*مشفى شهير تحدثنا عن (قسوته) قبل فترة.. *قلنا إنه رفض تسليم جثمان طفلة إلى أبيها إلا بعد دفع الرسوم.. *والرسوم مقدارها (10) آلاف جنيه يجب أن تدفع فوراً.. *أي تدفع لحظة الوفاة وإن كان الوقت منتصف الليل.. *قيل له : إما أن تدفع أو يبقى الجثمان في ضيافتنا (إلى حين السداد).. *وأشرنا إلى خيارات (إنسانية) كان يمكن اللجوء إليها.. *خيارات تتيح الدفع الآجل- بضمان- مراعاة لحالة الوالد النفسية ساعتئذ.. *ولكن المشفى لا تهمه حسابات المشاعر وإنما (ذات العدد).. *وهو- حسب الخبر- مشفى شهير بوسط الخرطوم ذو اسم (ملوكي).. *وكل ما ذكرناه هنا هو على ذمة الخبر المذكور الذي لم يتم نفيه.. *أو على الأقل لم يصدر النفي خلال (48) ساعة.. *وهي ساعات الانتظار التي تجرعنا علقمها- صبراً- قبل أن نكتب.. *واليوم نكتب عن المشفى ذاته ولكن من زاوية مغايرة.. *فهو كُتب عندنا بالأمس - والناس والتاريخ والسماء- (قاسياً).. *ولكنه يحاول أن يكتب نفسه اليوم (رحيماً).. *يكتبها كذلك وفقاً لحسابات خاصة خلاف المشار إليهما.. *وإن كانت هي إلى المال أقرب بحسبان ابتغائها مرضاة (الذات).. *فالمشفى أبدى (تعاطفاً) مع مناشدة أطلقتها إحدى الصحف لعلاج مريضة.. *قال إنه يتكفل بأداء اللازم تجاه المريضة (من ، وإلى).. *ودافعه إلى ذلك هو (واجب الإنسانية).. *سبحان الله ، ما هذه المشاعر الإنسانية التي هبطت عليه فجأة؟.. *وأين كانت (ليلة) وفاة الطفلة التي أمر بحجز جثمانها لحين دفع الرسوم ؟.. *ولماذا لم (تتعاطف)- المشاعر- مع دموع الوالد المسكين؟.. *وهنا لا بد أن نستصحب بعض (عجائب) زماننا هذا لنعرف السبب.. *وإذا عُرف السبب- كما يقولون- بطل العجب.. *فمن بعض الذي اُبتلينا به الآن حب المظاهر والدعاية و(الشو الإعلامي).. *وأضحى في ندرة لبن العصفور عمل الخير (لوجه الله).. *وكادت أن تختفي من حياتنا مفردة اسمها (الإنسانية).. *وأوشكت أن تصير مثل الحجارة- أو أشد قسوة- قلوب الكثيرين منا.. *ويكفي أن تعلن الرئاسة عن (نفرة) ، لينفر الألوف.. *فلحظة (شوفوني) هذه تساوي الملايين لدى من لا يتصدق بقرش في الخفاء.. *ويكفي أن تنحسر الأضواء عن مغنيةٍ ما لترخي ما انحسر من ثوبها.. *ويكون الغرض من هذه الحشمة المفتعلة (جذب الأضواء).. *ويكفي أن تعلن صحيفة عن حالة مريض ليظهر مشفى ويقول (نحن لها).. *و(يُطلق سراح) مشاعر إنسانية مدخرة لأوقات (الشو).. *في حين إنه يرفض (إطلاق سراح جثة !!!). assayha