*لم نجد ما نتحدى به سوى أن نتكلم.. *أن نتكلم كلاماً كثيراً عوضاً عن أن ننجز إنجازاً قليلاً.. *فقليل الإنجاز كان يغني عن كثير الكلام.. *والقليل هذا كان يتمثل في (عقدة) مادة الرياضيات.. *وبدلاً من أن (نحل) هذه العقدة أخذنا (نربط) في عقدة أخرى.. *عقدة نفسية جراء إحساسنا بعدم التفوق الدراسي.. *أما الذين كانوا ضحايا صراخنا هذا فهم أول الفصل وثانيه وثالثه.. *وتحديداً الأول والثاني وهما ضياء وهاشم.. *والثاني هذا هو هاشم الجاز- عليه الرحمة- الذي كان ملحقنا الإعلامي بقطر.. *هاشم الذي رحل (شاباً) من فرط تأثره برحيل أخته.. *ونصحنا أستاذ الرياضيات- عبد الرزاق- بأن نستنهض (العزة) في دواخلنا.. *قال إنها القوة الكامنة التي لها أثر السحر إن تفجرت.. *وقررنا الكف عن الصراخ والعمل في صمت.. *وبحثنا عن (العزة) في دواخلنا فوجدناها.. *واعتكفنا - استذكاراً- بمنزل (صارخ) مثلنا جوار مدرستنا الابتدائية.. *وركَّزنا على (فرَّاق الحبائب)- تحديداً- الذي هو أصل العقدة.. *وتحولت عقدتنا النفسية إزاء الرياضيات إلى حب عقلاني.. *وحان موعد الامتحان لمرحلة الثانوية العامة.. *فكانت أسماؤنا من بين الثلاثين الأولى على مستوى المنطقة.. *ورفعنا رؤوسنا بـ(عزة) أمام ضياء وهاشم.. *والبارحة قرأت تقريراً عن مستويات الحب لدى الألمان الذكور.. *الحب الممزوج بأحاسيس (العزة).. *فجاءت ألمانيا أولاً ، ثم السيارة ، ثم الزوجة.. *ليست ألمانيا بوجودها الجغرافي وحسب وإنما الجنس الآري لشعبها.. *وهو الوتر الذي ضرب عليه هتلر فتذكر الألمان عزتهم.. *فنهضوا - في المجالات كافة- عقب مذلة (فرساي).. *وفي تقرير مماثل قبل سنوات عن إنجلترا جاء الترتيب مطابقاً عدا السيارة.. *ففي مكانها حل الهوس بكرة القدم.. *وقيل إن الإنجليزي لا يتردد في التضحية بأحد موعدين لو تزامنا.. *موعد مع فتاته ، وآخر مع ناديه الذي يشجعه.. *وما من إنجليزية- تقريباً- إلا وتشتكي من هذه التضحية.. *ولكن عند داعي (عزة) الوطن يهون كل شيء.. *ونحن في بلادنا نعاني من تشويش (راداري) حيال العزة الوطنية.. *نتكلم عنها كثيراً ولا نفعل لأجلها سوى القليل.. *وتضطرب بوصلة عزتنا الوطنية عند محاولة استكشاف وجهة هويتنا.. *فهي تتذبذب ما بين عروبة وأفريقانية ونوبية.. *ويكاد ينعدم- من ثم- حس وطني مشترك مستنهض للعزة في دواخلنا.. *ومن غير الحس هذا نظل نتكلم دون أن نفعل.. *نظل نمني النفس برفعة نالها آخرون ونحن قاعدون.. *نظل نتحدى الناجحين وتهزمنا عقدنا النفسية.. *نظل نسقط وما من (أستاذ عبد الرزاق!!).