الشينة منكوره ... !! - بقلم هيثم الفضل

الشينة منكوره ... !! - بقلم هيثم الفضل


08-31-2017, 00:49 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1504136950&rn=0


Post: #1
Title: الشينة منكوره ... !! - بقلم هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 08-31-2017, 00:49 AM

11:49 PM August, 31 2017

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر

سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة


حكى لي أحد الأصدقاء المقربين ، و هو من المنتمين إلى عائلة أرستوقراطية عريقة و ذات سيرة ناصعة في تاريخ هذه البلاد ، أن والدته كانت من المثقفات و الضليعات في مجال العمل و الطوعي و الإنساني ، و كانت قد تلقت دراستها في إنجلترا و تأثرت كثيراً بالأوجه ( الشكلية ) للحضارة الغربية ، مما حقق لها الكثير من العلاقات مع شتى نساء الجاليات الأجنبية في السودان عبر منظمات و جمعيات و مؤسسات طوعية و إجتماعية أغلبها ذات طابع نسائي ، أما صاحبنا و صديقي العزيز فقد شب ثائراً على بيئته الراقية و إلتزاماتها المُقيَّده لروحة الفوضوية بالفِطرة ، و حسب قوله أنه كان أقرب وٍجدانياً إلى أهل أبيه و بيئتهم البسيطة و العادية و ( التلقائية ) شأنها في ذلك شأن معظم الأسر الأمدرمانية المتوسطة ، و هو بهذا المنهج في الحياة كان لا يهتم أبداً بهندامه و شكله الخارجي داخل و خارج المنزل ، و لا يعتد أبداً بقواعد ( الأوتوكيت ) و اللباقة الإجتماعية ، زيادةً على كل ذلك كان شغوفاً بلعب الدافوري ( حافياً ) مع أقرانه المتاخمين و المنتمين إلى الطبقة الوسطى و هم بذلك و كما نعلم ينتمون أيضاً للمنهج التلقائي و الفطري في التعامل الآخرين و لو كانوا أجانب ، المهم إسترسل صديقي ليحكي لي أنه في أصيل يومٍ عادي من أيامه المليئة بالأحداث ( العشوائية ) جاء من الدافوري و هو يرتدي سرواله الشعبي ( أب تِكه ) مع فانيله داخلية بيضاء مال لونها إلى البني الفاتح من كثرة العرق و تناثر الغبار عليها ، منتعلاً حذاءاً من القماش كان في الأصل أبيض و صار حاله حال فانيلته البنيه ، لاهثاً يقصد دخول باب البيت ، ليجد والدته سيدة الأعمال و الناشطة الإجتماعية في مدخل باب البيت تودع ثلة من السيدات الأجنبيات الناصعات البياض و الزاهيات الثياب ، فبُهت صاحبنا و كذلك والدته ، غير أنه و تفادياً للإحراج لم يجد بُداً وهو تحت تأثير المفاجأة و الإحراج من مصافحتهن واحدة واحدة ، ثم إستدركت واحدة منهن و على ما أذكر أنها و كما قال إيرانية الجنسية لتسأل والدته بعربية ركيكة ( هذا إبنك ؟ ) .. قال صاحبنا أن والدته لم تتردد و ردت عليها في ثباتٍ و ثقة بلهجتنا العامية المحلية ( بري ما ولدي ) .. هكذا إتخذت موقفها منه بكل ثبات و جرأة و تبنت في لحظة حرج ( محورية ) المثل الشعبي القائل ( الشينة منكورة ) .. ضحك صاحبي مليَّاً بعد أن أنهى حكايته و قال لي بعد ذلك قلت لها ( يُمه ما قالوا القِرد في عين أمو غزال ) .. و للحقيقة ليس دائماً تكون الأم على إستعداد للإعتداد بإمومتها و التغاضي عن سوءات أبنائها ، فالحقيقة المجردة حين تكون بائنة بينونة الشمس في ضُحاها لا تقبلها سُتر العواطف و لو كانت تغذيها غريزة الأمومة ، نحن السودانيين نحتاج إلى إعمال قاعدة الإعتراف و القبول بأننا نخطيء و نصيب ، و فينا الجميل و القبيح ، يجب أن نخرج من دائرة وصف الذات الجماعية بأنها دائماً هي الأسمى و الأفضل ، لأن ذلك لايصب في نطاق ( الوطنية ) و ( حب الوطن ) كما يظن البعض ، فإن نشرنا ثقافة الإعتراف بما هو قبيح فينا ، إستطعنا أن نحُل معضلات ضخمة أهمها التداول السلمي للسلطة و الإقتسام العادل للثروة ، و الإعتراف المطلق بالآخر ، ولوجدنا بعض وزراءنا و مسئولينا الكبار يستقيلون حين يخطئون و يعتذرون حين يجانبون الحق و يؤالِفون الباطل .