ود حبوبه (17 مايو 1908): ثورة ام حجة طين ؟ بقلم عبد الله علي إبراهيم

ود حبوبه (17 مايو 1908): ثورة ام حجة طين ؟ بقلم عبد الله علي إبراهيم


05-21-2016, 08:08 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1463857722&rn=0


Post: #1
Title: ود حبوبه (17 مايو 1908): ثورة ام حجة طين ؟ بقلم عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 05-21-2016, 08:08 PM

08:08 PM May, 21 2016

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر


ود حبوبه (17 مايو 1908): ثورة ام حجة طين ؟ بقلم عبد الله علي إبراهيم
نبهني طه أحمد أبو القاسم إلى أنه بمر 17 مايو الجاري نكون على مشارف الذكرى الثامنة بعد المائة لمقتل ود حبوبه المهدوي الذي أراد إحياء الدين والمهدية في 1908. وما حدا بي لكتابة هذه الكلمة في غير ميعاد الذكر التقليدية (المائة ونحوها) أن ثورة الرجل قد خضعت لزعزعة قاسية أخرجتها من الوطنية جملة واحدة. فكتب الأستاذ سيف الدين عبد الحميد ناقلاً عن الجزء الثاني من كتاب "حياتي" لبابكر بدري المعروف أن الوطنية لم تك دافع ود حبوبه ل"الثورة" على الإنجليز بل أن الذي دفعه إليها كانت "حجة واطه" مع أخوانه لم ينصفه الإنجليز فيها حين شكاهم عليهم. ونوه الأستاذ عثمان ميرغني، صاحب جريدة "التيار"، بكلمة عبد الحميد لأنها صادفت معنى مركزياً عنده وهو أن حركتنا الوطنية لم تكن أو كمن لم تكن. وكانت لي مع عثمان جولات حول عقيدته المركزية هذه.
بالطبع هناك ما يمكن أن يقال بشكل إيجابي عن حق ود حبوبه في مأثرته الوطنية. ولكنني سأكتفي في هذا الوضع بمدخل سلبي مداره منهجي: كيف يتعاطى المؤرخ أو المهتم بالتاريخ بشهادات المعاصرين؟ هل يأخذ بها كقول فصل أم أنه ملزوم بتعريضها لنار النقد؟ وهل كل شاهد عدل؟ أم أن الغرض أو الحزازة تلون شهادة بعض الشاهدين؟ هل بدري مصدق عند عبد الحميد وعثمان بما صار إليه من وجاهة أخيراً أم بما سبق حلوله هذه الوجاهة؟ وعليه سينحصر مدخلي السلبي على وطنية ود حبوبه من تضعيف رواية بدري عنها وكشف الغطاء عن حزازته السياسة فيها.
لا أدري إن صح الأخذ بشهادة بابكر بدري بخصوص تجرد ود حبوبه الوطني وهو الذي اعتقد أن مثل وطنية الرجل اندفاعات غير مدروسة وضررها على البلاد أكثر من نفعها. وكان رأي حركة الوطنيين في بدري أنه "مخلص" للإنجليز. و"مخلص" في شرح عبد الله الطيب لها مما قد يعادل "عميل" و "سادن" "وانتهازي" و"فلول" في قاموس لاحق لحركاتنا السياسية. واستنكار، أو استنكاف، بدري لاي شغل وطني ذائع في كتابه لأنه لم يكن يريد زعزعة حكم دولة الإنجليز العاقلة بعد مرارة تجربة دولة المهدية العادلة التي أبلى فيها شاباً "طالباني" المزاج والطاقة. و"العاقلة" و"العادلة" هي من اوصاف بدري للدولتين. فما شام بوادر حركة 1924 حتى شمر عن ساعد لدرئها. فقد سمع عن مدرس مصري بكلية غردون يحرض الطلاب ضد الإنجليز فرأى في ذلك إفسادا. وما كان منه إلا أن جاء المصري في منزله وجعله يقسم على المصحف أن يكف عن تحريضه حتى لا يغلق الإنجليز الكلية فيضرهم في أولادهم. ولما دبت الحركة الوطنية بين الطلاب أخذ يجتمع بطلاب القضاء والمعلمين في منزله لينصحهم ويرشدهم لخير بلادهم ووجوب الحفاظ على الكلية مفتوحة ك "دار علم لا دار سياسة". وأعترف بدري بأن الطلاب الذين كانو يرمونه بالإخلاص للإنجليز لم يستمعوا إلى نصحه. ولم تشفع له جهوده هذه عند الإنجليز الذين خشيوا منها. فلقيه مستر يودال مدير الكلية وطلب منه إلا يجتمع بالطلاب بطلب من ديوان المخابرات. ولتبرئة نفسه من زيغ المخابرات رمى بدري ليودل بكتاب متداول بين الطلبة حوى خطب الزعيم الوطني المصري سعد زغلول. وكأنه يقول له فيقوا يا إنجليز فالمصريون قادمون.
ولعل أوثق وجوه "إخلاص" بدري للإنجليز هي المساعي التي تطوع بالقيام بها للإنجليز لتهدئة طلاب الكلية الحربية الذين وضعهم الإنجليز في باخرة بعرض النهر بعد مظاهرتهم الشهيرة في أغسطس 1924. ومن صراحة بدري المميزة أنه حدثنا بغير لبس أنه خشي أن ذهب للطلاب لبشعوا به. فقد أبلغه المستر هسي، مدير المعارف، أنه سيذهب ويسكت الطلاب الحربيين الذين كانو يصيحون بالليل بأصوات مزعجة. وربما قصد بذلك هتافاتهم وأناشيدهم. ولكن بدري طلب منه ألا "يتعب" نفسه وسيقوم هو بالمهمة بدلاً عنه. ولكن راحت سكرة الإخلاص وجاءت فكرة حقيقة مواجهة الطلاب الحربيين الثائرين. ففكر بدري وقدر. وغير رأيه في الذهاب لهم وقال: "خطر ببالي أن هؤلاء الأولاد في ثورة فكرية قادتهم لهذا العمل الذي لم تزل بوادره مستمرة. فإذا ذهبت وحدي فلا شك أنهم يعتبروني داعية للإنجليز. ولا أنجو من سبهم لي علناً وربما ضربوني ليجعلوني عبرة لغيري حتى يظلوا في نجوة من وسائط خائن الوطن في رأيهم". وعمد بدري إلى حيلة استصحاب بعض وجوه أم درمان معه طلباً للحماية. ولم ينجح في ذلك وبَطل مسعى التوسط مع الطلاب ليكفوا عن إصدار أصواتهم المزعجة في وصف مستر هسي.
إن الأخذ بشهادة مثل بدري عن تجرد ود حبوبه ووطنيتة مجازفة كبرى لأنها تحطيب ليل لا نؤسس به ل"علم الرجال". وهو العلم الإسلامي العريق في التحقق من صحة الحديث بمعرفة راويه او رواته.
أما عن "وطنية" بدري نفسه أو إخلاصه فسبق لي فيها رأي مخالف لرأي مجاليه لا مكان له هنا.


