كنت أمر بزاوية للطريقة التيجانية في حيِّنا.. صوت ينبعث من الزاوية في تناغم جماعي مذهل:- " اللهُ.. اللهْ.. اللهُ.. اللْه.....".. و هاتف ينطلق من ما وراء الطبيعة:- " و المؤتمر الوطني عدو اللهِ! اللهْ! عدو اللهِ!.. اللهْ!..."
ضيَّق متنفذوا المؤتمر الوطني المعيشة على السودانيين تضييقاً خانقاً، و سفينة المتنفذين تمخر عبابَ بحارِ كلِّ ما نهى عنه الله و رسوله من اكتناز للمال.. و ظلم و تعسف و قتل الأنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق.. و يأتي رمضان و يذهب رمضان.. و يأتي رمضان آخر و يذهب.. على مدى حوالي 27 رمضان، و السفينة ماضية في غير بحار الله.. و ركاب السفينة يمارسون ما يمارسون من حيف و قهر و استبداد.. و لا ينشد المتعسفون و القَتلة توبة.. و يكذبون في شعبان و في رمضان.. و يتنفسون الكذب في كل حركاتهم و سكناتهم.. و ينافقون الله و رسوله بكل وقاحة!
أطل الناطق الرسمي باسم الحكومة يوم السبت 21/5/2016 ليعلن عن حزمة إجراءات يتم اقرارها بمجلس الوزراء خلال أسبوعين، و من ثم يتم كبح جماح الدولار خلال أيام.. يا سبحان الله! ( إسبوعان) لاقرار الاجراءات تتم بعد ذلك هزيمة الدولار ( خلال أيام).. ما أهونه من دولار إذا تحقق ذلك!
منافقون!
كلماتهم تُشهر سيف الكذب و تمضي عارية بين الناس، و يصفق بعض الناس، و الناس سكات.. و الثور الأرعن يكذب.. ينطح يبقر بطوناً ما ذاقت طعم حياة طيبة منذ سنين.. ( الجِنِّي) لم يتحرك.. ما يزال ( مكبوساً) في القمقم.. و ( علاء الدين) يتردد في استدعاء ( الجِنِّي).. لم يأن أوان إطلاق سراح الجني بعد.. و الكذب ( ينداح) و ينداح و السرقات ( تنداح) و تنداح.. و ( أحسب أن) و ( أحسب أن) و لا حساب ولا محاسبة.. كلمات تصدر من ببغاوات.. تحدث البشير عن ( بشريات).. و انطلقت الببغاوات بالكلمة في جميع أنحاء البلاد.. بشريات.. بشريات.. بشريات!
و تزاحم ( البُشرَياتُ) البشرياتِ.. و تتحطم أحلامَ الغلابى في التو و اللحظة.. نحلم نتصور شكل البشريات لو تحققت.. لكننا ندرك، في التو، أن البشريات سراباً بقيع.. لا نصدق أنهم سوف يكبحون جماح الدولار و هم أنفسهم رافعة يجلس في قمتها الدولار الواثق من ضعف نفوس جالسة فوق كراسٍ مسروقة..
كبح جماح الدولار قال!!
و يظل التسويف يلازم كل الكذب المتدفق.. ( سوف) و ( سوف) يقوم وزير المالية بتوضيح الصورة الكالحة للضائقة المالية لوسائل الإعلام.. مع أن وسائل الاعلام تفهم الضائقة المالية و مسبباتها أكثر مما يفهم الوزير! و بثقة المنافقين يقول / أحمد بلال، الملكي الأكثر من الملك و المتحدث باسم الحكومة، أن ثمة حزمة إجراءات لمعالجة الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، وأن هناك " مؤشرات إيجابية" لكبح جماح الضائقة المالية خلال أيام! و يلقي بسبب الضائقة المعيشية على الحصار الاقتصادي.. و ينسى أن علاقة الحصار الاقتصادي بالضائقة المعيشية في السودان ترتبط ارتباطاً عضوياً بعلاقة التمكين بالتهميش الصارخ في البلد.. و تمتد العلاقة إلى وضع الرجل غير المناسب في مكان غير مكانه..
الصحفية/ رندا عبد الله ذكرت في صحيفة ( اليوم التالي) الورقية، بتاريخ 24/5/2016.. أن وزير الأوقاف نوه، أمام البرلمان، إلى أن وزارته استأجرت عمارة بمبلغ 23 ألف دولار شهرياً خصماً على منحة إماراتية.. و عدَّد الوزير 6 مقار إيجاراتها الشهرية بالدولار.. و أن الموقع المختار كان الأرخص من بين المقار المعروضة.. لذا تم استئجاره بالمبلغ المذكور لمدة 3 سنوات.. و ذكر الوزير أن إيجار العمارة القديمة بدأ بمبلغ 65 ( مليون) جنيه.. و ارتفع إلى 85 ( مليون) جنيه شهرياً في العام الماضي.. و أن المالك طالب بعد ذلك بمبلغ 200 ( مليون) جنيه شهرياً قبل أن يطالب الوزارة بإخلاء المبنى..
غريبة! إن وزارة الأوقاف تمتلك عقارات لا حصر لها.. و مع ذلك تبحث عن عقارات للإيجار.. إنها ( كالعيسِ في البيداء يقتلها الظمأً و الماء فوق ظهورها محمولُ..).. و حديث الوزير اعتراف رسمي و صريح بالدولار كعملة رسمية مبرئة للذمة في جمهورية السودان.. و يمكن تداوله في المعاملات خارج البنوك و الصرافات الرسمية.. و أهل الحظوة هم المالكون للدولار ( بالطبع) و المنتفعون من صعوده المستدام.. و لا سبيل للسماح لأحد أن يكبح جماح الدولار المتصاعد في شموخ نابع من انتفاعهم المستمر من ارتفاعه؟
تسلمتُ بالأمس مبلغ فقط خمسة مليون و 200 ألف جنيهاً سودانياً لا غير (5،200،000 ) ج س في موازاة مبلغ 400 دولاراً أمريكياً بعث به أحد المغتربين السودانيين لمصلحة جهة ما في السودان.. و كان ينبغي أن أتسلم المبلغ زائداً 200 ألف جنيه.. و لكن مبلغ ال200 ألف ذلك تسلمته شركة الصرافة عمولة لخدماتها..
و في ذات يوم في بدايات الانقلاب المشئوم، قال صلاح كرار، عضو مجلس قيادة انقلاب البشير، و الشهير بصلاح دولار:- " لو ما جينا كان الدولار لحِق 20 جنيه!".. و ها هو الدولار يلحق 100 ألف جنيه بعد التحولات من جنيه إلى دينار، ثم عودة إلى الجنيه.. و تم خلال ذلك مسح الصفر من على يمين الجنيه ثلاث مرات..!