جادين: راهب الفكر والسياسة بقلم فيصل محمد صالح

جادين: راهب الفكر والسياسة بقلم فيصل محمد صالح


06-20-2016, 03:13 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1466431992&rn=1


Post: #1
Title: جادين: راهب الفكر والسياسة بقلم فيصل محمد صالح
Author: فيصل محمد صالح
Date: 06-20-2016, 03:13 PM
Parent: #0

02:13 PM June, 20 2016

سودانيز اون لاين
فيصل محمد صالح-sudan
مكتبتى
رابط مختصر


رحل بالأمس المفكر والسياسي محمد علي جادين بعد معاناة قصيرة مع المرض، ودع في صمت يشبه حياته التي عاشها، مليئة وضاجة بالحياة وبالإنتاج الفكري والسياسي، لكنها تعبر عن نفسها بطريقة هادئة ووادعة.
يعتبر جادين من الجيل المؤسس للتيار القومي في السودان، بدأ العمل فيه مع ثلة من رفاقه، إذ يؤرخ هو نفسه لبدايات انتمائه لهذا التيار بتنظيم الجبهة العربية الاشتراكية بجامعة الخرطوم في أواخر الخمسينات وبداية الستينات، بينما كانت هناك تنظيمات وبؤر أخرى للتيار القومي في المدارس الثانوية وجامعة القاهرة فرع الخرطوم. ورغم أن التيار القومي في بداياته كان متعدد المدارس ويجمع بين فكر البعث والانتماء الناصري وتأثيرات قومية أخرى، إلا أن الخلايا البعثية كانت الأكثر تنظيماً وترابطاً، حتى أدت في النهاية لبلورة وظهور تنظيم بعثي مستقل عن بقية التيارات القومية.
كان جادين رفيقاً لمحمد بشير (عبد العزيز حسين الصاوي) ، إسحاق شداد والصادق شامي بجامعة الخرطوم، ومعهم واصل رحلة الانتماء لحزب البعث وقدم عصارة جهده الفكري والتنظيمي والسياسي، وتفرغ جادين لسنوات للعمل الحزبي، يعمل وينتج في صمت دون ضوضاء. لم يكن مجرد كادر سياسي وتنظيمي، لكنه كان رجل فكر في المقام الأول، ولم يستسلم لسلطة الأيدلوجيا دون أن يسائلها. أخضع نفسه ، مع نخبة من رفاقه، لعملية مراجعة هائلة، لعلها لم تنته حتى ساعات رحيله.
اختلف جادين وبعض رفاقه مع قادة الحزب في القيادتين القومية والقطرية حول الوضع في السودان والموقف منه، هل يتم اتخاذ الموقف بناء على الوضع الداخلي في السودان ومواقف القوى السياسية المختلفة، أم المعيار هو "المواقف القومية" للنظام السوداني. وخرج جادين والصاوي ورفاقهم ليعلنوا انضمامهم للمعارضة، حين كانت القيادة القومية والقطرية تخضع الأمر لتوازنات أخرى،
كانت تلك تجربة صعبة وقاسية، خاصة وأنها حدثت في ظروف سياسية خانقة وطاردة وصعوبة في تأمين لقمة العيش، لكنهم صمدوا لفترة واستطاعوا أن يقدموا منبراً موازياً أخضع كثيراً من القضايا الفكرية والسياسية لعملية مراجعة هائلة، ربما لم ترضِ البعض، لكنها كانت مرضية لمن قاموا بها ولضمائرهم وأفكارهم,
أنتج حادين عدداً من الكتب المنشورة ، غير الدراسات الداخلية للحزب التي لا تحمل أسماء كتابها. ونشر مع الصاوي مراجعاتهم للثورة المهدية، ثم بانوراما تاريخ التيار القومي في السودان، ومناقشات حول الديمقراطية والوحدة الوطنية، بجانب عدد من التراجم المميزة. كما كان كان كاتباً راتباً بعدد من الصحف، وقد سعدنا بقلمه الدفاق في طيبة الذكر "الأضواء".
كان رجلاً هادئاً وعقلانياً، ابتسامته الساخرة لا تفارقه، يرتدي الجلابية والعمامة في أي وقت وأي مكان، واسع الصدر للنقاش والحوار في أية قضية لم يعطل الانتماء العقائدي لفترة من حياته قدرته على التفكير الحر والخلاق، ولم ينقلب على رفاقه بسوء، وإنما فارقهم بهدوء واحترام، ومشى يخط لنفسه درباً جديداً، هو نفسه درب النضال والالتزام والعمل من أجل القيم الإنسانية السامية، وإن تغيرت اللافتة التي يقف تحتها.
رحمه الله وأحسن إليه.


altayar

أحدث المقالات
  • القرار العظيم.. للرجل العظيم!! بقلم عثمان ميرغني
  • السنوسي يعود إلى البيت القديم بقلم عبد الباقى الظافر
  • ثم يلعنوه !!! بقلم صلاح الدين عووضة
  • المسرحية القاتلة.. تبدأ بقلم أسحاق احمد فضل الله
  • الشاحنات المصرية والكوميسا بقلم الطيب مصطفى
  • أيهود باراك غائبٌ يتهيأ للعودة بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
  • تائه بين القوم/ الشيخ الحسين / دعوة للتضامن مع ال الشريف الهندي
  • ضعف الدبلوماسية السودانية !! بقلم احمد دهب