أحدث المقالات
  • الجّماعة، ما صَدّقوا ..! بقلم عبد الله الشيخ
  • السُّودَان سَنَة 2100 تكاتف للتمويل الجماعي بقلم مُحَمَّد عَبْد الرَّحِيم سيدَ أَحَم
  • بوح الحروف بقلم مأمون احمد مصطفى
  • ماذا قال الزهار عن (فزبة) أبي عمار؟ بقلم د. فايز أبو شمالة
  • السعودية تسحب أرصدتها وسفيرها من أمريكا ..عاجل بقلم جمال السراج
  • الوجه الآخر لفتحي الضو محمد بقلم بدرالدين حسن علي
  • حر موت !!! بقلم صلاح الدين عووضة
  • أنا أكره العمدة..! بقلم عبد الباقى الظافر
  • بطاقة شخصية للحكومة الجديدة بقلم أسحاق احمد فضل الله
  • لماذا لا يحترم الإعلام العربي رمضان؟!بقلم الطيب مصطفى
  • والله غزيت ياابوزيد !! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • جمهورية مافى الممكونه بقلم سعيد شاهين
  • ليبرمان يجب أن يغير الأولويات الفلسطينية بقلم نقولا ناصر*
  • مصادقة الكونغرس على القرار 650 الخاص بحماية سكان ليبرتي.. رغم تأخره يجب الإسراع في تطبيقه
  • جهاز الأمن و المخابرات و رسائل غير موفقة بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن
  • شهادة .. الغنوشي !! بقلم د. عمر القراي
  • التنقل في المدينة والولائم مختارات من كتاب أمدرمانيات بقلم هلال زاهر الساداتي
  • الديمقراطية راجحة وعائدة بقلم نورالدين مدني
  • تايه بين القوم / الشيخ الحسين/ البشير يتنازل لعبد الرحمن الصادق عن الحكم- النكتة والتعليق
  • يا دكتور أمين حسن عمر مرافعتك عن الترابى مجروحة! بقلم عثمان الطاهر المجمر طه