أرصفة التباكي ..!! بقلم الطاهر ساتي

أرصفة التباكي ..!! بقلم الطاهر ساتي


09-28-2017, 08:17 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1506626234&rn=0


Post: #1
Title: أرصفة التباكي ..!! بقلم الطاهر ساتي
Author: الطاهر ساتي
Date: 09-28-2017, 08:17 PM

07:17 PM September, 28 2017

سودانيز اون لاين
الطاهر ساتي -الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


:: 30 إبريل 2014، كان المؤتمر الصحفي حول المؤتمر الأول لطب الأسرة، ولكن نزيف العقول كان يَزعج الناس والبلد ، ولذلك سأل مناديب الصحف وزير الصحة بولاية الخرطوم مأمون حميدة عن مخاطر هجرة الأطباء، وقد إرتفعت نسبتها لحد اللامعقول، فقال بالنص الموثق في الصحف وأجهزة التسجيل : (ما عندنا مشكلة مع الناس المشوا، حيجوا ناس غيرهم) ، وكان هذا التصريح صادماً..وبهذا النهج - غير المبالي - أوجدوا في نفوس الأطباء إحساس أنهم غير مرغوب فيهم، وأن الدولة غير مستعدة لإزالة مناخ الهجرة.. فهاجروا أفواجاً تلو الأخرى .. !!
:: ثم تأتي وزارة الصحة الاتحادية - يوم الثلاثاء الفائت - وتعقد مؤتمرها الصحفي، بحيث يكون الخبر بالنص : (أقرت وزارة الصحة بوجود نقص كوادر في القطاع الصحي بسبب هجرة الأطباء، وأكدت أن الهجرة ما زالت مستمرة رغم المعالجات التي لجأت إليها برفع حوافز الأطباء الذين يعملون بالتنقلات إلى الولايات للحد من الهجرة، وأكد وكيل وزارة الصحة عصام عبد الله أن وزارته أدخلت كافة العاملين في المهن الطبية وتخصيص حوافز لهم في سبيل توفير بيئة عمل جاذبة تشجعهم على عدم الهجرة)..!!
:: ما تتباكى عليه وزارة الصحة الاتحادية هو بعض من حصاد (نزيف العقول)..هجرة الكفاءات والخبرات من جامعات ومشافي بلادنا هي التي أثمرت ما أسماه وكيل الوزارة بالنقص .. وأثار هجرة الأطباء - على المشافي - لاتخطئها عين.. وقبل الوكيل عصام، وكمن يبكي على سوبا بعد خرابها، بكى المجلس القومي للتخصصات الطبية أيضاً على هجرة الاطباء ووصف آثارها بالسالبة علي الخدمات الصحية.. وكل هذا ليس إكتشافاً لما كان مجهولاً، ولم تكن نتائج هجرة الأطباء وآثارها خافية حتى على (الأميين)، وناهيكم عن المسؤولين، أوكما نصفهم ..!!
:: فلرصد يؤكد أن أكثر من (60%) من أطباء السودان يعملون بالخارج.. ولكن المزعج أن واقع الحال بالمشافي يشير إلى أن المتبقي من تلك النسبة - 40% - يتأهب ليلتحق بالسابقين، وهذا ما لم ولن تنتبه إليه السلطات .. وآثار هذا النزيف لاتجفف المشافي والجامعات من الكفاءات فحسب، بل تُفقد البلاد إستثماراً مالياً ضخماً يتمثل في الصرف على تعليم وتدريب وتأهيل هذا الكادر المهاجر بحثاً عن ( مناخ العمل).. لقد كسبت دول المهجر عمالة مدربة ومؤهلة لم تصرف عليها (جنيهاً)، أي صرف عليها شعبنا من موارده المحدودة ..!!
:: نعم هناك أطباء وكوادر طبية مساعدة خارج دائرة العمل، ولكن هذه الفئة غير مستفيدة من الهجرة لإفتقارها لشرط الخبرة.. ولذلك، فان حديث مأمون حميدة بأن في البلاد فائض عمالة لا يتأثر بالهجرة كان نوع من ( دفن الرأس في الرمال).. واليوم، بدلاً عن التباكي في المؤتمرات الصحفية، راجعوا أسباب الهجرة و عوامل المناخ الطارد .. تدني الراتب، ضعف فرص التطوير والتأهيل ، بئية العمل من حيث المكان والمعدات والوسائل، وضعف الإستيعاب.. هي عوامل المناخ الطارد للأطباء ..!!
:: فالطبيب يهاجر مكرهاً، وليس حباً في الهجرة، ولا هًياماً للمال..ولو وجدوا مناخ العمل لما هاجروا، ولكنهم لم يجدوه .. والمؤسف أن تكتفي السلطات بالجلوس على (أرصفة التباكي)، ولاتكفاح أسباب الهجرة ثم تخلق موازنة ما بين الهجرة والوفرة.. كان يجب الإقتداء بتجارب الدول التي تستثمر في انتاج وتصدير الكفاءة، كما الفلبين في مجال تصدير كوادر التمريض.. تجارب الفلبين سبقتها خطط توازن ما بين (التصدير) و(الإنتاج)..ولكن هنا، في موطن اللا تخطيط، سوف يتواصل التصدير إلى أن يطفئ آخر طبيب أنوار ( صالة المغادرة)..!!