إيلا بين الإنجاز والإخفاق بقلم الطيب مصطفى

إيلا بين الإنجاز والإخفاق بقلم الطيب مصطفى


11-05-2017, 04:22 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1509895343&rn=0


Post: #1
Title: إيلا بين الإنجاز والإخفاق بقلم الطيب مصطفى
Author: الطيب مصطفى
Date: 11-05-2017, 04:22 PM

03:22 PM November, 05 2017

سودانيز اون لاين
الطيب مصطفى -الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


رسالة خاصة رقيقة تلقيتها من الأستاذ ضياء الدين بلال دعاني فيها إلى الاستماع إلى الطرف الآخر في الخلاف المحتدِم في ولاية الجزيرة بين الوالي إيلا والمجلس التشريعي وإلى المقارنة بين حال الولاية اليوم وحالها بالأمس، كما طلب مني أن أسأل المواطن البسيط، وكأن الأخ ضياء أجرى استطلاعاً علمياً دقيقاً أكد له انحياز مواطني الولاية بكل محلياتها وأريافها لصديقه إيلا وهو ما لم يحدث، وها أنذا عبر هذه السطور أطلب من ضياء أن يفعل ما يُطالبني به.
أعلم ما تفعله عين الرضا التي ربما لا ترى في السم الزعاف إلا منّاً وسلوى كما لا ترى في الإعصار الكاسح إلا نسمة حانية.
لا أرى في رسالة الأخ ضياء خطأ البتة إلا تجاهله لأمر في غاية الأهمية يرفض أن يتناوله الآن بالرغم من أنه وأننا ظللنا ندندن حوله آناء الليل وأطراف النهار يتمثّل في (قدسية) سيادة حكم القانون بل والدستور الذي نتّفق جميعاً أنه أبو القوانين.
ألا تعلم أخي ضياء أن كل الحوار الذي ابتدره رئيس الجمهورية والذي عكفنا عليه سنوات ولا نزال نجتهد في سبيل وضع مخرجاته موضع التنفيذ لا يستهدف إلا شيئاً واحداً هو الإصلاح السياسي الشامل الذي يعتبر الفصل التام بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية من أهم ركائزه؟!
بالله عليك يا ضياء.. ماذا ترى في احتكار إيلا للسلطات الثلاث: التنفيذية التي تملك المال، والسياسية التي (تملك) الحزب وتُعيّن من يتولون رئاسة اللجان التشريعية حتى تنصاع له تماماً وتُؤيد أو تصمت بدلاً من ممارسة دورها الرقابي بحرية كاملة، ثم السلطة التشريعية المنتخَبة التي يطلب إيلا (بعظمة لسانه)، وعلى رؤوس الأشهاد، من مؤيديه أن يحتلوا مقرها ويوقِفوا عملها إلى أن تُحل وتًطرد في اعتداء صارخ على الدستور الذي أقسم إيلا على احترامه والتقيُّد به والذي منح السلطة التشريعية دوراً لا يقوم الحكم الراشد إلا به بل جعلها رقيباً على السلطة التنفيذية التي يرأسها إيلا؟! ألا ترى في ذلك طُغياناً واستبداداً وهل من طغيان أكبر من طرد برلمانيين منتخبين لمجرد أنهم اختلفوا مع إيلا ورأوا بأعينهم التي يطالبهم بفقئها لا بعينه التي ترى النجوم في النهار القائظ؟!
أظن أنك تعلم أن النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس الوزراء بكري حسن صالح أمضى خلال الأسبوع قبل الماضي، بصبر جميل، ثلاثة أيام في المجلس الوطني يستمع إلى أعضاء البرلمان الذين قال بعضهم في خطابه ما لم يقُل مالك في الخمر .
لماذا (يتفرعَن) إيلا على الدستور وعلى المجلس التشريعي بينما ينصاع له رئيس الوزراء القومي بكري في تواضع يقتضيه موقعه الدستوري ويحمله عليه خلُقه الرفيع سيما وقد أقسم على احترامه والعمل بمقتضاه؟!
