أصحاب سيارات الأجرة التي يطلق عليها الناس "أمجاد".. غالبيتهم العظمى من موظفي الدولة الذين يجتهدون لسد الفجوة بين المباح والمتاح..لكن قبل أيام قال لي أحد سائقي هذه "الأمجاد"..إن الحراك الاقتصادي جرف زبائنهم.. في السابق كان عامة الناس يفضلون سيارات الأجرة "التاكسي" باللون الأصفر.. ولكن مع توفر خدمة أقل سعراً ببروز "الأمجاد" هجر الناس "التاكسي" إليها.. الآن جاء الدور على "الأمجاد" فمع تفاقم الأزمة الاقتصادية هرب الناس من "الأمجاد" إلى حافلات "الميني باص" المشهورة بأسماء مثل "الهايس" وغيرها.. لكن حتى هذه الأخيرة بدأت في التعالي بأسعارها التي وصلت(10) جنيهات.. فالمتوقع أن يواصل الناس مسيرة الهروب هذه المرة إلى "باصات الوالي".. كآخر ملاذ.. هذه المتغيرات لا تعني أن القدرة الإنفاقية للمواطن وخياراته الحياتية تدنت فحسب، بل تعني أن الأزمة الاقتصادية بدأت تضرب فرص العمل الحر في سوق النقل..الذي يأوي إليه عدد كبير؛ غالبيتهم الكاسحة من الشباب.. فستكون النتيجة مزيداً من جيوش العطالة الذين يتقهقرون يوماً بعد يوماً أمام الكساد الكارثي.. مع ازدياد عضوية حزب العطالة؛ فإن المَخرج سيكون في مزيد من الهجرة الاقتصادية إلى الخارج، لكن حتى هذه صارت تعاني من ويلات انهيار أسعار البترول.. ولم يعد متاحاً إلا مغامرات ركوب البحر إلى أوروبا..وهي حتى إن سلمت فقد يكون مصيرها عوداً حميداً بأقرب طائرة؛ كما حدث قبل أيام قلائل للسودانيين الذي أفلتوا ووصلوا إلى البر الأوروبي فأعادتهم إيطاليا جواً إلى الخرطوم. لن أجادل في العلاقة الطردية بين العطالة وازدهار سوق المخدرات والجريمة عموماً..لكن ذلك وجه واحد مرتبط بالخروج على القانون..ويبقى الوجه الآخر المخيف المتوفر في حرز القانون، والذي سيقتات من مستقبلنا ولن يسهل إصلاحه في المدى القريب.. الوجه المرتبط بالأسرة خاصة والمجتمع السوداني عامة... تفيد الإحصاءات بارتفاع مخيف في سن الزواج..للجنسين البنات والأولاد.. ليس لأي سبب سوى التصحر الاقتصادي الذي يعانيه الشباب..فيتضافر مع نضوب تأسيس الأسرة عامل آخر أشد بشاعة.. هو ارتفاع مذهل في أرقام الطلاق؛ تقدره بعض الدراسات بحالة طلاق من كل ثلاث زيجات..ووجه القتامة في هذا الرقم أنه يرسم حالة (فشل) سارية المفعول بأفجع ما يكون في الأسرة (نواة المجتمع)..فالخارجون منها بورقة الطلاق؛ علاوة على هدمهم لأسرة؛ فهم يشيعون الإحباط المعطِّل للراغبين في الالتحاق بقطار الزواج.. كل يوم يمضي نخسر عاماً من قيمنا وبصمتنا الأخلاقية.. ونتحول تدريجياً إلى مجتمع مضعضَع الهوية.. كل هذا، والحكومة والمعارضة في واد.. وشعب السودان في واد.. altayar
Post: #2 Title: Re: صرخة في وادي الصمت..!! بقلم عثمان ميرغني Author: شعب لا يستحـق Date: 08-28-2016, 04:38 PM Parent: #1
• إخفاء الدموع أصبح سمة في عرف الشعب السوداني . • شعب يتوارى خلف أغطية الحياء والاستحياء حتى لا تجرح كرامته . • يتألم صمتاَ وعفة دون ذلك الوجيع أو ذلك المتألم . • وقلة من الأوفياء في الناس تلك التي تعرف دموع الشعب السوداني !! . • ومن سخرية الأقدار أن آخر المشاهدين لدموع الشعب السوداني هو عمر حسن البشير ! . • فهو ببلادة شديدة يضع الحديث عن المعاناة بمثابة الحروب على النظام !! , • والبلاد تعيش أفظع لحظات الأوجاع والويلات والمعاناة . • وتلك صورة سائدة حين نشاهد أحوال أمة مكلومة غاية الإكلام . • ومع ذلك هي أمـة صابرة غاية الصبر !! . • الأغلبية الصامتة من الشعب السوداني تعيش حياة الجحيم تحت خط الفقر والفاقة . • بينما أن قلة من الشعب السوداني هي تلك المترفة المتنعمة التي تعيش حياة المبذرين . • وهذا هو سودان اليوم حيث تعددت المظاهر والموت واحد . • فهنالك في المجتمعات السودانية من يحلم بوجبة طعام تغطي حاجة الديمومة . • وهنالك في المجتمعات السودانية من يركل تحت المداس أفخم أنواع المسميات من الأطعمة !! . • هنالك في المجتمعات السودانية الدموع المنهمرة من أجل مرضى يعجزون عن مواجهة ظروف الأمراض . • تتنزل عليهم ألوان المسميات من الفحوصات الطبية الضرورية لجلب الشفاء . • وهي فحوصات تطلب الملايين والملايين من الجنيهات . • ثم يقفون عاجزين عن تلبية تلك النوازل القهرية الجبارة . • وللاستجابة إما يستنجدون بأسلحة الشحدة والتسول في المساجد والطرقات . • وإما يستنجدون بالموت الذي يعني الخلاص للجميع !! . • ومن أغرب المظاهر في سودان اليوم أن يكون الموت هو الراحة من المعاناة في معية البشير !! . • وهو ذلك البشير ( صاحب الكرش الكبير ) الذي لا يكترث ولا يبالي بأوجاع الجماهير . • وهو ذلك الرئيس السوداني الوحيد الذي لا يحمل مثقال ذرة من الرحمة في أعماق جوفـه !! . • وتلك الصورة الجمادية القاحلة جعلته بمثابة صخرة ممقوتة في صدور الرعية . • صخرة مكروهة جاثمة فوق الصدور رغم أنف العالمين . • والأمة السودانية قد يتوقع الرحمة من يهودي ولا يتوقعها من عمر البشير . • إنسان مجرد جلمود صخر قاسي الأبعاد ، يفتقد ألوان الإحسان والإحساس !! . • وكم وكم قد انخدع الشعب السوداني في ذلك الإنسان في ذات يوم !!! . • حين كان يرقص خداعا ورياءَ في الحلبات . • منافق يختفي خلف ألوان الخداع والنفاق ليتخذ الرقصة أسلوبا في المراوغة . • فهو تعود النفاق ليرقص رقصة الثعلب المكار . • رجل يفتقد مثقال ذرة من الرحمة في أعماق جوفه . • وقـد استغل حماقة الجوعى الراقصين من الشعب المسكين !! . • رجل مشبع قلبه بالمعاصي والاحتقار . • وقد تعود أن يستظل بظلال الأوهام حتى يقال !!
Post: #3 Title: Re: صرخة في وادي الصمت..!! بقلم عثمان ميرغني Author: متى يرحــل البشيــر ؟� Date: 08-29-2016, 04:13 PM Parent: #2