاوى من استغفال إجباري وإدعاء الزهد والورع أمر لا يليق بالإنسانية و لا الكرامة في القرن الحادي والعشرين، ولا اعتقد أن حفظ القرآن والاجتهاد في تعلمه يتطلب هذه الاهانة البالغة!! مالذي يمنع ان ينام هؤلاء الطلاب على سراير أو بساطات ولكل واحد منهم لحافه وبطانيته، بل حتى السيوتر لفصل الشتاء الغارس وان تتعدد غياراته من ملابس وتتنوع بين البنطال والقميص والزي البلدي الجلابية، ولماذا لا يستعاض عن (التقابة )بقاعة كبيرة تسع المئات بمكبرات صوت وشاشات عرض للتدريس والتعليم ،متى نستفيد من هذه التقنية في خدمة الدعوة، ولماذ لا تصبح كل هذه التمجمعات مكتملة من حيث التربية البدنية والروحية والعلم الشرعي بضروبه المختلفة، ارجو من وزارة الشؤون الاجتماعية ان تلي الامر اهتماما وتنظر في تطوير هذه التجمعات والخلاوى بما يواكب العصر، ولا يترك أمر الطلاب هكذا مثلهم مثل أي قطيع يتحكم فيه صاحبه كما يشاء، بل حتى القطعان في عالم اليوم تجد الرعاية، والحماية القانونية الكاملة!!
أشواق الملايين تتلهف للالتحاق بالخلاوى والمسيد حتى في العطلات المدرسية لطلاب الجامعات والمدارس وطلاب العلم الشرعي بصورة عامة، بينما تحول أشواك الظلم الفادح وتردي البيئة وعدم التطور والمواكبة في هذه المؤسسات دون تحقيق الفائدة المرجوة وإن ادعى كمالها القائمون عليها.

الوان.