تأملات في بالوعات حكومية .. !! - بقلم هيثم الفضل

تأملات في بالوعات حكومية .. !! - بقلم هيثم الفضل


09-24-2017, 00:29 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1506209373&rn=0


Post: #1
Title: تأملات في بالوعات حكومية .. !! - بقلم هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 09-24-2017, 00:29 AM

11:29 PM September, 24 2017

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر

سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة

الخميس الماضي وبعد الثانية عشر مساءاً وقد كنت عائداً من زيارة عائلية ، قررتُ فجأة أن أترجل من عربتي لأمشي 45 دقيقة على رصيف شارع الستين ، لزوم تخفيف الوزن وتخفيض مستوى السكري في الدم ، وكعادتي بدأت الأمر متحمساً لمدة عشر دقائق ، ثم جاءتني على الهاتف رسالة نصية ، ونسبة للتوقيت المتأخر خفتُ أن تحتوي الرسالة خبراً مهماً أو عاجلاً ، فلم أتردد وأخرجت هاتفي وبدأت في قراءة الرسالة ، وأنا مُتشبث بالهاتف وإتلَّفت يُمنةً ويسرى خوفاً من أن يحدث لي ما أسمعه من الناس بخصوص ظاهرة خطف الموبايلات بالدراجات البخارية ، غير أن المصيبة والمفاجأة باغتتني وجاءتني من إتجاه آخر لم أكن أتوقعه ولم يخطر لي على بال ، حيث زُلت قدمي فجأة ووقعت في بالوعة الصرف الموجودة على جانب الطريق والتي كانت بلا غطاء ولا يقل ضلع مربعها عن المتر والنصف ، حيث كانت بحمد الله مقاسي بالضبط (XXL) ، وظللت مُعلَّقاً بسواعدي ولا يظهر من جسدي غير الرأس والأكتاف لدقائق فكرتُ فيها ملياً في الإستسلام والنزول إلى قاع الحفرة المليئة بالمياه الراكدة والقاذورات والطحالب والفئران ، إلى أن كتب الله الفرج في اللحظة الأخيرة ، حيث لاحظ سائق رقشة وعربة أخرى ما حدث من بعيد فوقفوا جزاهم الله خيراً وإنتشلوني من هذا المطب الذي لا أظنه الأخير في مطبات الإهمال والإستهتار والفساد الإداري والفني الذي تغوص فيه محلية الخرطوم ووزارة الطرق والبنى التحتية إلى أخمص قدميها ، المهم خرجت من الحادث المذكور أعلاه بكدمات وتمزق عضلي ألزمني الفراش يومين ، وما زالت أعاني من الآثار الناجمة عن ذلك ، ثم خرجت من ذلك الموقف أيضاً بأن الإنسان سيظل دوماً عُرضةً على الدوام لما يسطَّره القدر ، وأنك مهما بلغت من الزهو والإعجاب بالذات فإن الدنيا بتصريفها يمكن أن تستصغر شموخك وكبرياءك و(تمرِّغ أنفك في حفرة مليئة بالقاذورات) لا فرق في ذلك بين كبير وصغير وغني وفقير وصاحب هيبة أو وضيع ، صدقوني إن الإحساس بالحوجة إلى المساندة والمساعدة من الآخرين هو أقرب طريق للإيمان بفكرة المساواة والتعاضد الإنساني والوطني ، وهي لحظة لا يستطيع أن يبلغ الإنسان مقامها الحقيقي ، إلا حين يعجز كُلياً عن تقديم شيء لنفسه على مستوى ما يصيبه من مصاعب معنوية ومادية وجسدية ، الغريبة أن شارع الستين وحسب ملاحظاتي الشخصية توجد به إرتكازات أمنية مُتعدِّدة على طول الشارع ، عبارة عن عربة دورية تعُج بالعساكر ، ورغماً عن هذا فإن معظم بالوعات ومنهولات هذا الشارع ذو الأربع مسارات بلا أغطية وقد تمت سرقتها رغم ثقل وزنها ، مما يُعرِّض المارة والمركبات لمخاطر جمة أقلها الإصابة بالكسور جراء الوقوع فيها ، يا أيهما المسئولون عن هذه (المآزق والمآسي) الإضافية الإستثنائية في حكومة (السجم و الرماد) .. بعد أن كسرتم حقنا في العيش الرخي والكريم ورفعتم دعمكم عن الإستشفاء والدواء والوقود وغاز الطعام وأغلقتم أبواب الرزق الحلال إلا عبر بوابة التمكين المقيتة .. أغلقوا بالوعاتكم الآسنة وأرحمونا من إنكسار الذات والخاطر والعظام .