ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي


06-12-2016, 01:43 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1465692206&rn=0


Post: #1
Title: ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
Author: مصطفى يوسف اللداوي
Date: 06-12-2016, 01:43 AM

00:43 AM June, 12 2016

سودانيز اون لاين
مصطفى يوسف اللداوي-فلسطين
مكتبتى
رابط مختصر



كل الأضواء السياسية والأمنية والعسكرية تتجه نحو وزير الحرب الإسرائيلي الجديد أفيغودور ليبرمان، تتابع وتراقب وتنتظر، ماذا سيفعل وكيف سيكون رده على العملية الفدائية النوعية التي وقعت في مدينة تل أبيب، والتي نفذها مقاومان فلسطينيان شابان جامعيان من بلدة يطا بمحافظة الخليل، وأسفرت عن مقتل أربعة وإصابة أكثر من ثلاثين إسرائيلياً بجراحٍ مختلفة، منها الحرجة والمتوسطة، ومنها البسيطة نتيجة الخوف والصدمة وردة الفعل النفسية، فضلاً عن الخراب والتدمير الكبير الذي لحق بالمكان جراء التدافع وإطلاق النار.

العملية العسكرية كانت مدوية ونوعية ومهولة لا لجهة عدد القتلى وحجم الخسائر، فالأعداد المعلنة مهما بلغت فهي ليست كبيرة إلى الدرجة التي توصف فيها العملية بأنها جدُ خطيرة، إذ أن عملياتٍ عسكرية أخرى أوقعت أضعاف أعداد القتلى والجرحى في هذه العملية، ومع ذلك فإن الكثير من العمليات الأخرى لم توصف بأنها نوعية وخطيرة وتشكل اختراقاً أمنياً غير مسبوقٍ، رغم أن منها عمليات قنصٍ واشتباكٍ وأخرى تفجيرٍ، بالإضافة إلى عمليات الدهس والطعن.

ولكن الطريقة التي تمت بها العملية، وقدرة الشابين على الوصول الآمن إلى المطعم، وتصرفهما بكل ثقة وطمأنينة، دون أدنى إحساسٍ بالخوف أو القلق والإرباك، إذ دخلا المطعم كغيرهما، وهما يلبسان ثياباً لائقة لا تبعث على الاشتباه أو الريبة، بل تدفع العاملين في المطعم إلى احترامهما وتقديرهما، ووضعا حقيبتيهما التي تخفي بندقيتهما بجانبهما، وقد احتلا طاولة مناسبة قريبة من الباب الخارجي للمطعم، وتحدثا مع النادل الذي لم يكتشف من لكنتهما أنهما ليسا إسرائيليين، فقد تحدثا بلغةٍ عبريةٍ سليمة، ولم يظهر عليهما أنهما عربيان، وطلبا ما يريدان شراباً وطعاماً، واستمعا إلى صوت الموسيقى الهادئة في المطعم، ولم يعر تصرفهما انتباه أحد.

أما مكان تنفيذ العملية وإن كان في مطعمٍ في مجمعٍ تجاري كبير يرتاده الكثير من الراغبين، إلا أن وجوده بالقرب من مراكز القيادة العسكرية ومجمع وزارة الحرب الإسرائيلية، حيث يوجد مكتب ليبرمان الجديد ومكاتب كبار ضباط جيش العدو، الذين يديرون العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين، ويصدرون الأوامر بقتلهم واعتقالهم ومداهمة وتدمير بيوتهم، واجتياح بلداتهم، وإغلاق مداخلها ووضع الحواجز على بواباتها، وتضييق الحياة عليهم وإغلاق سبل العيش أمامهم، بحجة ضبط الأمن، ومنع العمليات الأمنية، وملاحقة المطلوبين وتصفية النشطاء والمسؤولين.

