لوثة الحِوار التي أنعشت تيّسنا المُستعار بقلم الدكتور د. شهاب طه

لوثة الحِوار التي أنعشت تيّسنا المُستعار بقلم الدكتور د. شهاب طه


06-27-2016, 09:33 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1467059589&rn=1


Post: #1
Title: لوثة الحِوار التي أنعشت تيّسنا المُستعار بقلم الدكتور د. شهاب طه
Author: شهاب فتح الرحمن محمد طه
Date: 06-27-2016, 09:33 PM
Parent: #0

08:33 PM June, 27 2016

سودانيز اون لاين
شهاب فتح الرحمن محمد طه-
مكتبتى
رابط مختصر



في منطقة سوبا كان هناك مستثمر يملك مزرعة ضخمة وبها قسم للإغنام ومن ألبانها ينتج أجود وأغلى أنواع الجبن ويصدرها لدولة الأمارات العربية المتحدة ولكنه تعثر في تصدير صغارها من الجديان (العتود) للسوق الخليجي لضعف بنيتها.

طلبني لأكون الطبيب البيطري المشرف على المزرعة فوافقت ومنذ اليوم الأول لاحظت عشكبة التيوس الأباء وضعف نوعية سلالاتهم وبنيتهم وكان عددهم ١٢ فقلت له: "نحتاج لتيس واحد من سلالة الأنجلونوبيان Capra Aegagrus Hircus المميزة لتحسين النسل" .. فقال أنه بحث عنها في الأسواق فلم يجدها وهي فقط تستورد من بريطانيا .. فأتصلت بزميل بيطري يملك مزرعة في الجزيرة فأعارني تيس آنجلونوبيان .. فأحضرناه فأجمع جمهور العاملين في المزرعة على تسميته التيس المستعار.

تجهجهت غنمايات مزرعتنا وتبهدلن وتبدل حالهن لقدوم ذلك التيس الوسيم القوي البنيان الممشوق القوام، النوبي الأصل (بلدياتنا) وبريطاني المولد والنشأة .. غارت تيوس المزرعة وغضبت فقررت التكالب على القادم الجديد فلجاؤا لآلية القوات المشتركة ووزعوا أنفسهم لثلاثة ورديات، وفي كل وردية ٤ تيوس، على أن تتناوب النطح الممنهج للتيس المستعار وعلى مدار الأربعة وعشرين ساعة وحتى لا يقترب من حرائرهم.

حزن التيس المستعار وباظت حالته النفسية .. بل رفض تناول الوجبات العلفية المميزة التى إختصاه به الشاب الخلوق إسماعيل، راعي ومشرف المزرعة .. حاول إسماعيل حل تلك المعضلة، فأبتدع آلية ليلية، وسميناها آلية الدفاع بالزوغان، تقضي بتهريب بعض الغنمايات الحسان بالدس إلى حوش الأعلاف المسور لمؤانسة التيس المستعار ولكنه ظل على ضبلنته ومرقان نفسه من الدنيا وما فيها لشعوره بعدم الترحاب والتربص .. تحامل إسماعيل على تيوس المزرعة وحاول فرض الضغوط عليهم وتقليل كميات الأعلاف والتهديد بالتجويع لوقف ذلك النطح الدوري الممنهج ولكن لم تجدي تلك الضغوط.

وأخيراً تجلى أحد عمال المزرعة وقال لابد من حسم تلك الخلافات بالحوار .. وما أن سمع التيس المستعار كلمة حوار حتى أصيب بإنتعاشة وفرحة هستيرية عارمة فأصبح يفنجط فنجطة مملؤة بالعنفوان والحيوية وينطح يمين وشمال كتعبير عن سعادته الغامرة فعلمنا أن مشروع الحوار الحيواني قد أنعش ذلك التيس المستعار.

