سيادة الرئيس/ عمر حسن أحمد البشير، من م إخلاءجيوبنا لماذا تدعي أنكم كنتم أمام خيارين أحلاهما مرّ، أحدهما جراحة عميقة تحول دون انهيار في الاقتصاد يؤدي إلى انهيار الدولة.. و الثاني اتخاذ إجراءات تتوهمون أنها تنقذ اقتصاد البلد..؟ و حديثك عن المرارة في زيادة الأسعار حديث لا ينطبق على جميع سكان السودان.. طانتك مستثناة عن تذوق المرارة.. و أنت تتمتع بكامل الحلاوة التي تتمتع بها منذ 27 سنة و نيف.. و تحت تصرفك كل الناتج المحلي الاجمالي في السودان.. و نحن نعلم أن ميزانية 2016 رصدت لمصروفات اجهزتكم السيادية مبلغاً و مقداره ( 3,321.595,620) ثلاثة مليارات وثلاثمائة و واحد و عشرين مليون و خمسمائة و خمسة و تسعين ألف و ستمائة و عشرين جنيهاً، عدا عن راتبكم المهول و الذي يتراكم في البنك دون مساس.. و فوق ذلك امتيازاتكم التي سوف تكشف عن جرائمكم في حق ( الرعية) امام الله " يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم"
سيادة الرئيس، سمعنا بطانتك تتحدث عن علاج الاقتصاد المنهار بالكي و سمعناك تتحدث عن اجراء جراحة عميقة.. لماذا لا تكملون أحاديثكم و تذكرون أن الكي و العملية سوف يتم اجراء كليهما علينا نحن، أما أنت و بطانتك فسوف ترحب بكم أرقى مستشفيات العالم على حساب دولاراتنا المغتصبة من عائدات النفط المكتنزة في البنوك الربوية الخارجية..
و بالمناسبة، يا سيادة الرئيس، لماذا كل هذا الغموض و تلك السرية المضروبة حول عائدات البترول.. و ما السبب في تهربكم من الافصاح عن العائدات ؟ و لماذا لم تتضمن ميزانياتكم السنوية عائدات البترول طوال عقدين من الزمان؟
كان البترول ملكاً للسودانيين جميعاً، شماليين و جنوبيين، و ليس ملكاً لكم وحدكم.. و أمره كان يهم السودانيين جميعاً.. و معرفة أرقام عائداته حق لهم جميعهم؟ لكنكم أخفيتم الأرقام حتى عن الحركة الشعبية، شريكتكم في حكم السودان طوال الفترة الانتقالية.. و انفصل الجنوب دون أن تعرف حكومة الجنوب شيئاً عن الأرقام الحقيقية و لا عرفت نصيبها الحقيقي من العائدات..
سيادة الرئيس، علمنا أن البترول يفترض أن يدخل في خزينتكم مبلغاً يتراوح بين 75 و ١٠٠ مليار دولار أمريكي، وفق تحليلات العارفين ببواطن الأمور من المتخصصين في مجال البترول و اقتصادياته، لكن الواقع لم يُظهر على السودان أي تنمية ترقى إلى ذلك المبلغ المهول، و مع ذلك تتباهون بإنجازاتكم في الشوارع ( الزفتية) و في اطعامنا ( الهوت دوغ) و إلباسنا الكثير من الثياب التي ملأت الدواليب و الشماعات الحديثة بدلاً عن ما كان لدى الفرد منا من لباس واحد أو لباسين..
سيدي الرئيس، نطالب بأن تكشف لنا مكان أموال النفط قبل أن تصرح بقولك: "... كنا أمام خيارين أحلاهما مرّ؛ إما جراحة عميقة تحول دون انهيار الاقتصاد وبالتالي انهيار الدولة، أو اتخاذ هذه الإجراءات لإنقاذ الاقتصاد.."..
نحن نعلم و أنت لا تعلم أن بطانتك من الاقتصاديين يخشون قول الحق أمام سلطان جائر و لا يرون إلا ما ترى.. و لا يقولون إلا ما تريد أن يقولوه وفق ما ترى، و ما ترى أنت هو الذي دمر الاقتصاد و أتى بالخراب الكثير إلى البيوت التي كانت سعيدة رغم فقرها قبل مجيئكم في ذاك اليوم المشئوم من أيام يونيو عام 1989..
