الحكومة-المواطن ..وأسرار الحرب النفسية بقلم د.أمل الكردفاني

الحكومة-المواطن ..وأسرار الحرب النفسية بقلم د.أمل الكردفاني


12-12-2017, 07:21 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1513102880&rn=0


Post: #1
Title: الحكومة-المواطن ..وأسرار الحرب النفسية بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 12-12-2017, 07:21 PM

06:21 PM December, 12 2017

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




الحرب النفسية psychological warfare ، مصطلح قديم جدا استخدم في الحرب العالمية الأولى لكن مفهومه العام خضع للتطبيق منذ الحروب القديمة ، ففي احدى الحروب ضد الفراعنة قام الأعداء بارسال الاف القطط الى ساحة المعركة وذلك علما منهم بأن الفراعنة يقدسون القطط ويمتنعون عن ايذائها ، وكذلك خاض الاسكندر الأكبر وجنكيز خان وخلافه حروبا نفسية ضد اعدائهم ؛ حيث ترتكز الحرب النفسية على تدمير إرادة العدو وتضعف من ثقته في قدراته ، وبالتالي تمنعه من خوض المعركة أو تمنعه من المقاومة ، وهذا المصطلح انتقل الى علم النفس السياسي ، حيث تمارس غالب الأنظمة الدكتاتورية حربا نفسية على شعوبها بغرض تحقيق الأهداف التالية:
1- بسط هيبة النظام.
2- تحقيق خوف مستمر من النظام.
3- اظهار النظام كمارد لا يقهر.
4- منع الشعب من المقاومة .
5- تعزيز صورة القائد والزعيم كشخص قوي.
6- وضع الشعب في حالة انتباه مستمر .
7- اضعاف القوى السياسية المعارضة واظهار هذا الضعف للشعب حتى لا يستند اليها.
واهداف أخرى كثيرة..
ما يهمنا في هذا الصدد ؛ هو الكشف عن الحرب النفسية التي يخوضها نظام البشير ضد الشعب السوداني ؛ لأن معرفة العلة هي اولى تشخيصات المرض وتصحيحه او ايجاد علاج له ، بغير معرفة العدو ؛ فإننا سنظل خاضعين له يحركنا كيف شاء ولأي هدف يريد..
بدأ النظام حربه النفسية بمجرد أن استلم الإسلاميون السلطة عام 1989 ، الحرب النفسية بدأت بعمليات الاعدام غير القانوني التي طالت الكثيرين بسبب حيازتهم للعملة الصعبة ، وامتدت الحرب النفسية بالسيطرة التامة على وسائل الإعلام وتوجيه رسائل مختلفة الى الشعب تحت غطاء ديني ، يزعم بأنه جاء لتطبيق الرسالة المحمدية وأنه سيحارب الامبريالية بقطبيها (الاتحاد السوفيتي سابقا وامريكا) والكفر حول العالم.
وقد استخدم النظام وسائل لهذه الحرب أهمها الاعلام عبر الخطاب الديني ، ثم القمع الأمني الشديد ، ثم عمليات التمكين المختلفة في مختلف مرافق الدولة ، والإحالات المليونية للصالح العام . ولكن من اخطر ما قام به النظام لتطبيق هذه الحرب النفسية هي استخدام أشخاص من قاع المجتمع للقيام باثارة الذعر في قلوب المواطنين ، وهم من قاع المجتمع ونحن نعرف أن القاع تترسب فيه القاذورات والأوساخ ، تم اختيار هؤلاء الاشخاص بدقة شديدة وتم تمكينهم من كل مرافق الدولة ليمارسوا عمليات البطش وارهاب المواطنين المساكين... لاحظ أن عمليات القمع في دارفور تم تخويل الأمر بها الى شخصيات من قاع المجتمع الدارفوري ؛ فانسان القاع لا يصدق ما يتم منحه له من نفوذ وسلطة ويتشبث بها ويطبق نفوذه وسلطانه على الضعفاء بدموية وعنف شديد بل بسادية مطلقة.. أغلب من تم تعيينهم في الأجهزة القمعية كانوا من قاع المجتمع ، لا يعرفهم أحد كالأشباح ، ولذلك خول لهم ممارسة سلطاتهم وهم يجترون كل خبث ودناءة القاع وامراضه النفسية ، وامتدت تعيينات الدولة لتشمل كل مرافقها الامنية والقانونية ، لذلك لم يكن مدهشا لي ما رايته ورآه الناس كافة حين وقف أحد القضاة وهو يشاهد جلد الفتاة مطلقا الفاظا ساخرة عليها ، وليس مدهشا أن يقوم وكيل نيابة قادم من قاع المجتمع بالتحرش بالفتيات واذلالهن باستخدام سلطته .. انظروا فقط الى من يقومون بملاحقة بائعات الشاي واذلالهن ومصادرة املاكهن .. انهم من قاع المجتمع ، يقومون بعملهم بتلذذ وافواههم شبقة وايديهم مستعدة للعنف والأذى ، من قتل ابناء الناس في سبتمبر؟؟؟ هل قتلتهم أشباح؟ لا بل قتلهم اشخاص من قاع المجتمع لا قيمة لهم في الوجود سوى بالقتل التزاما بأوامر الكبار.
