البحث عن أبي..!! بقلم عبدالباقي الظافر

البحث عن أبي..!! بقلم عبدالباقي الظافر


09-23-2017, 04:17 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1506179835&rn=0


Post: #1
Title: البحث عن أبي..!! بقلم عبدالباقي الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 09-23-2017, 04:17 PM

03:17 PM September, 23 2017

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


قبض أبي على كفي بكلتا يديه ثم باقصي ما يملك من قوة جذبني للفراش الطبي الذي احتواه لثلاث ليال.. بت قريباً منه.. همس في أذني لا تعش وحيداً يا زهير ثم كن حذراً.. انهمرت دموعي ولم أتمكن من الرد.. فهمت رسالته بأنه يريد مني التعجيل بالزواج.. حينما حاولت الإفلات من قبضته أوجز رسالته " سنجد التفاصيل مع عمك أزهري".. كان عم أزهري صديقاً مقرباً لأبي.. كنت أظن في طفولتي أنه شقيق والدي الأصغر بسبب تواجده الدائم في حياتنا.. تركت أبي في غرفة الإنعاش .. لم أتمكن من النظر إليه وهو بهذا الضعف.
كان أبي دائماً رجلاً قوياً.. جاء من صعيد مصر ليعمل في سوق أم درمان .. في دكان جدي بسوق العيش، بدأت حكايته معنا.. كان فخوراً بأنه ابتدأ المشوار كحمّال في كان جدي .. لم يمضِ وقتاً طويلاً حتى اكتشف إبراهيم الحلبي أن أهل السوق يحتاجون بعض الأشياء الصغيرة.. مثل حبل أو صندوق سجائر .. استأذن جدي وافتتح طبلية أمام الدكان.. كان يمارس عمله كالمعتاد في العتالة حتى يظهر زبون أمام الطاولة الحديدية الصغيرة.. مثل كل الاشياء تبدو صغيرة ثم تنتهي إلى كبيرة .. طبلية الحلبي تحولت إلى دكان.. حينما تأكد جدي من شطارة الشاب مفتول العضلات حتى شاركه في تجارة الذرة والقمح.. الشراكة تحولت إلى مصاهرة وتزوج أبي من أمي التي توفي زوجها الأول قبل أن تنجب منه ذرية.
كنت دائماً استشعر أمراً غريباً في أبي.. لم يظهر يوماَ في حياتنا أحد من أقاربه.. كان يبدو وحيداً في هذه الدنيا.. سألت أمي عن عائلة أبي .. سردت لي قصة أبي مع جدي وأخبرتني أن أهل والدي يعيشون في مجاهل الصحراء في صعيد مصر.. أمي لم تكن مهتمة في الغوص في التفاصيل وعينها على ثروة أبي.. حينما ولجتُ كلية الطب بدأت مهتماً بصعيد مصر .. فكرت أكثر من مرة في السفر إلى هناك بحثاً عن حذور والدي .. ذاك الاهتمام أقلق أبي.. بات في نظري كرجل غامض يخفي سراً.. شغلتني الدنيا ونسيت حكاية العودة للجذور .. بدوت قلقاً .. ها هو أبي يكاد يودع الدنيا دون أن أتمكن من تفكيك اللغز.
لم أنم في تلك الليلة وأنا أتمدد على مجموعة متلاصقة من كراسي الجلوس في استقبال المستشفى.. ماذا إذا مات أبي ودفن السر معه؟.. طاف بعقلي طيف من حبيبتي شاهندا.. ربما يصر أهلها على معرفة خلفياتنا الأسرية.. لن يكفي اسم جدي الطيب أبو حراز .. في مثل هذه المناسبات، هنالك أسئلة محرجة ولكن تحتاج إلى إجابات.. جاءني هاجس غريب هل يمكن أن يكون أبي مجهول النسب؟.. استغفرت الله من سوء الظن الذي حسبته من باب الجحود لرجل سخر كل حياته ليسعدني وأمي.. بني لنا ثروة عظيمة.. عقارات وسيارات وأموال.. هذا يكفي.. لماذا أريد أن أحاسب والدي على ماضٍ بعيد لست ملماً بتفاصيله.
قبل الفجر جاني الخبر.. مات والدي.. في تلك اللحظة كنت أبحث عن عمي أزهري.. تعجلت في معرفة السر.. كلما قابلت الرجل رأيته يتحاشى النظر في وجهي.. في اليوم الثالث وبعد أن انفض المعزون أغلقت الأبواب على عمي أزهري.. كان متأهباً للمواجهة.. لم يتحدث أخرج مظروفاً كبيراً.. ببعض للحزن أخبرني المرحوم أنه هارب من حكم بالمؤبد صدر بحقه في أسيوط.. اشترك في تدبير حادث ثأر الصعيد.. ثم أردف لديك شقيقتين في أسوان.. إن تسربت هذه المعلومة ربما تكون أنت المستهدف.. عائلات الصعيد لا تترك ثأرها.. رغم الخطر شعرت بفرح غامر.. أخيراً وجدت جذور أبي.



assayha