كسلا وشهد بقلم كمال الهِدي

كسلا وشهد بقلم كمال الهِدي


09-16-2017, 03:42 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1505572933&rn=1


Post: #1
Title: كسلا وشهد بقلم كمال الهِدي
Author: كمال الهدي
Date: 09-16-2017, 03:42 PM
Parent: #0

02:42 PM September, 16 2017

سودانيز اون لاين
كمال الهدي-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر

تأمُلات


[email protected]
تابعت قبل أيام حلقة برنامج "البصمة" التي استضافت فيها المذيعة شهد المهندس الدكتور محمد حسين كسلا.
وقبل الخوض في موضوع الحلقة لابد من توجيه شكر للأخ شهاب مصطفى كامل وبقية الزملاء بصفحة الهلال على الفيس بوك على جدهم المُقدر.
فقد فاتتني الحلقة يوم بثها على قناة سودانية 24، لكن أثناء تصفحي لصفحة الهلال بعد ذلك بأيام وجدتها كاملة عندهم.
أعود لحلقة البصمة بالقول أنني لم أكن اطلاقاً من المعجبين بشهد المذيعة قبل هذه الحلقة.
لكن باستثناء بعض الهنات القليلة جداً – سأعرج عليها لاحقاً- فقد أعجبتني طريقة إدارتها للحوار مع الدكتور كسلا.
والعبارة أعلاه تقودنا إلى فكرة العلاقة المتبادلة بين المُحاور والضيف.
معلوم طبعاً أن المُحاور يلهم ضيفه ويفتح شهيته للكلام المفيد عبر طرح الأسئلة العميقة وطريقة التقديم التي لا تشتت تركيزه, والكف عن الثرثرة الفارغة وطرح والسؤال وتقديم نصف إجابته قبل أن يقول الضيف شيئاً.
وهناك الكثير من حالات لمقدمين يأتون بضيوف أجلاء يملكون الكثير مما يمكن قوله، لكن ضعف مهارة محاوريهم غالباً ما تفسد الحوارات وتخرجها فطيرة.
أما بعض الضيوف وبما يملكونه من مهارات تواصل بجانب المعلومات والتجارب الثرة يستطيعون أن يقودوا دفة الحوار دون أن نشعر.
والدكتور كسلا قطعاً أحد هؤلاء.
فقد بدا الرجل كعادته مرتباً ولبقاً وقادراً على السرد الشيق.
أجمل ما في شهد هذه الحلقة هو أنها أعدت نفسها لها جيداً، عبر قراءة كتاب كسلا " محطات في حياتي".
ومعروف أن عدم الإعداد للحلقات التلفزيونية واحداً من أكبر جوانب قصور مذيعاتنا ومذيعينا.
فكثيراً ما تابعنا مذيعات يخطئن حتى في أسماء الضيوف الذين يستضيفونهن.
أما شهد فقد قرأت وأعدت نفسها بصورة معقولة فيما يبدو، لذلك تمكنت من ( تشغيل) مفاتيح ضيفها بطريقة جعلته يسرد وهو مرتاح ودون مقاطعات ( مشاترة) وبمفردات تنم عن جهل المذيعة بموضوع حلقته، مثلما تفعل أخريات مع ضيوفهن.
وفي هذه الجزئية لا يفوتني ذكر حقيقة أن شهد نفسه (تلخبطت) في اسم الدكتور ذات مرة لتقول له حسين عوضاً عن محمد، لكنها استدركت ذلك سريعاً ولم تقع في الخطأ مجدداً.
من الهنات التي وقعت فيها شهد خلال هذه الحلقة أيضاً عدم امتلاكها لأدوات الإبداع في طرح بعض الأسئلة التي تأسست على معلومات طالعتها في كتاب كسلا.
وهنا أحيلها لمتابعة بعض ما قاله ضيوف سلمى سيد على قناة الشروق قبل أيام أيضاً.
استضافت سلمى الأساتذة إبراهيم البزعي وإسراء زين العابدين والفنان أحمد شاويش في حديث عن الإذاعة.
وقد تحدثت خلال اللقاء إسراء حديثاً جميلاً عن ضرورة الخيال عند مقدمي الأعمال الإذاعية.
ولو أن شهد تابعت كسائر أبناء وبنات جيلها وسعوا للاستفادة من مثل هذه الخبرات لأدركت ضرورة أن تظهر للمشاهدين وكأنهم تعرف كل شيء عن تاريخ ضيفها كسلا قبل أن تقرأ الكتاب، حتى لا تبدو كمن ( يُسمع) في معلومات حفظها ربما من وقت قصير.
على مذيعاتنا أن يطورن مهارة تخزين المعلومات التي يحصلن عليها واستدعاء هذه المعلومات لحظة الحاجة إليها بطريقة جاذبة تشد المشاهد أكثر.
فبعضهن يذكرنني بأيام المدارس حينما كان الواحد منا ينتظر دوره في التسميع بلهفة للخوف من نسيان ما حفظه قبل أن يأتي دوره.
الأمر الثاني هو ذلك السؤال الكبير الذي ختمت به شهد حلقتها مع الدكتور.
