الهجرة..قِيَمٌ نفتقدها بقلم الكاتب مصعب محجوب الماجدي

الهجرة..قِيَمٌ نفتقدها بقلم الكاتب مصعب محجوب الماجدي


09-22-2017, 02:28 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1506086891&rn=0


Post: #1
Title: الهجرة..قِيَمٌ نفتقدها بقلم الكاتب مصعب محجوب الماجدي
Author: مصعب محجوب الماجدي
Date: 09-22-2017, 02:28 PM

01:28 PM September, 22 2017

سودانيز اون لاين
مصعب محجوب الماجدي-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر





ليلٌ مدلهم يكسو رُبا مكة وأوديتها، زادت ظلمته تلك الجبال التي تطوقها،
وصناديد من أشجع قبائل العرب يطوقون بيتاً متواضعاً هو خزانة أماناتهم ونفائس
ممتلكاتهم، ومن عجب تواطئوا على قتل من يسمونه بـ"الأمين" سليل هاشم سيد مكة و
ريحانة الدوحة الإبراهيمية الحنيفية. في عتمة هذه الظلمات يخرج عليهم ويحثوا
التراب على رؤوسهم ويغادر موطنه ومأوى اجداده وعشيرته ويقف على ربوة من رباها
مودعاً:"والله إنك لأحب البلاد إليَّ، ولولا أن أهلك أخرجوني لما خرجت" تحمله
القصواء معتجراً بالبُرد، متلثماً متخفياً عن الأعين. برفقته صاحبه يرافقه في
صحراء تباعدت مسالكها وتشعبت سبلها ولكن الخبير بصير و الى الله نِعم المسير.
وأموا غار "ثور" وأقاما به ثلاثة أيام وفارقاه مسافرين لـ" يثرب" حيث وعده
أهلها بالنصرة، وفي الطريق يعترضهم "سراقة" ممنياً نفسه بالظفر بإبل أخرجها
أهل مكة جائزة لمن يجد "محمداً" حياً أو ميتاً، فيقول الرسول محمد صلى الله
عليه وسلم مخاطباً الأرض: "يا أرض خذيه" فتبتلع الأرض قوائم فرسه، عندها يطلب
سراقة الأمان، فيعده الرسول بأنه سيلبس سوار "كسرى" ومن عجب يصدِّق سراقة
الخبر ويرجع وقد وعده هذا الذي يهاجر سراً ويسعى قومه في طلبه ببشارة لو علمها
صناديد قريش لجالدوه عليها بالسيوف.
ويمران في طريقهما بوادي "قديد" الذي يبعد عن مكة بنحو 150 كلم فتتراءى
أمامهم خيمة بدوية فيطلبون من ساكنتها ،إبتياع لبن أو لحم، فتجيبهم "أم معبد"
بأن ليس معها غير شاة عجفاء أقعدها الهزال عن المسير للمرعى، فيستأذنها الرسول
صلى الله عليه وسلم في حلبها فيتدفق ضرعها لبناً تركا مازاد عن حاجتهم منه في
إنائه وغادرا.
وفي يوم الأثنين تتمايل ذؤابات نخيل يثرب فرحاً وتبتهج سماءها وتتعالى ضربات
الدفوف حمداً وشكراً ويطلع عليهم البدر المنير وصاحبه الصديق، على نجيبتين
ضامرتين خبرتا دروب الصحراء و وعورتها. يستقبلهم الأنصار بالفرح والدموع
والحمد والشكر والتكبير والتهليل وهم ينشدون:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا مادعى لله داع. وكل منهم يُمنِّي نفسه أن ينزل بداره هذا
الركب الميمون فيقول لهم الزائر الحبيب لنفوسهم: "المرء مع رحله" وكان الفائز
بضيافتهما "ابو ايوب الأنصاري".
و بالمدينة المنورة - التي سماها بهذا يوم ان دخلها - يؤسس دولته و يربي
مجتمعها علي التسامح والتعايش السلمي القائم على إحترام الآخر.

*دروس* *مستقاة* *من* *الهجرة**: -*
1/الصبر على ظلم أولي القربى والأهل والقبيلة ومسايرتهم بالحسنى و الخلق
الجميل والحفاظ على أمنهم وأماناتهم وإن إختلف المعتقَد.
2/ العفو والصفح عن المعتدي و الرأفة عليه إن جنح للسلم وعدم نقض عهده.
3/المؤاخاة بين أفراد المجتمع على ومراعاة المصلحة العامة للدولة وحمايتها من
كافة افراد الشعب.
4/العدالة هي أساس الحكم من غير مراعاة للمعتقد الديني أو اللون أو العرق.
5/تواضع القائد مع رعيته ومواساتهم في السراء والضراء والسعي في حاجاتهم
والحفاظ على تكاتف المجتمع وبنيته.
6/ لا إكراه في الدين ولا تكفير ولا تطرف ولا تعصب ولاتشدد.
7/الناس سواسية، وللمواثيق حرمتها وللمعاهدات قدسيتها.
لكل أمة تاريخ تفخر به و تختال بذكره وتستنطقه كلما عادت ذكرى تبعث الأمل في
نفوسهم و تذكي فيهم روح المجد ويفوح من عبيقها أريجٌ يضمخ الحياة.