من يتم توزيره الآن سوى القادمين من قاع المجتمع ليهرج أحدهم وينادي بعدم علاج المرضى وتركهم للموت..انهم أشباح قاع المجتمع... هل يتوقع احدكم ان يقوم انسان سوى من بيئة محترمة باذلال الآخرين عبر استخدام سلطته؟؟؟ بالتأكيد لا ، إن هذا هو عمل اشباح قاع المجتمع ، ان اغلب المشردين واللقطاء يتم تدريبهم وتدجينهم ليكونوا سواعد النظام في المستقبل ، ويتم اختيارهم بدقة شديدة لتكوين مليشيات تمارس العنف والدموية ضد المواطنين الأكارم مستغلين ان هؤلاء اللقطاء والمشردين لا أصل لهم بل هم من قاع المجتمع وكم من اكارم هذا الشعب قد تم اذلالهم منذ وصول اسلامويي القاع للسلطة... انظروا كيف تتم التعيينات في الأجهزة السلطوية والأمنية ، إنها تتم بمعايير دقيقة ، أهمها ألا يكون للشخص المختار أي قيمة في الحياة ، لا ماض له ولا حاضر ولا مستقبل ، فالموت والحياة عنده سيان .. انه من اسفل قاع المجتمع...
وهكذا يقوم هؤلاء بممارسة ارهاب منظم ضد الشعب ، بملاحقة الضعفاء وملاحقة النساء واساءة استخدام السلطة ثم أخيرا عبر البيروقراطية المتعنتة ، وذلك باتخاذ قرارات تعرقل كل محاولات المواطن لأخذ حقوقه بالطرق السلمية والمشروعة فهو اما ان يلجأ الى الواسطة او الى الرشوة ، وهذا نوع من التميز في الحقوق عبر المال او الواسطة يشعر الشخص بتفوقه على سائر المواطنين . وتستمر الحرب النفسية بعمليات قمع منظم وبيروقراطية متعنتة واضعاف لشعور المواطن بقدرته على مقاومة النظام أو اللجوء للقانون ليحصل على حقوقه ، عندما يلجأ الفرد للواسطة أو الرشوة فهو يندمج بمنظومة النظام ، وهذا هو المطلوب ، أن يفهم المواطن أن القانون لن يحميه من تعنت وبطش الدولة فيستسلم للنظام ويتأقلم على وسائله اللا أخلاقية...
إن تدمير أخلاق الشعب السوداني ليست عملية عشوائية بل هي إحدى أهم إدارات الحرب النفسية التي يديرها النظام ببراعة . لماذا يترك النظام الفاسدين ، ليس محبة فيهم ، بل لأن هؤلاء هم من يقتلون في المواطن الشعور بقيمة العدالة والقانون ، فمن معنا سيأكل ومن ضدنا لن ينال سوى الموت جوعا ، هذه هي الحرب النفسية التي جعلت امريكا واوروبا يتخليان عن دعم اي قوى سياسية معارضة بل وحماية النظام وتقديم دعم مالي له لأن تدمير الشعوب لا يقوم بها الى عميل وخائن وقد وجدت اوروبا وامريكا في النظام أكبر عميل وخائن... الاتحاد الأوروبي استخدم النظام لحمايته من الهجرة غير الشرعية ، فدعمه بالمال والسلاح وتغاضى عن تلك الشعارات التي كان يرفعها كالحرية والديموقراطية ، امريكا رفعت العقوبات عن النظام بدون اي مبرر والسبب الوحيد هو منح النظام متنفسا جديدا وروح لمقاومة السقوط ومن ثم استرداد الشعب لإرادته ودولته...
آن ايماننا بحقيقة وجود هذه الحرب النفسية هو البداية لفهم تكتيكات النظام وسياساته تجاهنا كمواطنين ، واجابة للسؤال المهم : لماذا نعاني داخل الدولة من تعسف السلطات ، لماذا يستطيع شرطي أن يقوم بتعذيبك ، لماذا يقوك وكيل نيابة بسجنك بدون اقترافك لجريمة ، لماذا تلاحق بائعات الشاي ولماذا يترك الفاسدون على حل شعرهم ، ولماذا ينفى ضابط الى الأحراش البعيدة لأنه قاوم نفوذ امرأة ، ...الخ ... بمجرد أن تؤمن (يا مواطن) بأن الحرب النفسية حقيقة ستستطيع أن تفهم الصورة كاملة وستستطيع أن تعرف كيف تقاوم هذه الحرب...