*واليوم - الجمعة - هو يوم الهرب من السياسة.. *وفي حلفا رأينا يوماً أن نهرب من أجواء الدراسة إلى كسلا.. *فقد كانت أجواء المدارس مكهربة بتظاهرات ضد الحكومة.. *سيما مدرستنا الأكاديمية حيث زميلنا (ع) عاشق (يسقط يسقط).. *فهو كان أكثر عشقاً لها من عشق صاحبنا ذاك لـ(منقة كسلا).. *أي صاحبنا الذي ذكرنا قصته - مرةً - وقلنا إنه أجبرنا على زيارة كسلا يوم جمعة.. *وكانت زيارتنا هذه يوم جمعة أيضاً.. *ثم شهد هروبنا هذا نفسه قصة عشق (جماعي) غريبة.. *عشق تسببت فيه (نظرة) أثناء وجودنا بأحد المتنزهات عصراً.. *وفي مصادفة -لا تقل غرابة -اصطخب الفضاء بأغنية (عيونك ديل).. *كانت جديدة - آنذاك - ولاقت رواجاً عجيباً بين الشباب.. *وكان الجو مفعماً بالشاعرية مع تغريد الطيور، وحفيف الأشجار، ونسائم الأصيل.. *ولكن الأغنية التي كانت أكثر تعبيراً عن حالنا هي (عيونك كانوا في عيوني).. *وأعني بكلمة (حالنا) ما نشب بين البعض منا من عراك بسبب (ذات النظرة).. *كانت ترتدي (الساري) - ما يعني أنها من الحي الهندي - وتجلس بمعية أهلها.. *وأغلب الظن - كما بدا من شكلها - أنها كانت طالبة بالثانوية العامة.. *أما عيناها - سبب المشكلة - فقد كانتا أشبه بعيني قطة يافعة في حالة (دهشة).. *والمشكلة بدأت أصلاً حين ظن زميلنا (م) أنها تخصه بنظراتها الحالمة تلك.. *وطفق - من ثم - يغمغم بوله (عليك ذاتك أمسكي عليك عيونك ديل).. *فأقسم (ع) أنه المعني بالنظرات (الهندية) ولا أحد سواه.. *وانتفض (و) واقفاً ليدلل على أن النظرات سوف تصعد إلى حيث وجهه.. *و(و) هذا - بالمناسبة - كان يعشق شامي كابور.. *وأصر كل من العاشقين هؤلاء على أن (عيونها كانت في عيونه).. *ولكني كنت قد أبصرت ما لم يبصره أصحابي (الواهمون) هؤلاء.. *فاقترحت عليهم - من ثم - اقتراحاً في منتهى البساطة.. *طلبت منهم تغيير مكان جلوسنا إلى آخر غير بعيد.. *ولكن النظرات لم تتبعنا حيث ذهبنا ، تماماً كما توقعت.. *وإنما كانت مصوبة نحو وجه يحبه (و) جداً *لقد كان من بني جنسها ويشبه نجم أفلام الهند الأول.. *وكان يجتهد في تقمص شخصية (الواد التقيل).. *وعند رجوعنا انخرط (المصدومون) في التظاهرات بأعنف من السابق.. *أما (و) فقد انخرط في كراهية شامي كابور!!!