التجريم بالنوايا..!! بقلم عبدالباقي الظافر

التجريم بالنوايا..!! بقلم عبدالباقي الظافر


11-30-2017, 02:00 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1512046806&rn=0


Post: #1
Title: التجريم بالنوايا..!! بقلم عبدالباقي الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 11-30-2017, 02:00 PM

01:00 PM November, 30 2017

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


احتار كثير من المراقبين حينما تم إعلان فوز الرئيس أوباما بجائزة نوبل في العام ٢٠٠٩.. أوباما الذي يوصف بأنه أول رئيس أسود في البيت الأبيض لم يكن قد فرغ بعد من تشكيل أطقم إدارته حينما وصله الخبر السعيد.. معلق ساخر وصف قرار الأكاديمية السويدية بأنه مكافأة على النوايا الحسنة المتوقعة.. في ذلك التاريخ كان تبرير مجلس جائزة نوبل أن الرئيس الذي تولى السلطة رسمياً في أواخر شهر يناير من ذات العام بذل جهوداً مكثفة في تحقيق السلم العالمي.. وفي نهاية المطاف لم يخذل أوباما المنظمة السويدية في مسألة النوايا المتوقعة، فحينما غادر الرئاسة كان قد فك الحصار عن كوبا، ووقع اتفاق سلام مع إيران، وبدأ التواصل مع الحكومة السودانية.
تذكرت حكاية النوايا الحسنة المتوقعة والبرلمان يجيز في مرحلة العرض الثاني قانوناً يمكّن السلطات من اعتقال من لم تثبت إدانتهم إن كانوا من معتادي الإجرام وفقاً لظروف معينة.. يجب قراءة ذلك مقروناً بزيادة مدة الاعتقال قيد التحريات لمدة عشرة أيام.. من قبل كان يتم توقيف المشتبه فيهم ويطلق سراحهم إن لم تثبت إدانتهم.. كما منحت التعديلات تسهيلات إضافية للشرطة في مجال استخدام القوة عند تنفيذ القانون.. عدد كبير من النواب اعتبروا التعديلات التي شملت ثلث مواد القانون الجنائي تجافي روح الدستور ومخرجات الحوار الوطني.
في الحقيقة أن الحكومة شرعت مبكراً في اصطياد الحقوق الدستورية عبر تصميم قوانين تصادم روح الدستور.. قانون الصحافة الذي لم يجد مناصراً يمثل ذروة سنام مصادرة الحريات.. حيث برز التدخل الحكومي في البيت الصحفي حتى في تكوين المجلس المهني للصحفيين.. حيث تم إضافة أعضاء من مجالس مهنية واتحادات نقابية بغرض فرض الرقابة على الصحافة.. هذا التعديل جعل الصحفيين أقلية داخل مجلس الصحافة.. بل حاول إدراج تغريدات مواقع التواصل الاجتماعي في إطار العمل الصحفي في خلط مقصود به تغبيش الرؤية تمهيداً لإيقاع الأذى الجسيم بالصحافة .
الآن اتضح تماماً أن الدكتورة بدرية سليمان كانت تستقرئ قادم الأيام حينما طالبت أن يكون الدستور فضفاضاً وأن تترك التفاصيل للقوانين.. بعد أن تذوق نواب الحوار طعم السلطة لم تعد مصالح الجمهور ضمن أجندة الكثيرين منهم.. قانون الاتصالات يضع وكوابح جديدة.. قانون جنائي يحطم قاعدة المتهم بريء حتى تثبت إدانته.. عبر التعديل الجديد من الممكن اعتقال مواطن فقط بسبب ماضيه وإن تاب وأقلع عن المعاصي.
في تقديري.. لن تنتهي الجولة بإصدار قوانين مسيئة لحقوق الإنسان.. حتى إدخال تقانة الـ(دي إن آيه) في إثبات النسب أو الاعتداء الجنسي التي تمثل إشراقة في التعديلات حتى هذه سيتم التراجع عنها.. لكن المشكلة تكمن في أن كل الشواهد تشير إلى أن الدستور نفسه ستتم إراقة دمه في وقت قريب.. الدكتور أحمد بلال وزير الإعلام والناطق باسم الحكومة قال إن الدستور ليس قرآناً.. الدستور الذي أقسمت الحكومة على احترامه سيعدل تحت رايات الأغلبية الميكانيكية في البرلمان رغم أن الأغلبية الصامتة لم تمنح الإذن لأحد .
بصراحة.. في كل يوم تثبت الحكومة أنها أكبر من سوء الظن في مجال الحريات.. سيتم قريباً تصنيف السودان كبلد يتم التجريم والعقاب فيه بالنوايا فقط.!!


assayha