دعوني لقضاء ليلة رأس السنة معهم بصالة (أمسيتي).. *وأصحاب الدعوة من مدمني (الترويس) من الرفاق.. *فاعتذرت لهم بأن عقلي قد دعاني لقضاء الليلة معه بصالة أخرى.. *صالة ذهنية - تأملية - أتمنى لو يجدي معها التمنِّي.. *ثم إنني لم يسبق لي أن (شعرت) بمقدم العام الجديد طوال حياتي.. *فكيف لمن كان (تحت البطانية) أن يشعر بأي شيء؟!.. *أو ربما شعرت به نصف شعور حين دُعيت مرةً لحفل بصالة (الفروسية).. *ولا أدري إن كانت موجودة هذه الصالة الآن أم طواها النسيان.. *فرغم أنني كنت في (عز شبابي) فقد عجزت عن إكمال نصف زمن الحفل.. *أو بالأحرى عجزت عن تحمل صخب آلات موسيقى الجاز.. *وكانت تلك آخر رأس سنة - حسب ظني - شهدت هذا الضرب من الغناء.. *فقد اختفت أغلب فرق الجاز الشهيرة من (صالاتنا) الآن.. * اختفت كل من (العقارب) و(العناكب) و(جاز الديوم) و(فرقة كيلا).. *وبقيت فرقة وحيدة - غير صاخبة - هي الخاصة بشرحبيل أحمد.. *وكنت قد تمنيت (ليلتها) أن تندثر الأبواق النحاسية من حياتنا.. *أما اليوم فسوف أتمنى - بصالتي هذه - أن يندثر نوعٌ آخر من الغناء أشد (فظاعة) .. *إنه الذي (يسترزق) به - من جيوب المساكين - جيل مطربي اليوم.. *المساكين الذين يدفعهم الإحساس بضياع الأمل إلى (ضياع العقل) داخل الصالات.. *فما من شخص (نصيح) يمكن أن يطرب- بكامل عقله- لغُثاء هذه الأيام.. *ويكفي دليلاً على أنه غثاء ألا أحد يذكر اسم أغنية واحدة فور مغادرته الصالة.. *فقط الذي يجتره ذهنه هو صدى الضجيج الذي كان يدوي بين جنباتها.. *وأتمنى أن تختفي من حياتنا ظاهرة العزاء (المكلف) ذي (الفاتحة) التي لا معنى لها.. *ومع الرهق المادي هذا الضحكات والصفقات و(الونسات).. *فيوم واحد يكفي مع تلاوة تحول دون رذيلة النميمة.. *وشاي سادة - فقط - يحول دون باهظ النفقات.. *وأتمنى أن يتغير اسم دولتنا إلى آخر مستلهم من شيء يميزها بين الدول.. *فهي تتميز بأنها أرض (النيلين)، ومهد (الحضارات).. *أما اسم السودان فهو صفة أطلقها العرب على كل شعوب الحزام الصحراوي.. *بل على شعوب قارة إفريقيا السمراء كافة.. *أي (السودان)- من البشر- في مقابل (البيضان).. *وأخيراً أتمنى أن تزول ظاهرة (تفصيل) قوانين الشمولية لدى بدرية (الترزية).. *وإلى هنا انتهى زمن (صالة أمنيتي) جراء النعاس.. *قبل أن يبدأ زمن (صالة أمسيتي !!!). assayha