د.عبدالوهاب عثمان .. وفي الليلة الظلماء بقلم الطيب مصطفى

د.عبدالوهاب عثمان .. وفي الليلة الظلماء بقلم الطيب مصطفى


11-29-2017, 02:04 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1511960689&rn=0


Post: #1
Title: د.عبدالوهاب عثمان .. وفي الليلة الظلماء بقلم الطيب مصطفى
Author: الطيب مصطفى
Date: 11-29-2017, 02:04 PM

01:04 PM November, 29 2017

سودانيز اون لاين
الطيب مصطفى -الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


على مدى يومين عقدت دورة تدريبية في إحدى قاعات المجلس الوطني لتعريف البرلمانيين بكيفية إعداد الموازنة حتى يتفاعلوا معها عندما تُعرض في الأيام القليلة القادمة.
ما من خبير ممن استمعت إليهم كمحاضرين خلال الدورة، تطرق إلى الدولار الذي أمسك خلال الأيام الفائتة بخناق البلاد وملأ الأنس به والتداول حوله حياة الناس ، بدوهم وحضرهم ، إلا عطر لسانه بطيب الذكر د.عبدالوهاب عثمان .. كل كان يذكر جانباً من سيرة نجاحه الأسطوري في كبح جماح الدولار وتثبيت سعره قبل تدفق البترول بسنتين.
د.صابر محمد حسن تحدث عن تركيز عبدالوهاب على استقرار الاقتصاد من خلال بند واحد منحه كل وقته وجهده وتخطيطه وفعله ألا وهو تثبيت سعر الدولار .. رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني ووزير المالية السابق علي محمود تناول جانباً آخر من السيرة العطرة لدكتور عبدالوهاب في (خنق) الدولار .. د. بابكر محمد توم شرح بانبهار وأوفى .. د.محمد خير الزبير .. كل منهم كان يتغزل في صنيع الرجل ونجاحه في مواجهة ذلك التحدي الذي لطالما حيّر الخبراء وصُناع القرار وعطّل عقولهم خاصة خلال هذه الأيام النكدات.
في صباح يوم من أيام الربع الأخير من تسعينيات القرن الماضي ، وكنت وقتها أدير التلفزيون ، تلقيت اتصالاً هاتفياً من د. عبدالوهاب عثمان قال لي فيه : يا الطيب انتو في واحدة من شركاتكم قاعدة تشتري دولار .. كنا وقتها قد أنشأنا شركة قناة الخرطوم الدولية لنحارب بها الأطباق الفضائية (الدش) الذي أخذ ينتشر في تلك الأيام وكنا وقتها نرفع شعار (البديل لا العويل) الذي أطلقه استاذنا بروف علي شمو ونشأت بموجبه من خلال تلك الشركة خدمة الـ(mmds) التي تزود المشتركين بقنوات منتقاة بنظام المايكرو ويف عبر (ديكودر) يشترى من تلك الشركة التي كانت تحتاج إلى العملة الحرة لشراء الديكودرات.
هكذا كان عبدالوهاب ، رحمه الله ، ما اقتنع بهدف إلا وتجده يوظف كل وزارة المالية من أجله .. همة مدهشة كانت تحيل المستحيل إلى ممكن.
سكنت في حي الصافية بالخرطوم بحري بجوار مسجد المسرة لمدة ثمانية أشهر تقريباً ولما أعياني أن أتجاوزه في إدراك صلاة الفجر التي كنت أجد و(أكابس) وأتعب لكي ألحق الإقامة أو إحدى ركعتيها ، سألته يوما : (إنت بتجي الساعة كم؟) فصعقني بإجابة كشفت لي مقدار تفاهتي مقارنة بعباد الأسحار وناس الليل فقد قال لي إنه يأتي إلى المسجد في الثالثة صباحاً وأنه يقرأ ثلاثة أجزاء من القرآن كل يوم.
عاجلته بسؤال آخر قبل أن تغادرني الدهشة ..(طبعا بقيت تعمل كده بعد ما طلعت من وزارة المالية) فأجاب : (لم اتخل عن هذا البرنامج حتى أيام كنت وزيراً للمالية) أو كما قال.
نسيت أن أذكر أن د.عبدالوهاب كان من أول الذين اتصلوا بي ليعلنوا اقتناعهم بفكرة انفصال الجنوب عندما طرحتها عبر الصحف لأول مرة في عام 2004 وكان من بين ثلة مباركة من الأخيار اقتنعت بالفكرة وأخلصت لها وكنا نجتمع مساء كل أسبوع تقريباً ومن بين هؤلاء المرحوم الخلوق صاحب العطاء الوفير فتحي خليل المحامي والمرحوم حريكة عزالدين والمرحوم العميد عبدالرحمن فرح ومن الأحياء الفريق براهيم الرشيد وشيخ المصرفيين صلاح أبوالنجا وآخرين لن أكتب أسماءهم قبل أن أستأذنهم.
لذلك أجدني أردد في حضرة ذكرى عبدالوهاب عثمان قول الشاعر الفارس أبي فراس الحمداني:
سيذكرني قومي إذا جد جدهم وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
ألا رحم الله د.عبدالوهاب عثمان



assayha