أما توقيت العملية المفاجئ فقد كان غايةً في الدقة والحساسية، إذ شكل إحراجاً كبيراً لليبرمان بعد أيامٍ قليلةٍ من تسلمه مفاتيح مكتبه الجديد، الذي ظن أن توليه لمنصبه وإدارته لشؤون وزارة الحرب سيخيف الفلسطينيين وسيكون رادعاً لهم، وأنه سيمنعهم من التفكير في أي أعمال مقاومة، مخافة ردة الفعل الإسرائيلية، التي أعلن عنها بنفسه مسبقاً، وأكد أنه سيتبعها وسينفذها ضد الفلسطينيين عامةً، وأن عقابه سيكون صارماً، ورده سيكون مرعباً ومزلزلاً، وسيطل مقار المقاومة ومراكزها وقيادتها، ولن يميز في رده بين مسؤولين عسكرين وآخرين سياسيين، وأنه لن يتهاون في الرد أياً كان، ولن يعير الرأي العام الدولي أي أهميةً على حساب أمن كيانه وسلامة مستوطنيه.

اعتاد ليبرمان قبل أن يدخل وحزبه الائتلاف الحكومي ويسمى وزيراً للحرب، أن يوجه انتقاداتٍ حادةٍ إلى سلفه ورئيس أركانه وكبار مساعديه من ضباط الجيش، متهماً إياهم بالتقصير والإهمال، وأنهم يفرطون في حقوق الشعب اليهودي، ولا يقومون بما يجب عليهم القيام به لحمايتهم وصد الخطر عنهم، ومواجهة الإرهاب الذي يتربص بهم ويهددهم، وكان يدعو قيادة الجيش إلى توجيه ضرباتٍ أكثر عنفاً وشدة ضد القوى الفلسطينية، إلا أن انتقاداته المتوالية لأداء الجيش تسببت بوقوع أزمة بينهما، ظهرت في استياء قادة الجيش منه، وعدم ترحيبها بتسميته وزيراً للحرب ومسؤولاً عنهم، فضلاً عن عدم اقتناعهم بكفاءته وقدرته على القيام بالمهمة الجديدة، التي هي فنية ومهنية قبل أن تكون فقط سياسية وإعلامية.

لهذا كله فقد وضعت عملية تل أبيب الفدائية ليبرمان في وضعٍ حرجٍ، وأجبرته على أن يتعامل مع الواقع كما هو، وأن يتوقف عن التنظير والسياسة، والديماغوجيا والشعارات الفضفاضة، ووجد نفسه مضطراً أن يحبس نفسه في غرفةٍ مغلقة مع ضباط جيشه للتفكير في أسلم الطرق والسبل لرد على الفلسطينيين ومواجهة مقاومتهم، كما وجد نفسه مضطراً أن يستمع حتى النهاية لرأي بعض الضباط الذين يرون أن الاحتلال هو سبب المقاومة، وأن الطريقة التي تتعامل بها الحكومة مع الفلسطينيين هي التي تؤجج العنف، وتفتح المجال أمام المقاومة للثأر والانتقام، وأحياناً للتعبير عن حالة الانسداد السياسي التي تشهدها المنطقة، والتدهور الاقتصادي المخيف الذي يعاني الفلسطينيون من نتائجه.

أصغى ليبرمان مرغماً إلى رأي بعض ضباط جيشه الذين يرون أن الحلول ليست أمنية فقط، وأن المواجهة مع الفلسطينيين ليست عسكرية في الميدان، وأن العقوبات الجماعية أكبر وصفةٍ للعنف الجماعي، وأقصر طريقٍ لديمومة الانتفاضة، وأيسر وسيلةٍ لدفع الشباب الفلسطيني إلى تقليد بعضهم، والقيام بعملياتٍ انتقامية ضد أي أهدافٍ إسرائيلية، وأن الحلول التي يطرحها ليبرمان والتي يظن أنها جديدة وفعالة، سبق وأن جربها الجيش والحكومة خلال السنوات الماضية، لكنها لم تثمر هدوءاً، ولم تولد استقراراً، ولم تدفع الفلسطينيين إلى السكون والاستسلام، والخضوع والقبول بالأمر الواقع.

