قِطع غيار بشرية..! بقلم عبد الله الشيخ

قِطع غيار بشرية..! بقلم عبد الله الشيخ


09-16-2017, 02:42 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1505569368&rn=0


Post: #1
Title: قِطع غيار بشرية..! بقلم عبد الله الشيخ
Author: عبد الله الشيخ
Date: 09-16-2017, 02:42 PM

01:42 PM September, 16 2017

سودانيز اون لاين
عبد الله الشيخ -الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




شباب في عمر الزهور، يهربون إلى القارة العجوز، أو يحلمون بالعمل في بلاد النفط، رغم أن الحال هناك لم يعد رائِقاً، يائسون وضحايا لزمن ماحِق، يهربون من واقع التعطُّل والغلاء، إلى الموت المجّاني، بينما الدنيا في نواحيها الأربع، يضربها الجفاف والجفاء الإنساني بمعناه العريض.بعض الشباب أُصيب بالإحباط، فضرب في الأصقاع يبحث عن حل، كثيرون ضاعت خطاهم في الدروب. بعضهم خرج في طريق مصر، بعضهم نفد من الصحراء الكبرى ليضيع في مهالِك ليبيا أو يغرق في بحرها، وآخرون ساخوا بين صخور وأمور، في بلدان شرق أفريقيا، أولئك الضائعون هم مشاريع (قِطع غيار بشرية) لمن يدفع.. لا أشواق ولا ذِكرى ولاعزاء. أولئك الضائعون هم صيدٌ ثمين لمن يعملون في تجارة البشر متعددة الجنسيات، تلك تجارة رائِجة تقوم بها عصابات تلاقت مصالحها على ارتطام الدّم بالدّم، على الاستثمار في حياة التّعابى، وعلى بيع أعضاء الجوعى المُحبطين. من رواء البحر وأمامه تقف عصابات متمرِّسة، توهِم الشباب بُمجازَفة سريعة نحو جنّة الوهم ــ أوربا ــ مُجازفة بالروح، يأخذون ثمنها مقدّماً، رحلة نحو الموت يدفع الضحايا ثمنها مقدماً وبالدولار، يدفعونه من شقائهم وشقاء أهاليهم، لركور البحر والانخراط في رحلة لا ذكرى فيها لقتيل ولا عقاب لقاتِل. مدن شاطئ المتوسط لم تعد منافذا للهواء العليل. القاهرة لم تعُد تلك المدينة الرّطِبة، إنها الآن تعُج بالمُهرِّبينَ ذوي الاشتياق إلى اللون الخُداري.. في القاهرة وفي مدن ليبيا الساحلية، يتصيد المهربون فرائسهم.. بائعي الموت بارعون في اصطياد بني جلدتهم.. كان الجنس للجنس رحمة في ما مضى، قبل أن يحِن الدمُ إلى الهدر، البني آدم يُباع هُناك بـ (الراس)، تباع أجزاؤه الحيوية بثمن بخس..الضحايا يتم إيداعهم في مخابئ التهريب تمهيداً لزلق أرواحهم ببرود غريب، في عرض البحر، أولئك الشباب الضائِع يتم حجزه لفترات طويلة في أماكن بعيدة عن المناطق الحضرية، بحيث يصعب عليهم الهروب، حتى يتم اكتمال العدد المراد ترحيله / قتله! العصابات تبيع الوهم لليائسين الذين لا يمكنهم العودة الى أرض الوطن، ينتزعونهم من الشوارع لسفرٍ أخير، بكُلفة ثلاثة آلاف دولار و60 يورو..هذه الستين يورو، تُدفع أولاً قبل أي كلام لأن التاجر الصائِد يشتري منها لفرائسه مركباً مطاطياً، ينتهي بهم في عرض البحر. يتواجد المهربون في المقاهي الشهيرة التي يرتادها السودانيون، بينما تدير شبكات التهريب أعمالها من لندن والقاهرة والخرطوم، ويتعاون معها رجال كِبار، مِن أرفع المستويات، في البلدان المُطلِة على البحر المتوسط.المستثمر في تلك الأرواح يشتري مركباً يليق بميتة عظيمة لأولئك السُّمر، مركباً يتم تستيفه بصورة عشوائية، ما يؤدي إلى غرقه بعد أن تختفي من أنظار المودِّعين، أو بعد نفاد خزّان الوقود.. هذا بعض من حكاية شباب السودان في الغربة، يخادعونهم بالإقامة في أرض ليست لهم، وبالحجز في بواخِر ركّاب (على مستوى عالٍ من الفخامة)، وحين يواجهون الحقيقة في اللُّجّة، تستحيل العودة!



akhir-lahza