لماذا أخي ضياء وقد عهدتك وقّافاً على المبادئ ولستَ سطحياً مثل جارِك الذي يتلوَّن كالحرباء ويتقلَّب كما الليل والنهار ويهرف بما لا يعرف ويخبط كما العشواء - (لا أعني البوني) !- أقول لماذا تتجاهل هذه الحقائق الساطعة أخي ضياء التي تعلمها علم اليقين؟! لماذا تتجاهل الدستور الذي وطأه إيلا برجليه رغم القسم المغلظ وتقدّم النوافل على الفرائض والصغائر على الكبائر؟!
ألستَ مقتنعاً بحكمة اللورد أكتون الذهبية التي باتت من الركائز التي رسخت المسار الديمقراطي والحكم الراشد.. إن (السلطة المطلقة مفسدة مطلقة)؟!
كل حجّتكم وأنتم تُدافعون عن إيلا إنه قدّم بعض الإنجازات.
دعنا نُسلّم أنه أنجز وأقام بعض البنيات خاصة الشوارع والانترلوك الذي ظلّ يحبه حباً جماً منذ أيام ولايته على البحر الأحمر، لكن ألم يرتكب إيلا رغم ذلك إخفاقات كبرى ملأت - أو كادت- أضابير المراجع العام الذي رصَد مخالفات تجاوزت في عام واحد (72) مليار جنيه (بالقديم)؟ ألم ينتقِد المراجع العام عدم طرح العطاءات للمنافسة تجنُّباً للفساد الذي ينتج عن هذه المخالفة الخطيرة؟!
هل تعلم أن البرلمان القومي كوّن لجنة، أتشرف بعضويتها، تنعقد بصورة مستمرة منذ أشهر بحضور الوزراء حول المخالفات التي رصدها المراجع العام؟!
ماذا عن النقد الموجّه لحكومة إيلا التي تهتم بالانترلوك على حساب خدمات التعليم والصحة والمياه؟ ماذا عن فضيحة (لم ينجح أحد) التي تفجّرت في العام الماضي في مدرسة أولاد يس للأساس بمحلية جنوب الجزيرة التي كشفت عن أن المدرسة كان بها ثلاثة معلمين يقومون بتدريس 480 تلميذاً وحتى المعلمين الثلاثة استقال منهم اثنان وبقي واحد مع بيئة طاردة في الإجلاس والكتاب المدرسي وكذلك مدرسة الشقلة بابكر القريبة منها والتي نجح منها تلميذ واحد وتلميذة.
أيها أهم لبلاد وشعب ينشد النهضة والتقدُّم، خدمات التعليم وبناء العقول والصحة والماء والكهرباء وغيرها أم الشوارع والانترلوك؟!
ألا تحتاج تلك الإخفاقات وغيرها لمجلس تشريعي يرصد ويراقب ويصحح ويسائل؟ ألا تحتاج إلى لجنة من المجلس التشريعي على غرار لجنة البرلمان القومي التي تدقِّق هذه الأيام في الصغيرة والكبيرة وتتابع إنفاذ توصيات المراجع العام؟!
أختم بالقول إن على المؤتمر الوطني أن يعلم أن التاريخ يرقب ويسجّل وستكون كارثة كبرى أن يقر إيلا على أخطائه الكبرى المتمثلة في طغيانه وتطاوُله على الدستور واحتقاره للمجلس التشريعي المنتخب وللنواب ونحن بين يدي مرحلة تاريخية تسعى للإصلاح السياسي الذي يُعلي من حكم الدستور والقانون والفصل بين السلطات الثلاث وتعظيم المؤسسية عوضاً عن حكم الفرد.
يحتاج إيلا إلى أن يتواضع قليلاً ويتخلى عن غرور تلبّسه خلال السنوات الأخيرة بلغ درجة أن يسافر في العيد الفائت إلى ولايته السابقة (البحر الأحمر) ليعترض على بعض قرارات واليها الحالي ويؤلِّب عليه في خطب نارية بعض التجمعات القبلية!
يحتاج إلى أن يعلم أن فرعونية (ما أريكم إلا ما أرى) التي تعتبر الناس حتى لو كانوا قيادات منتخبة مجرد قطعان من الضأن لن تفرز غير التغابن والتمزّق والاحتراب فضلاً عن التخلّف والفشل.
ليت إيلا يعتذر ويتَّعظ فالرجوع إلى الحق فضيلة وليت الطرفين يتصالحان ليُنْهِيا المشكلة بتوافق يلتقي فيه الطرفان على منطقة وسطى تقر المؤسسية وتحفظ للمجلس التشريعي وأعضائه مكانتهم وكرامتهم.



assayha