لماذا لم تقف الأحزاب السياسية مع البارون؟ بقلم د.آمل الكردفاني

لماذا لم تقف الأحزاب السياسية مع البارون؟ بقلم د.آمل الكردفاني


06-20-2017, 03:18 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1497968323&rn=0


Post: #1
Title: لماذا لم تقف الأحزاب السياسية مع البارون؟ بقلم د.آمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 06-20-2017, 03:18 PM

02:18 PM June, 20 2017

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر



لماذا لم تقف الأحزاب السياسية مع البارون؟ بقلم د.آمل الكردفاني

واصل البارون تحديه للسلطة الدينية ورفع دعوى دستورية تطلب الحكم بعدم دستورية المادة 126 التي تقضي بحد الردة المختلف حوله فقهيا، وبالتالي وضع المحكمة الدستورية امام خيارات قانونية واجتماعية وسياسية صعبة والراجح أنها سترفض الطعن دون اي تقرير حول المادة المذكورة.. وبالتالي تكون قد أمسكت العصا من المنتصف .. وخلال كل مدة هذه الأزمة لم يبد اي حزب سياسي او حتى حركة مسلحة تأييدا لخطوة البارون هذه ، رغم مافيها من خطورة..فبالاطلاع اليسير على دستور 2005 نجد أنه دستور علماني بامتياز وضع نتيجة ظروف وضغوط سياسية داخلية ودولية محددة ، لكن الدستور لم يقل بأن أحكامه العلمانية هذه موقوتة بانفصال الجنوب ذي الأغلبية غير المسلمة ، وبالتالي فالدستور ساري حتى الآن ... لم ينص الدستور على الشريعة الاسلامية كمرجع دستوري لتحديد مدى اتفاق او اختلاف القوانين معها ومن ثم القضاء بعدم دستوريتها ، وعليه فإن المادة محل الطعن دون أدنى شك لا تتفق مع ذلك الدستور ، وهذا يعني انه لو حكم بعدم دستوريتها لاستقر ذلك كاشفا عن بداية لدولة ذات قانون علماني صرف ، ولذلك فمن الغريب ان الكثير من الاحزاب التي تطالب بالعلمانية كالحزب الشيوعي مثلا رفضت حتى ان تعطي أي عضو من اعضائها الضوء الأخضر للوقوف مع موقف البارون هذا؟؟ كذلك الحركات المسلحة وخاصة حركة عبد الواحد العلمانية والحركة الشعبية ذات الخلفية المعروفة ، طبعا ليس هناك مجالا للتساؤل عن موقف الأحزاب الطائفية لأنها ذات خلفية دينية ومع ذلك فطرح حزب الأمة لدولة المدينة يعكس رغبة مغطاة بمصطلح اسلامي عن دولة علمانية لا يكون مصادما اجتماعيا ، هناك تصريح مقتضب من الحزب الليبرالي لكنه من القسم الضعيف الذي يقف ضد حزب ميادة وصوته ليس عاليا ..
الذين وقفوا مع البارون كانوا أغلبهم من الشباب المستقلين والذين بادروا بزيارته ومحاولة تقديم العون له داخل الحبس.
إذا فالتساؤل لازال مطروحا لماذا امتنعت احزاب ذات أهداف علمانية عن الوقوف مع البارون ؟ كان بالإمكان القول أن هذه الأحزاب لا تريد خلق مواجهة مع مجتمع أغلبه من المسلمين ومع ذلك فهذا مردود عليه بأن دساتيرها تعلن وبوضوح متطلب الدولة العلمانية بحيث تفصل السياسة عن الدين. والغاء المادة المشار اليها تطبيق عملي لهذا المتطلب . لذلك أعتقد ان هذه الأحزاب رأت ألا تصنع من البارون بطلا بما يلغي أدوارا تفضل أن تكون هي لاعبة البطولة الرئيسية فيها خاصة ان البارون وبحسب معلوماتي القليلة عنه غير منضو تحت حزب سياسي ما . ربما خشيت الأحزاب ان تسلط الأضواء على فرد فعل ما عجزت هي عنه لعقود بل ولم يتجرأ أحد من أعضائها على القيام بفعله. هناك أحزاب أدمنت تمجيد بعض اعضائها وهي تدبج عنهم المقالات والكتب والتعليقات والمؤتمرات لتسليط الأضواء عليهم ، رغم أنهم ولو بحثنا عن منتجهم الفكري والنضالي لما وجدنا وعاءا مليئا بالكثير ... إذا فرفض الأحزاب هذا رفضا في الواقع نفسيا وليس كما ادعى البعض بأن القضية قضية أولويات ، دون ان نرى أي انجاز لهذه الأحزاب فيما تبقى من اولويات سوى الصخب أو مداهنة الحكومة لتنضم اليها وتضمن مناصب ووظائف . بل أن بعض هذه الأحزاب سخرت أعضاءها لتبخيس ما قام به البارون ، واعتبار ماقام به شيئا تافها وعملت على دعم هذه الصورة والغريب أن هذه الأحزاب ليست اسلامية بأي وجه من الوجوه... إذن فالأحزاب الحالية تحاول احتكار دور البطولة والمواقف التاريخية وهي في الحقيقة تتصارع مع بعضها منذ الاستقلال حول هذا الأمر .. لقد كان حزب ما يقوم بعقد اتفاقية فيأتي حزب آخر ويلغيها بعد محاربتها حربا شعواء.. وهذا يؤكد متلازمة الاستحوازية المسيطرة على العقل السوداني عموما .