*ما يُحمد لنميري أنه كان منفتحاً.. *فهو لم يغلق خياراته على منسوبي حزبه.. *خياراته في تعيين الوزراء والسفراء والمسؤولين.. *أو لعله فعل - قليلاً- أيام (التطهير) ثم تجاوز الخطأ سريعاً.. *ونعني بحزبه (الاتحاد الاشتراكي) الذي يماثله (المؤتمر الوطني) اليوم.. *ولهذا حافظت الخدمة الوطنية على ألقها (المتوارث).. *وكان المسؤول يُعيَّن على حسب كفاءته بعيداً عن اعتبارات الولاء.. *فلم نسمع بفساد ولا تجاوزات ولا صرف بذخي.. *ثم جاءت الإنقاذ فأغلقت الوظائف العليا على الذين (تعرفهم بسيماهم).. *تعرفهم بلحاهم وعصيهم وغرورهم وكلامهم (المحفوظ).. *ونظرة سريعة لأخبار شاشاتنا خير إثبات.. *ليس هناك من (نفَس) لأي كفؤ خارج منظومة الحزب الحاكم.. *أما المتوالون فهم (تمومة جرتق) فقط لأغراض الزينة.. *فيكفي أحمد بلال- مثلاً- ترديد ما يُملى عليه.. *ويكفي الدقير استعراض (عضلاته) الخطابية غير ذات الجدوى.. *ويكفي نجل المهدي التلويح بعصاه وهو (يضحك).. *ويكفي نجل الميرغني أن (يشقر) على فارهاته الرئاسية ويتنعم بها.. *ويكفي موسى محمد أحمد قبض مخصصاته.. *ويكفي تابيتا بطرس شرف الجلوس مع (الكبار) في المناسبات.. *وإزاء هذا (الانغلاق) هربت- أو انزوت- الكفاءات.. *وهبطت الخدمة المدنية إلى أدنى مستوى لها في تاريخ بلادنا الحديث.. *وصار الوالي عاجزاً عن إدارة ما كان (جزءاً) من محافظة.. *والمحافظة كان يديرها مسؤول واحد- المحافظ - بمساعدة ضباط إداريين.. *الآن كل الولايات تعاني عجزاً في الإدارة.. *وتعاني - كذلك- عجزاً في المال والتنمية والاستقرار و(الانسجام السياسي).. *تعاني رغم جيوش المعتمدين- والإداريين- دون الوالي.. *ورغم أنها أصلاً باتت (حتة) مما كان يسمى سابقاً محافظة أو مديرية.. *وحتى ولاية هارون يتعالى همسٌ عنها هذه الأيام.. *أحمد هارون الذي يُضرب به المثل في حسن إدارة ولايته شمال كردفان.. *فقد هاتفني (البعض) طالبين مني زيارة حاضرتها.. *وقالوا إنني سأشاهد وأعايش و(أُملَّك)- حينها - ما يشيب له (القلم).. *بل وذهبوا إلى أبعد من ذلك مما لا مجال لذكره.. *وعابوا عليَّ التركيز على إيلا- حتى خفت بريقه- ونسيان بقية الولاة.. *ولن نحكم (على) هارون بالطبع إلا عقب الزيارة.. *ولكن رسالة كلمتنا اليوم هي اختزال الإنقاذ للسودان في متحزبيها.. *قرابة الثلاثين عاماً والوجوه هي ذاتها.. *وكذلك الفشل والإخفاق والمشاكل والمعاناة وحتى (طريقة الكلام).. *والآن إذ (فشل) والي الخرطوم سيأتي مكانه (فاشل) الجزيرة.. *وكأن حواء السودان (الولود) قد عقمت.. *فمتى تنتبه الإنقاذ إلى (ظلام) الحال قبل انبلاج (الصبح)؟.. *وقد يكون عنوانه (والشعب إذا تنفس!!!). assayha