فقد سألته عما يجب القيام به حتى تعود لكرة القدم السودانية عافيتها.
طرحت شهد السؤال مع اقتراب نهاية الحلقة وهي تقول للدكتور" لابد أن الكثيرين طرحوا عليك هذا السؤال.
الواقع أن الكثيرين ممن يشبهون كسلا في تجاربهم الكروية يُطرح عليهم مثل هذا السؤال الذي بات فعلاً مملاً ورتيباً.
والسبب في التكرار والملل هو أن السؤال يوجه دائماً للشخص الخطأ.
فالصحيح هو أن نطرح هذا السؤال على القائمين على أمر الكرة والمسئولين عن إدارة البلد عموماً.
هؤلاء هم من يفترض أن نسألهم مثل هذا السؤال حتى نعرف ما إذا كانت لديهم خططاً محددة للتطوير أم لا.
وفي حالة الإجابة بلا، وهي كذلك أكيد، علينا أن نسألهم لماذا تتولون أمراً لا تملكون الخطط لتطويره.
لكن الجميل أن كسلا أوجز وكفى بقوله أن الحل يكمن في " وضع الشخص المناسب في المكان المناسب".
وضرب لها مثلاً بالحلقة مع شده نفسها، مشيراً إلى أنه بعد المجهود الكبير الذي بُذل في إعداد الحلقة فنياً ما كان من الممكن أن يأتوا بأول بنت يلتقونها في الشارع طالبين منها إدارة الحوار.
وهذا بالضبط ما يحدث للكرة في بلدنا كما قال الدكتور.
كل من يتعاطون شأن الكرة لا علاقة لهم بها، ولهذا ظللنا نتراجع كل يوم.
بدءاً بالإعلام وانتهاء بالمسئولين ليس هناك الكثير ممن مارسوا الكرة، لذلك لا تجد لديهم أي غيرة تجاهها.
كل الهم هو أن يستفيدوا من الجماهيرية الكبيرة التي تتمتع بها هذه اللعبة.
قبل هذه الحلقة بيوم تابعت جزءاً صغيراً من اللقاء الذي استضافت فيه المذيعة ميرفت كابتن مهند الطاهر.
وفي تلك الحلقة حدثتنا ميرفت عن خمسين مليوناً تبرع بها مهند وأكرم الهادي لإعداد المنتخب.
على الصعيد الشخصي طبعاً لا نملك إلا أن نشيد بكرم ومروءة وغيرة مهند وأكرم.
لكن على الصعيد العام علينا أن نقر ونعترف أيضاً بأن هذا نوع من ( العبط).
لا أعني عبطاً من مهند وأكرم، حاشاهما لله.
لكنه عبط دولة ومسئولين، إذ كيف يدفع لاعبان من جيوبهما لدعم منتخب البلد!
وأين حديث مازدا ورفاقه، بل أين تبني رئاسة الجمهورية للمنتخب كما سمعنا!
أشاد مازدا يوم تأهل منتخبنا لنهائيات الشان بالدولة ودعمها للمنتخب، مع أنها نفس الدولة التي سبق أن شكى من تدخلها أيام أزمة اتحاد الكرة.
وانتشر الخبر عن تبني رئاسة الجمهورية للمنتخب وذاع وعم القرى والحضر..وها نحن ما زلنا في مربع دعم الأفراد للمنتخبات، وكمان جابت ليها دعم من اللاعبين.
فإلى متى سيستمر القوم في نفاقهم وأكاذيبهم!
المضحك أن اللقطات التي تم بثها خلال اللقاء مع مهند تضمنت لقطة لمولانا أحمد هارون وهو يطوف الملعب محاطاً بزمرة من المنافقين بعد فوز منتخبنا على نظيرة الأثيوبي.
أضحكتني اللقطة لأن المسئول يحتفل ويهلل ويكبر ويوظف الفوز لمصلحته، بينما مهند وأكرم يركضون ويسبكون العرق وكمان يدفعون المال!
يا لها من صور مقلوبة في سودان العز والمشروع الحضاري.
فلمثل هؤلاء يفترض أن يطرح السؤال يا شهد حول ما يجب القيام به لكي تتطور كرة القدم السودانية.
أما أمثال كسلا فيمكن أن يكون بيانهم بالعمل بعد أن يجيب القائمون على الأمر على السؤال، أي أن يقوموا بالجوانب التنفيذية لتطوير الكرة.
في الختام أوصت شهد متابيعها بضرورة قراءة كتاب كسلا، ولها الحق في ذلك.
فالكتاب ليس ممتعاً فحسب كما قالت، بل فيه الكثير جداً مما يمكن أن يفيد العاملين في مجالات تدريب النشء، مثلما ما هو مفيد لكل لاعب ناشيء.
مثل هذه الخطوة من كسلا تصب في خانة سد الفراغ الكبير في مسألة تواصل الأجيال المفقودة عندنا.
فعلى سبيل المثال تجد الكثير من لاعبي وحتى جماهير اليوم يرون في بعض أنصاف المواهب نجوماً وشخصيات تستحق التقديس.
لكن هؤلاء عندما يطالع الواحد منهم بعضاً من التجارب الشبيهة بتجربة كسلا (حا يفهموا حاجة) وسيدركون أن النجومية ليست مجرد كلمة تقال أو تكتب في الصحف.