عقيدة مسئولية الحماية مابين اعتبارات النظرية والواقع ! (2-1) بقلم عبد العزيز التوم ابراهيم

عقيدة مسئولية الحماية مابين اعتبارات النظرية والواقع ! (2-1) بقلم عبد العزيز التوم ابراهيم


07-25-2017, 11:30 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1501021844&rn=0


Post: #1
Title: عقيدة مسئولية الحماية مابين اعتبارات النظرية والواقع ! (2-1) بقلم عبد العزيز التوم ابراهيم
Author: عبد العزيز التوم ابراهيم
Date: 07-25-2017, 11:30 PM

10:30 PM July, 26 2017

سودانيز اون لاين
عبد العزيز التوم ابراهيم-
مكتبتى
رابط مختصر



كرست ادبيات القانون الدولي علي صعيد العلاقات الدولية مبادئ ومفاهيم وتوجهات وكان منها علي وجه الخصوص الحماية بمعناها التقليدي والتي كانت تعني حماية الدولة للاشخاص القاطنين علي اقليمها بغض النظر عن جنسيتهم ، ثم اصبح المعني يتسع وياخذ طابع العقيدة وذلك في ظل الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الانسان سواء من قبل الدولة الوطنية ذاتها او من قبل الجماعات المسلحة العاملة في اراضيها او من قبل الكيانات الدولية الاخري.
وفي معادلة من التوازن بين السيادة الوطنية من جهة ومقتضيات حماية حقوق الانسان من جهة اخري،ياتي مفهوم عقيدة مسئولية الحماية والذي يدعو الي حق المنع من وقوع الفظائع الجماعية (mass atrocity) اكثر منها دعوة للتدخل ، ولكن التساءل الذي يثير النقاش عن النظر في متطلبات التوازن بين الحماية من جهة ومتطلبات صيانة السيادة الوطنية هو: ماذا لو كانت الدولة غير قادرة او غير راغبة في الحماية ؟ فهل يقف المجتمع الدولي مكتوف الايدي ناظرا الي ما يُرتكب بحق الانسانية من جرائم بشعة مثل الجرائم ضد الانسانية وجرائم الابادة الجماعية ؟ واين مقاصد ومبادئ الامم المتحدة من ذلك كله؟
ان نصوص ميثاق امم المتحدة صِيغت بما يتوائم ويتوافق مع تحديات زمن وضعها، وتحديات اليوم مختلف ، وكان لابد من إختلاق آلية لمواجهتها، ولهذا إنطلقت الجهود الدولية ولقد انصبت تلك الجهود الي تحقيق امرين:
اولا: تحديد آلية جديدة ضد الانتهاكات الجسيمة والمُمنهجة لحقوق الانسان .
ثانيا: ضمان عدم الافلات الجُناة من العقاب ،وقد تصدي القضاء الجنائي الدولي بولايته تلك الي الجرائم الدولية .
وقد ساهم تطور منظمومة حقوق الانسان وممارسة امم المتحدة لدورها في الميثاق إثر الحرب الباردة وضمانة التصدي لجهودها تلك بحق النقض الفيتومن بعض الدول دائمة العضوية في مجلس الامن كل ذلك ساهم في تبدل النظرة الي التدخل والي الدولة المنتهكة لحقوق الانسان من جهة ، بحيث اصبح التدخل لصالح حماية حقوق الانسان علي اعتبارات السيادة والمساواة فيها، وان السيادة لابد ان تكون مسئولية بعد ان كانت تسلطية تتضمن معاني السيطرة والنفوذ في ممارسة السلطة في نطاق اقليمي معين ، وبالتالي اصبحت السيادة وفقا لمعناها الجديد تٌلقي بثقلها علي الدولة الوطنية بإلتزامات دولية لابد من احترامها في مواجهة المجتمع الدولي وتجاه رعاياها لتحاشي اي تدخل دولي في شئونها الداخلية . وبصفة خاصة يدعو مفهوم عقيدة مسئولية الحماية الي التمييز بين خمسة مفاهيم تشكل مجموعها الفهم العميق لها وهي :
اولا: ان جميع الدول عليها مسئولية في توفير حماية كافية مناسبة لسكانها .
ثانيا: الاخلال بموجبات توفير الحماية يُعرض الدولة لخطر التدخل في شئونها الداخلية لتوفير الحماية المطلوبة.
ثالثا: الدول الاخري وتحت مظلة الامم المتحدة عليها ان تتخد تدابير مناسبة لتوفير الحماية.
رابعا: مجلس الامن وفقا للفصل السابع عليه التدخل لتوفير الحماية.
خامسا: اذا فشل مجلس الامن وقعت المسئولية علي كيانات اخري ، المنظمات الاقليمية مثلا.
ان مسئولية عقيدة الحماية لا تنطبق الا علي الحالات الاربعة التي وردت في مقررات مؤتمر القمة العالمي لسنة 2005 وهي جرائم الابادة الجماعية وجرائم التطهير العرقي وجرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية ،وهي التي تمثل النطاق الموضوعي لها ، وحتي تكتمل ركائز عقيدة مسئولية الحماية لابد من توافر شرطين :
اولا: عدم رغبة الدولة في توفير الحماية كأن تقوم الدولة بذاتها علي ارتكاب افعال تشكل انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان كاعمال القتل او استهداف المدنيين عمدا بعملياتها العسكرية ،وكتجويع السكان وحصارهم ونحوه ،او ان تقوم الدولة بالتحريض علي ارتكاب جرائم ضد الانسانية او جرائم الحرب او جرائم التطهير العرقي او جرائم ابادة الجنس البشري.
وقد جُعلت هذه العقيدة كآلية جديدة ومستحدثة لحماية حقوق الانسان وتعزيز إنفاذ قواعد القانون الدولي الانساني من متطلبات الحماية إلتزاما علي عاتق الدولة الوطنية ، فان هي قصرت او اهملت او كانت غير قادرة او غير راغبة، انتقلت مسئوليات الحماية علي المجتمع الدولي الذي عليه توفير الحماية المطلوبة ،ضمن مظلة الامم المتحدة عملا بوحي مبادئها ومقاصدها الواردة في الميثاق. وفي هذا السياق نطرح حزمة من التساؤلات يدور النقاش حولها في الحلقة الثانية والذي يقضي بمُساءلة مفهوم عقيدة حماية المدنيين في السياق السوداني الدارفوري ، وماهي الاثار المترتبة من خروج البعثة المشتركة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي في دافور ؟ وهل تحققت الحماية المطلوبة وزالت كل المهددات الفعلية والمحتملة ؟ ام ان الخروج مبني علي اعتبارات السياسية الدولية وما نجم عنها من تخفيض ميزانية الامم المتحدة ،وهل ذلك متسقة مع مبادئ وقيم الحماية المنصوص عليها في الميثاق؟