حاول ليبرمان مستدركاً إعادة الاعتبار إلى قادة وضباط جيشه، بعد أزمة الثقة التي أحدثتها تصريحاته الناقدة لهم، عندما حذر الفلسطينيين بلسان جيشه "من يحاول المس باليهود فسيدفع الثمن، وإذا حاولت أي من الأطراف اختبار قدراتنا، فسيجدون أنفسهم أمام جيشٍ قوي"، وكأنه بهذه التصريحات يعيد القدرة والقرار والاحترام إلى ضباط جيشه العارفين بمواطن القوة، والمدركين لأبعاد الخطر.

لهذا يمكننا القول أن عملية تل أبيب التي شكلت صفعة قوية لطمت وجه ليبرمان، فإنها قد نجحت أيضاً في تغيير خطابه، وتليين مواقفه، إذ أيقظته من منامه المستغرق، وأعادته من خيالاته العدمية إلى الواقع الصعب، والتحدي الحقيقي، فأصبح حائراً بين الشعارات والتطبيق، وبين الآمال والقدرات، وبين الواقع والتوقعات، وأعرجاً يتعثر وترنج في طريقٍ ظنه في مواجهة الفلسطينيين سهلاً ومعبداً.

بيروت في 12/6/2016

https://www.facebook.com/moustafa.elleddawihttps://www.facebook.com/moustafa.elleddawi

[email protected]

أحدث المقالات


  • الفرصة مواتية لانتصار السلام في أمريكا بقلم نورالدين مدني
  • أخلقوا ألمعاذير فى سدوم شعر نعيم حافظ
  • فلندعم توجهات وزير العدل بالغاء القوانين المخالفة للدستور و المواثيق الدولية بقلم ابوبكر القاضي
  • قصصات وفاء لأصدقاء الثورة الأرترية بقلم محمد رمضان
  • عسل الوجود بقلم د. فايز أبو شمالة
  • الصراع الإيراني الأمريكي بين الشك واليقين بقلم الدكتور سفيان عباس التكريتي
  • في زكري قرار الرابع من رمضان بقلم Dr.Almogdad Adam Taha Hussien
  • المراة التي جعلت النوم يطير من عيون المجرم عمر البشير .. بقلم الفاضل سعيد سنهوري
  • المِيَاه و نطَاق التَّجَوُّل لِاِسْتِدَامَةِ الْمَرَاعِي بقلم مُحَمَّد عَبْد الرَّحِيم سيد أَحَمَّ
  • الموضوع: تحذير .. هام و عاجل جدا .. جدا ..!! قريمانيات .. يكتبها الطيب رحمه قريمان
  • ليس الأمر كما يراه نبيل أديب!! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • محمد علي .. نموذج للمسلم الحقيقي. بقلم الطيب الزين
  • (عايزنها كده) بقلم الطاهر ساتي
  • (القيامة) .. مطلب شعبي بقلم جمال السراج
  • هل مشى (كلاي) خلف جنازة (محمد علي) باكياً حافياً..؟! بقلم أحمد إبراهيم
  • توتة توتة......وما خلصت الحدوتة..!! بقلم توفيق الحاج
  • شجرة الفكي ..!! بقلم عبد الباقى الظافر
  • هزيمة الاسلاميين؟؟ بقلم أسحاق احمد فضل الله
  • (الصيحة) للأذكياء !! بقلم صلاح الدين عووضة
  • (غضبة الحليم)!! بقلم عثمان ميرغني
  • صحافة الغفلة! بقلم الطيب مصطفى
  • محمد علي كلاي: شارك في تشييعه زعماء من مختلف أنحاء العالم في موكب مهيب
  • صادق خان وفوز الإسلام المستنير بقلم بدرالدين حسن علي
  • عبد الخالق محجوب وصفوف أمين حسن عمر بقلم عبد الله علي إبراهيم
  • عملتوها شينة يا مريخاب !! بقلم الشفيع البدوي
  • الإعلاميون بين دائرتي الواقع و الطموح بقلمزين العابدين صالح عبد الرحمن
  • المؤتمر الوطنى هذا الوعاء الجامع بقلم محمدين محمود دوسه
  • الفنان الشامل والعطاء الجميل بقلم د. موفق نورالدين مدني