الاجبار على تدريس الدين في المدارس بقلم د. أمل الكردفاني

الاجبار على تدريس الدين في المدارس بقلم د. أمل الكردفاني


11-06-2017, 03:21 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1509978094&rn=0


Post: #1
Title: الاجبار على تدريس الدين في المدارس بقلم د. أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 11-06-2017, 03:21 PM

02:21 PM November, 06 2017

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر





عندما كنا أطفالا ، كان هناك مقررا دراسيا رائعا للدين ؛ حيث يتخير أفضل قواعد وآداب السلوك الاسلامي ويبثها للأطفال.. أتذكر أنني كنت أحفظ الأحاديث المتعلقة بآداب الطعام كحديث (ماعاب رسول الله طعاما قط ، اذا اشتهاه أكله والا تركه) وحديث (كل بيمينك وكل مما يليك) ...الخ .
كان مقرر الدين سمحا ولينا وهاشا وباشرا ومبشرا ، وبوصول الاخوان المسلمين الى السلطة ، انقلب كل شيء ، وفي ذروة حرب الجنوب تم تغيير مقرر الدين تغييرا شاملا ، ليعبر عن وجهة نظر سيد قطب وحسن البنا ، بل والقاعدة وداعش ، لقد خرج جيلنا قبل وصوله الى هذه الحفرة وهو يفهم الدين فهما ميسرا بما فيه من لطائف ، واخرجت الانقاذ جيلا يفهم الدين سيفا وذبحا وقتلا وتدميرا وكراهية للآخر المختلف ، وهذه هي خطورة أدلجة السياسات التعليمية لتتفق مع اتجاهات الانظمة الحاكمة. ولذلك اصبح طبيعيا أن تظهر في مجتماعاتنا حالات التشدد عند صبية صغار مغرر بهم منذ نعومة أظافرهم ومؤدلجين عبر المقررات الدراسية المتطرفة ، وما ترتب على كل ذلك من جرائم قتل واغتيال وهروب الى سوريا والعراق وخلافه وظهور إرهابيين ينشرون ظلام عقولهم في الاسواق والمنتديات والشوارع تحت سمع وبصر النظام الذي يربيهم ليوم ذي مسغبة كما ربى الدعم السريع ليدفع عن نفسه غائلة المقاومة المسلحة وليغتال به المتظاهرين كما حدث في سبتمبر المجيد.
تجربة الانقاذ هذه مفيدة جدا لنا مستقبلا ، لأننا أدركنا الآن وعبر بيان بالعمل أن كل منظومة ايدولوجية تستطيع ان تستغل التعليم لبث ايدولوجيتها اذا بلغت السلطة ، مع ملاحظة أننا حينما نتحدث عن الدين فنحن في الواقع نتحدث عن اتجاهات متعارضة لا تحمل اطلاق تمثيلها للدين مادامت لا تتلقى وحيا مباشرا من الله، نتحدث عن شيعة وسنة.. عن اشعريين وسلفيين ووهابيين وانصار سنة وصوفيين واسماعيليين واخوان مسلمين وداعشيين ..الخ ، فاذا تولى أي من هؤلاء السلطة استخدم التعليم لبث منهجه وغسل عقول الأطفال والناشئة بمفاهيمه هذه سواء كانت مرنة او صلبة وسواء كانت راديكالية ام نسبية ، دون أن يتمكن الآباء من ايقاف هذا الغسل ودون ان يتمكنوا من منع أبنائهم من تلقي هذه المذاهب جبرا وقسرا لأنهم ملزمون بها في آخر العام الدراسي بالامتحان فيها.
لقد نصت المادة 4/18 من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية على الآتي:(تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الآباء، أو الأوصياء عند وجودهم، في تأمين تربية أولادهم دينيا وخلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة).
أي ان فرض تدريس مقرر ديني معبر عن السلطة الحاكمة ، والزام الطلاب به ، يعني اقصاء مباشرا لحقوق الآباء في تعليم ابنائهم وفق مذاهبهم وقناعاتهم الدينية الخاصة . ولذلك فهذه المادة تشير بوضوح الى عدم تحمل أي نظام حاكم لهذه المسؤولية لأنها ليست ملقاة على عاتقه من ناحية ومن ناحية أخرى لأنه لا يملك وصاية على فرض مذهبه ومنهجه على الآباء من خلال الأبناء . وعليه فإن فرض مقررات الدين (المؤدلجة) أمر يخالف هذه المادة ومن ثم يخالف الدستور الذي يتبنى هذا العهد ، ومن ناحية يخالف حرية الافراد والمجتمعات في حماية مذاهبهم وعقائدهم من تغول السلطة المسيطرة عليها.
إن الغاء الدراسة الالزامية الجبرية للدين في المدارس هي حماية للجميع من الجميع ، حماية من فرض مذاهب واقصاء اخرى ، واذا كان البعض يتساءل عن البديل ، فالبديل هو ان تنشأ مدارس دينية تعلن عن مذهبها الديني ليتخير الآباء منها ما يتفق وعقائدهم لأبنائهم .. ليؤكد ذلك دولة المواطنة والحقوق والحريات.