*صادفت إماماً بكى خلال خطبة الجمعة الماضية.. *والأئمة الذين يبكون صاروا (أندر من لبن العصفور) في بلادنا.. *فأغلبهم ينتسبون إلى (قوم) قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة.. *ولكن ظهيرة الأول من أمس بكى الإمام وهو يتحدث عن (الدواء المر).. *عن الدواء الاقتصادي الذي فرضته الحكومة على الناس.. *ثم سمته (المر) دون أن تفرضه على نفسها أسوة ببقية المواطنين.. *فهي (ميَّزت) نفسها عنهم وكادت تقول: نحن لسنا منكم.. *وهذا هو ما أبكى الإمام مقارناً حال حاكمينا بحكام المسلمين (الأُول).. *الحكام الذين كانوا يطبقون الدين ولا يكتفون بشعاراته.. *ثم إذا حلت بأرضهم ضائقة معيشية بدأوا بأنفسهم أولاً قبل رعاياهم.. *ورغم إن كلام الإمام أعجبني إلا أنني رثيت لحاله.. *فكذلك كنا نقول نحن- كثيراً- قبل أن نكتشف إننا ننفخ في قربة مخرومة.. *فآخر ما يلتفتون إليه هو أن تحدثهم باسم الإسلام.. *الإسلام ذاته الذي يقسمون- كل يوم - بأنه خط أحمر دونه خرط القتاد.. *وسكتنا- أخيراً- حين لم نفهم ما يعنونه بهذا القسم المغلظ.. *فربما يكون لهم (فهمهم) الخاص للدين غير الذي فهمناه نحن، والإمام.. *فهْمٌ لا يمس (الخط الأحمر) لمستويات معيشتهم.. *ولا يعني تشبههم بالخلفاء الراشدين- عند المحن- وإن مات الناس جوعاً.. *وليس من مقرراته قصص (العمرين) في هذا الخصوص.. *ومن ثم فلا تؤمل- يا شيخنا الإمام- في تقشف حكومي ولو بمقدار العشر.. *ولا ترتجي تنازل مسؤولينا عن (فائض) سياراتهم.. *ولا تحلم في توقف أسفار النزهة والسياحة و(النثريات) إلى حين.. *باختصار، لا تفكر في كل ما خطر على بالك و(أبكاك).. *ألم تسمع إلى وزير المالية وهو يسخر من حديث (رجعونا محل أنقذتمونا)؟.. *ثم يكاد يقول (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)؟.. *فهو يعيب على الناس الكفر برفاهية اليوم قياساً إلى بؤس الأمس.. *ولكنه لا يسأل نفسه: كيف كانوا هم ؟ وإلى أين صاروا؟.. *وهو سؤال الإجابة عنه يجدها الوزير في عبارة (فلان مستجد نعمة).. *وهي تقال توصيفاً لكل من يبالغ في (البحبحة) من بعد فقر.. *علماً بأنه- حين كان فقيراً- لا حديث له سوى هذا الذي قلته يا (إمامنا).. *ولكنه الآن اختزل الدين في (الشعائر والشعارات).. *حتى وإن كان من بين الشعائر هذه (الحج المميز على نفقة الدولة).. *أما ماله الخاص فـ(يوفِّر) بعضه في بيته بالعملة الحرة.. *ثم يسطوا عليه الحرامية لينكشف (المستور).. *(وفِّر) عليك دموعك يا شيخنا !!! assayha