Post: #1
Title: صدى الصوت !! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 10-18-2017, 01:56 PM
12:56 PM October, 18 2017 سودانيز اون لاين صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر
*لدي حنين جارف نحو الأمكنة الحنينة.. *نعم؛ فالأمكنة قد تكون ذات أُلفة نحوك... أو جفوة... أو لا مبالاة.. *أو أنت الذي تكون أليفاً تجاهها...أو مجافياً...أو محايداً.. *وربما يكمن سر هذه الأحاسيس المتبادلة في ذكريات بعينها... حلوها ومرها.. *وذلك بافتراض- يقرب إلى الظن عندي- أن للأمكنة مشاعر.. *ومن هذه الأمكنة- وهي عديدة- بلدة الخندق الأثرية بشمالنا النوبي.. *وأعظم أثر فيها هو قلعة (قيلي قيلي)... وتعني أحمر في أحمر.. *وأعظم ملوكها هو الملك بشير... الذي سُميت البلدة باسمه.. *وهو جد كاتب هذه السطور... وجد الشاعر النوبي المعتق عبد الإله زمراوي.. *وكذلك جد الهرم النوبي محمد وردي... من جهة أمه.. *وقبل أيام كاد أحد أبنائها ذوي الحنان يبكي أمامي وهو يذكر حنان الخندق.. *ويذكر تحديداً الذي كتبته في كلمة سابقة عن (سر الصوت).. *وقال إن ذكرياتي الخاصة بتلكم الأيام ذكرته بمكان تسامرهم الشبابي... زمان.. *وهو المكان ذاته الذي يأتي منه الصوت... وصاحبه.. *وإلى الآن لا أحد يدري (من)...أو (ما)... كان صاحب ذاك الصوت المخيف.. *فربما كان بشراً...أو حيواناً...أو ريحاً...أو (روحاً).. *ومفردة (روح) هذه نختزل بها العديد من تفسيرات الناس الغيبية لمصدر الصوت.. *ولكن محدثي لم يجد الصوت عند زيارته الخندق... حديثاً.. *وهو قريبي أحمد مهدي سلمان... ابن شيخ المنطقة... وأحد سمَّار (المكان).. *والمكان هو أسفل الاستراحة الشامخة... حيث يمر الصوت.. *يمر من الطريق الجانبي المحاذي لها... وتطل هي على الطريق الرئيسي.. *وتطل كذلك على البلدة...وجزيرتها...ونيلها...وسحرها.. *قال إن كلمتي تلك جعلته يحرص على زيارة (المكان)... من بين بقية الأمكنة.. *فاستشعر المكان... والزمان... والسمر... والصوت.. *استشعر صدى كل ذلكم؛ فاعتصر الحنين قلبه... وعقله... ودموعه.. *فالمكان الذي كان ذا حنين حاضر صار ذا ماضٍ حنين.. *وحتى الصوت ما عاد له وجود... وما عاد المكان هو الذي (ما زي بقية الأمكنة).. *وكأنما الصوت استوحش المكان بعد هجرة الناس... فهاجر.. *وما دفع الناس إلى هجرة بلدتهم أنها فقدت ما كان يميزها... ويمثل مصدر دخلها.. *وهو موقعها كمركز تجاري يربط بين مناطق عدة.. *من مصر شمالاً وحتى كوستي جنوباً والفاشر غرباً... ومن أحياء الخندق (الفاشر).. *ولكن البعض يسعى جاهداً الآن لإعادة البلدة سيرتها الأولى.. *وذلك باستبدال مركز تميزها السابق إلى مركز تميز سياحي... وآخر زراعي.. *ومنهم أحمد الذي زارها للبحث عن حاضرها.. *فإذا به يقع أسير ماضيها؛ ويفتقد الضحكات... والهمسات... وفرح الصباحات.. *ويفتقد حتى الصوت الذي كان يخشاه الجميع... ليلاً.. *يخشاه الناس... والحيوان... والطير... وأمواج النيل التي تتكسر فرقاً على الشاطئ.. *فربما كان يصلح هو ذاته لأن يكون (أثراً) سياحياً.. *ولكن لم يبق الآن سوى (صداه !!!).
assayha
|
|