و قال قائلكم العميد/ صلاح كرار في بدايات انقلابكم على السلطة المنتخبة:- " لو ما جينا كان الدولار لحق عشرين جنيه!" و بعد عام أو عامين من قوله، تسارع ارتفاع سعر الدولار مع تسارع اضمحلال قيمة الجنيه.. فذبحتم الجنيه.. و بعد أن أزحتم صفراً واحداً من العملة ذات ال 10 جنيهات، أطلقتم عليها اسم دينار.. و سقط الجنيه من ذاكرة السوق.. و ما لبث الدينار أن بدأ يتهاوى أمام الدولار، و ظل يتهاوى إلى أن جاء يوم عودة الجنيه مع اتفاقية نيفاشا.. و كي تداروا سوءات أفعالكم كان لا بد من حذف ثلاثة أصفار أخرى كي يستقيم الخداع و يزداد تغبيش حقائق الأرقام..
أتعرف يا سيادة الرئيس أن سعر الصرف الحقيقي للجنيه أمام الدولار الآن هو 1 دولار مقابل 180000 جنيه؟ هذا إذا أخذنا الجنيه في يوم 30/6/ 1989 كمعيار نؤسس عليه؟
سيدي الرئيس، أنتم مخادعون بشكل مبالغ فيه.. جرجرتم الشعب المسكين وراء الوهم في الدين و في الاقتصاد و في كل شيئ.. و ظل الشعب يجري وراء السراب و يجري و يجري إلى أن اصطدام بالفراغ الكبير.. و وجد الطريق مسدوداً و الأمل لا وجود له.. فاضطر أن يقبل على أعقابه مبتعداً عن الأوهام التي صنعتموها له .. و عما قريب سوف يقبل عليكم في غضب هادر.. و إياك أن تكرر قولك أن حكومتك لا تخاف من دفع الثمن السياسي نتيجة قرار رفع الدعم عن المحروقات.. إياك ثم إياك..
، عليك أن تخاف يا سيادة الرئيس.. عليك أن تخاف جداً.. إن رصيدكم في بنك السياسة قد بلغ مرحلة العجز، و مديونيتكم فاقت حد مقدرتكم على السداد.. و ديونكم ديون هالكة .. فلا تتحدث عن دفع أي ثمن سياسي، يا سيادة الرئيس، و نظامكم مفلس سياسياً لكنه يعتاش على النهب باستخدام الدبابات و العربات المصفحة و الكلاشينكوف لترويع من يطالبون بحقوقهم التي سلبتموها و يدافعون عن ما تبقى لهم من مال تحاولون سلبه..
و لأنكم تعلمون أن الناس متحفزة للدفاع عن حقوقها، نراكم تعتقلون من تعتقدون أنهم رأس الفتنة.. بينما رأس الفتنة في حقيقتها هو كل سوداني أذقتموه علاجكم المر و كويتم كبده بالنار، يا سيادة المسيطر على البلد بالسلاح..
لا تنكر أنك تحكمنا بالسلاح، و أن نظامك كان سينهار لولا الميليشيات التي غرستها في كل مكان، و بمسميات ما أنزل الله عليها من سلطان؟ قد تنكر.. و تدعي أنك أتيت بانتخابات حرة و نزيهة توفرت فيها كل عوامل الاستقامة السياسية و الأخلاقية.. فنكران الشينة سِمتكم الغالبة، يا سيادة الرئيس الحاكم تحت حراسة الدبابات و الكلاشينكوف..
سيدي الرئيس، هل سمعت الشباب الأمريكي يهتفون ضد رئيسهم المنتخب انتخاباً حراً اعترفت به منافسته هيلاري كلينتون، يهتفون و يطالبون بإلقائه في المزبلة ! Dump- Tramp ..؟ أرأيت كيف تمارس الشرطة معهم أعلى درجات ضبط النفس..؟ إن شرطتهم لا تلقي القبض إلا على المخربين الذين يخرجون عن القيم الديمقراطية..
أما أنتم، فتلقون القبض على معارضيكم ( المرعبين) قبل أن يخرجوا إلى الشارع.. لأنكم تمارسون ما يقترب من الشرك بالله حيث تضطلعون بقراءة النوايا قبل حدوث الفعل.. و سبحان الله عن ما تشركون..
يرعبونكم و هم عزل من السلاح.. و تواجهونهم مرتعشين و أنتم مدججون بالسلاح.. هذا حالكم.. و تدعون أنكم لا تخشون أحداً!
إننا نضحك عليكم.. نضحك و نضحك حتى تسيل الدموع.. ثم نمسح الدموع و نتعمق في حقيقتكم التي تؤكد أن غباء الكاذب مثله مثل الكذب الغبي عند كتابة التاريخ.. و أنتم أكذب من يؤرخ لتاريخ السودان..