حاول الفصيل الأصل من تيوس المزرعة مطمطة الحوار ولكن تدخل إسماعيل تدخلاً سافراً، كآلية خارجية، ليعلن منح الجنسية المزرعية للتيس المستعار .. فأصيب تيسنا بفرح غير مسبوق وزاد في الفنجطة والنطنطة والدوران حول نفسه وممارسة النطح المتوالي السريع حيث يمر على كل التيوس، الإثنى عشر، المذهولين المهجومين، الواقفين حوله على شكل دائرة، فينطح كل واحد منهم نطحة خفافية عابرة على سبيل المكاواة .. وفجأة ينطلق التيس المستعار نحو مناصره إسماعيل، الذي كان واقفاً على البعد، لينطحه في بطنه نطحة من باب المداعبة اللذيذة تعبيراً عن إمتنانه وشكره له ولكن حدثت الطامة الكبرى حيث سببت تلك النطحة الحنينة الأذي الجسيم لإسماعيل،؟ فقد صادفت مكان العملية الجراحية الخطيرة في بطن إسماعيل .. كان إسماعيل وقد وقع بالعجلة وهو في سن الرابعة عشر حيث وقع على البدال ببطنه فطعنه أسفل السُرّة وسبب له فتاق فظيع عولج بعملية جراحية كبيرة .. تدهورت حالة إسماعيل الصحية فأجمعنا على أن تيسنا المستعار أصابته لوثة الحوار .. تم تسفير إسماعيل للعلاج في الأردن على نفقة صاحب المزرعة السخي.

تأخر إسماعيل في الأردن .. وغابت الإدارة الصارمة لمراح الغنم وغلب جميع العاملين الحيلة في أمر التيس المستعار الذي فرض سطوته على المزرعة كلها بعد أن كون حاشيتة الموالية، من حسناوات الغنمايات، صاحابات النفوذ اللّآئي إتخذهن خليلات خالصات له، ومعهن بعض أولادهن من التيوس الجدد .. فتفرعن التيس المستعار ووضع الشروط القاسية لبقية التيوس الكارهين له حيث لا يجوز الإقتراب من الغنمايات الحسان إلا بإذنه وحتى الأكل والشرب .. فقط كنت أشاركهم تلك المأساة بإعلان قلقي، من الصنف البان كي مونيّ، وبعد ما علمت أن أسماعيل قد تماثل للشفاء ووجد عملاً مجزياً في مجاله وأستقر في الأردن تقدمت بإستقالتي وقررت الهجرة إلى كندا منذ ذلك الحين.


تحياتي
د. شهاب طه
من مذكراتي كطبيب بيطري




أحدث المقالات
  • دوافع و مآلات قرارمُغَادَرَة بريطانية Brexit للاتحاد الأوروبى بقلم طارق مصباح يوسف
  • أخي عرمان وأحزان السودان !! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • أيتها المعارضة الحذر، كل الحذر من دخول ( بيت العنكبوت)..! بقلم عثمان محمد حسن
  • تائه بين القوم/ الشيخ الحسين/ عن السيد احمد المرغني
  • رمي الحجر ام تقديم الثمر بقلم سميح خلف
  • خيارات حركة حماس في الانتخابات البلدية بقلم د. فايز أبو شمالة
  • الانفصال الزلزال: أزمة بريطانية متفاقمة ومأزق أوروبي(د احمد حسين ادم) أكاديمي وسياسي
  • ومن المآسي ..!! بقلم الطاهر ساتي
  • في صالة المغادرة بقلم فيصل محمد صالح
  • أشهر أفلام الرعب (الاستثماري)!! بقلم عثمان ميرغني
  • قلب الندم !!! بقلم صلاح الدين عووضة
  • سيدي الرئيس .. NOW or NEVER (2-2) بقلم الطيب مصطفى
  • ميسي وكاميرون وابراهيموفيتش يصفعوننا شعبا وحكومة ومعارضة بقلم أكرم محمد زكي
  • كلمة وغطايتها .... الهروب من الاعتراف . الي متي؟؟؟ بقلم صلاح الباشا
  • الفشل السودانى فى الدولتين ظاهرة طبعية!! بقلم عبد الغفار المهدى