* على مقعد خشبي بالصالة الخارجية جلست.. *جلست أنتظر دوري لمقابلة المدير وأنا بعد طالب جامعي.. *كنت أصغر الجالسين عمراً ، وأقلهم رجاءً.. *ولكن لم يكن من العسير مقابلة أي مسؤول في ذاك الزمن (الوسيم).. * الوسيم أناساً ومدناً وتعاملاً وعلائق و(شاشةً) و(فناً).. * وأنا في لحظات الانتظار تلك إذ نُودي عليّ لمقابلة مدير الأراضي (كرار).. * كان الغرض من المقابلة الاستفسار عن السبب الذي جعل أرض الوالد تؤول لآخر.. *شخص- لن أذكر اسمه- من كبار مسؤولي نظام (مايو).. * وبتعامل وسيم لا يفرق بين صغير (فنطوط) ومسؤول كبير اهتم الراحل بالقضية.. *كان حقَّانياً يخشى الله ومات - للعلم - وهو في (بيت إيجار).. * وخرجت من عنده مهرولاً نحو مكتب البريد.. *و(شددت) برقيةً لحلفا أبشر فيها الوالد بأن الأرض قد عادت إليه تجرجر أطرافها.. * وفرحتي بهذا الإنصاف لم تكن تقل عن فرحة أخرى قبلها.. * فقد استرعى انتباهي توقف عربة مرسيدس (كحلية) اللون أنيقة.. *وترجل منها صاحب (الوسيم).. *وكنت- وما زلت- أعشق أغنياته بقدر عشقي للديمقراطية.. * ثم ذُهلت حين قدم نحوي يحييني وكأنما يعرفني.. * وكأنما يعرف مدى حبي لأغانيه الوسيمة.. * إنه العميد أحمد المصطفى الذي أدين لوسيم آخر بفضل كلمتنا هذي من وحي الماضي.. * وحي أمسية تسمَّرت فيها أمام الشاشة أشاهد حلقة من برنامج (أسطوري).. *برنامج (أسماء في حياتنا).. *أشاهد صاحب (الدويتو) الشهير مع المطربة اللبنانية صباح.. * وقبل أيام تسمَّرت- أيضاً- أشاهده هو نفسه مخصصاً سهرة عن أحمد المصطفى.. * وتخللتها أغنيات له من حلقة (أسماء في حياتنا) تلك.. *وشدا فيها الراحل المقيم بـ(سفري) و(في سكون الليل) و(راحل مقيم).. * كان (وسيماً) في مظهره وملبسه وغنائه وحديثه كحال رصفائه في ذاك الزمان.. *كحال وردي وكابلي وحسن عطية وعثمان حسين.. * ثم خلف من بعدهم خلفٌ جسدوا القبح بكل معانيه، شكلاً ومظهراً وملبساً ومسلكاً.. *ثم جسدوه - وهذا هو الأسوأ - غناءً (قبيحاً).. *ويجني عز الدين على والده إذ يحرم جيل اليوم من وسيم أغنياته.. *قال إما أن يغنيها هو أو (بلاش).. *رغم إنه لا يجهل - قطع شك- الفارق المهول بينه وبين أبيه.. *الفارق في الصوت والحضور والموهبة والإبداع.. *وفي (وسامة) كل شيء.. * ويبقى أحمد المصطفى عنواناً فنياً وسيماً لزمان الوسامة.. * وشكراً (الوسيم) عمر الجزلي !!!