بعض الطرق الإيحائية و النفسية التي يستعملها من يُطلق عليهم معالجين روحانيين ، تنبني فكرتها الأساسية على مبداء الإيحاء و ترديد الأفكار بصوت عالٍ حتى يستجيب العقل الباطن عندما يكون العقل الخارجي في حالة إغفاء أو إسترخاء يمنعه من الإنتباه إلى الوقائع من حوله ، منها ما يُعرف بالتنويم المغناطيسي ، الذي يعرفه معظم الناس من خلال المشاهدة المباشرة أو ما يُبث بشأنه في أجهزة الإعلام المختلفة ، أكثر ما شد إنتباهي في جلسات التنويم المغناطيسي أن المُنوَّم مغناطيسياً يُمكن أن يجيب على جميع أسئلة المعالج حتى و لو كانت حرجة و فيها من الأسرار ما لا يمكن أن يبوح به إن وُجهت إليه تلك الأسئلة و هو في حالة الوعي الكامل ، هذ إن إتفقنا أن ما يحدث هو بالفعل حالة حقيقية لإنفصام ظاهر العقل عن باطنه ، تذكرت هذا الأمر و أنا أحاول أن أفهم المغذى المُستهدف من تصريحات مسئولي حكومتنا الموَّقره و التي في مجملها تغالط المواطن في واقعه الذي يعيشه بكامل وعيه ، فهو يرى بأم عينيه و يسمع بإذنه الشخصيه و يحتك بذاته الفعليه جسداً وروحاً ، مع كل تداعيات حالة التدهور العام في شتى قطاعات الحياة العامة و الخاصة و التي في مقدمتها بالطبع ما يشوب المعيشة العادية من غلاء فاحش في الأسعار و إستحالة قصوى في المقدرة على تغطية نفقات التعليم و العلاج و الدواء و أسعار إيجار العقارات التي شهقت بإرتفاعها شهوق سرايات النخبه من أهل النفوذ و السلطة و أتباعهم من النفعيين و طُفيليي الغفلة ، مثال على ذلك تصريح عجيب و غريب لوزير مالية الإنقاذ الذي لا أرى سبباً مُقنعاً يُبرِّر بقاءه في هذا المنصب الحسَّاس بعد كل أوجه الفشل التي أحدثتها مخططاته و نظرياته العقيمة و التي كان آخرها تعويم سعر الجنيه السوداني و إعتماد نظام الحوافز الذي على ما يبدو حتى الآن لم يُعطي أيي مؤشر إيجابي يُضيء ظلامات وضعنا الإقتصادي المُشين ، الذي دفع أخيراً ببعض الخيّرين من المملكة العربية السعودية لتوجيه صدقاتهم من اللحوم إلى السودان المكلوم و شعبه المأزوم ، تخيلوا إلى أيي مدى بلغ بنا الحال و إنزوت عنا إشراقات أمسنا المضيء ، فبعد أن كنا في قمة هرم الدول المنتجة و المُصدرة للثروة الحيوانية في الشرق الأوسط ، صرنا نتقبل الصدقات من صنف ما كنا نملك و ننتج ، و لاغرو في ذلك لأن الواقع يُثبت ذلك بعد أن بلغ سعر كيلو اللحم العجالي 90 جنيهاً و 130 جنيهاً للضأن لم يعُد هناك ثمة سبب يجعلنا نختلف عن بلدان لا يأكل أهلها اللحم غير مرتين في العام ، تصريح صاحب الفخامة وزير المالية المردود عليه فحواه أن هناك ( نمواً إقتصادياً عاماً بالبلاد بلغ 5,3 % ) وذلك بعد قراءة مؤشرات نتائج ميزانية 2016 .. بعض مسئولي الإنقاذ يعتقدون أن هذا الشعب ( مُنوَّم ) مغنطيسياً بحيث يمكن الإستغناء عن عقله الظاهر و التعامل مع عقله الباطن ، و من ثم إقناعه بأن ما يراه فأراً ليس إلا فيلاً يدُكُ الأرض دكا .. أسمعُ جعجعةً و لا أرى طحيناً .