*من حسن حظه إنه ليس في أي من الدول هذه.. *فلو كان في الصين مثلاً لاخترقت رصاصة مؤخرة رأسه.. *ولو كان في كوريا الشمالية لضُرب بمدفع مضاد للطائرات.. *ولو كان في كوبا لنصبت له المشنقة في ميدان عام.. *ولو كان في السعودية لأقيل من منصبه فوراً.. *ولو كان في إسرائيل لقُدم إلى محاكمة تخلو من الوساطات.. *ولكن بما إنه في السودان فلن يصيبه (الحبة).. *لا محاسبة ، لا سؤال ، لا عتاب ، ولا أي شيء خالص.. *بل ربما نسمع بترقيته قريباً إلى منصب أرفع.. *إنه المسؤول عن كارثة بيئية تهدد صحة الألوف من المواطنين المساكين.. *من الذين لا يعرفون (يلقوها من وين وللا من وين؟).. *من قسوة الأسعار؟ من وحشية الرسوم؟ من قطوعات الكهرباء؟.. *أم- وهذا هي المصيبة- من المسؤولين أنفسهم؟.. *وإليكم القصة كما رواها مراسل صحفي أتمنى أن تكافئه صحيفته.. *فهو قاوم (إغراء) القصص التي تدور في فلك الوالي.. *قصص المهرجانات والغناء و(الهجيج) والوعود وتصفية الحسابات.. *إنه حسن محمد عبد الرحمن مراسل (التغيير) من ود مدني.. *وأصل القصة أن سائق عربة الصرف الصحي لمشفى الجزيرة للكلى وضع بالحبس.. *فقد تم القبض عليه وهو يمارس عمله اليومي.. *بل هو يمارس عمله الخاص بالشفط هذا ست مرات في اليوم.. *وعقب خروجه من السجن امتنع عن أداء مهامه.. *بل أقسم - رأسه وألف سيف- ألا يقوم بشفطة واحدة.. *والسبب أن معتمد محلية مدني الكبرى أصدر قراراً كارثياً دون تحديد البديل.. *قال إنه يمنع تفريغ مياه المشفى في المكب القديم.. *مياه المشفى التي هي خلاصة عمليات الغسيل الدموي لمرضى الكلى.. *ثم لم يحدد مصباً جديداً تُنفى إليه المياه الملوثة.. *وتظل إدارة المشفى تنتظر قرار المعتمد زمناً دون أن يصدر.. *يعني القرار الخاص بالمنع صدر فوراً.. *أما الخاص بالحلول فيبدو أنه غير جاهز في ذهن سيادته.. *ولحين صدور القرار الثاني هذا اتخذ ماء الصرف سبيله في البحر سربا.. *وطفقت مياه النيل تتلوث رويداً رويداً بمخلفات الكلى.. *وعبثاً تلاحق إدارة المشفى المعتمدية.. *وسائقو عربات الصرف الصحي يرفضون الذهاب إلى المصب القديم.. *فذهابهم إلى هناك يعني ذهابهم للسجن.. *والسيد الوالي لا نعرف موقفه بالضبط من هذه الكارثة الصحية.. *ولكن ثمة اقتراحاً يمكن أن يحفزه للإسراع بالحل.. *أن يجتهد في إيجاد مكب جديد يتم تدشينه بمهرجان غنائي.. *ولتتلوث أسماعنا عوضاً عن النيل !!!