في سجن مديرية الأمن بالبصرة بقلم حيدر محمد الوائلي

في سجن مديرية الأمن بالبصرة بقلم حيدر محمد الوائلي


05-17-2016, 10:49 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1463521773&rn=0


Post: #1
Title: في سجن مديرية الأمن بالبصرة بقلم حيدر محمد الوائلي
Author: حيدر محمد الوائلي
Date: 05-17-2016, 10:49 PM

10:49 PM May, 18 2016

سودانيز اون لاين
حيدر محمد الوائلي-
مكتبتى
رابط مختصر







[email protected]



قالت له امه اذهب لترى اباك فلقد سمحوا لنا بمواجهته في سجن مديرية الأمن بالبصرة، لقد سعى لنا اولاد الحلال واستحصلوا موافقة لمواجهته ولكن لشخص واحد.

كان الأب مودعاً في سجن الأمن يسومونه سوء العذاب سجينا سياسياً في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.

امتلأ السجن بالسجناء، فقرروا تبييض السجون بسواد سرادق العزاء على ارواح المعدومين. صفوهم صفين طويلين شبه متساويين دون معرفة من هم وماهي دعاواهم المودعين السجن بسببها حيث جاء الأمر من مدير الأمن أن يصطفوا صفين وقد فعلوا.

هتف مدير الأمن: (اعدموا جميع من في الصف الأيمن وأرجعوا الصف الأيسر لزنازينهم).

هكذا بكل بساطة!

رجع الأب ميتاً بجسمٍ حي لزنزانته حيث كان من أصحاب اليسار. لم يحمد الله بل استغفره أن لم يطلقوا سراح روحه من سجن الأمن وسجن الجسد.

كان له ولدين وزوجة. تولى اخوة الزوجة رعاية الولدين. صار الخال اب واعتادوا على مناداته بالأب، بل هم لم ينادوه بالخال ولا مرة.

رعاهم فكبرا شابين يافعين.

لابد أن يقرر الولدين والأم الان ويحسموا امرهم.

من يذهب لمديرية الأمن ليحضر المقابلة؟! فيجب ان يكون واحداً لا شريك له.

قررت الأم التنازل عن حقها وطلبت من ولدها الأصغر أن يذهب وأقنعت الأكبر بأن أخاه الأصغر لا يتذكر اباه مطلقاً حيث كان طفلا صغيراً حين أودعوا أباه السجن.

مضى الولد الأصغر تلقاء ذلك الصرح المرعب مع تفاصيل المواجهة زوده بها واسطة ابناء الحلال. بعد اللتيا والتي دلف لداخل مديرية الأمن، كان أسم المكان كفيلاً بأن يدخل الرعب على قلوب الناس.

كانت التعليمات أن يذهب الزائر للزنزانة المودع فيها السجين ضمن مجموعة سجناء ويتكلم معه من خلف قضبان الحديد.

صاح به ضابط من ضباط الأمن الذي عرف أن رتبته صغيرة لصغر سنه فبالكاد يكون ملازم أو ملازم اول): (مع من مواجهتك)؟

رد الفتى: (سيدي أنها مع فلان بن فلان).

فأمره الضابط مزمجراً: (اذهب لزنزانه 25 وستجد مجموعة سجناء ينتظرون من يزورهم).

سار الفتى بضع خطواتٍ معدودة، يدفع الخطى دون أن يتقدم سوى بضع امتار لم تمضي به بعيداً.

توقف حائراً!

صرخ به الملازم انف الذكر عن أمره ولماذا توقفه؟

أجاب الفتى: (أنه لا يعرف شكل ابيه! لقد تم حبس أبي يا سيادة الضابط وأنا كنت حينها طفلاً صغيراً ومن حينها مُنعت زيارته وانقطعت أخباره ولا اعرف كيف شكله ومن يكون)؟!

دمعت عينا الضابط وترقرقت دمعتين لم تهطلا لهول ما يسمع!

حتى في هذا الصرح الوحشي ثمة رحمة مؤقتة! وقلة خبرة ضابط جديد عهد بالوحشية.

قاده لأباه دون النبس ببنت شفة.



خرج الأب من سجنه غير عارفاً من هؤلاء الشابين اليافعين الذين يناديناه (أبي).

سقط نظام ظلم صدام فرجع صاحبنا السجين لوظيفته السابقة موظفاً صغيراً في أحد موانئ البصرة. يذهب لعمله يومياً على دراجته الهوائية. بقى في وظيفته المتواضعة حسب اختصاصه ووفق كفائته.



لم يطالب أن يكون مديراً عاماً لمجرد كونه سجيناً سياسياً لعقودٍ من السنين، ولم يركن لطرف الحزب الذي بسببه اودع السجن يرقاه سلماً للثراء.

لم يصعد سلم المميزات والمناصب والمجاملات على حساب وفاءه لسنين النضال التي أكلت زهرة عمره.

لم يرهن سنين الكفاح لجني العوائد والأرباح.

لم يحشر نفسه في مركزٍ ليس أهلاً له ولم يتورط في إدارةٍ ليس كفؤاً لها.

بقى موظفاً صغيراً منسياً ولكنه فخوراً كل الفخر بنفسه، فلم يبيع سنين نضاله ووفاءه لمبدأ الحرية ومقارعة الظلم ببخس مناصب معدودة أو لرهط حمايات فرعونية أو لسحر كرسي الأدارة.



لا يا سيدي فالمسألة مسألة كرامة هانت على الكثيرين. صيروا الكرامة عاراً وذلاً وفساداً.

لا يا سيدي ابق على دراجتك الهوائية تطير حراً كريماً تراقب افواج العبيد قياديين منافقين فاسدين انتهازين ذوي مناصب رفيعة.



أحدث المقالات



  • ميسان الدوحة شكرا ادارة المطبوعات بقلم عواطف عبداللطيف
  • حلايــب .. مصر تخسر الرهان .. بقلم منتصر محمد زكي
  • اغنية سودانية لملكة جمال العالم 2016!!! بقلم فيصل الدابي المحا
  • الشعب السودانى ضحية بين مطرقة أله الحربي وسندان الكيماويات والسموم المستوردة بقلم محمد عامر
  • كلمة الرئيس السيسي وما هو مهم ..... بقلم سميح خلف
  • الثورة لم تنضج وهذه سنة الله في الأرض بقلم محمد علي خوجلي
  • آخر نكتة قوية (هروب الرجال السودانيين)!!! بقلم فيصل الدابي/المحامي
  • شهادة الترابي على العصر حلقة (4) بقلم مصعب المشرّف
  • يوم واحد من حياة رجل عادي! بقلم أحمد الملك
  • مخرجات الفساد !! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • التأميم والمصادرة: قرارات زلزلت الاقتصاد السوداني بقلم د. عبدالله محمد سليمان-المقالة السادسة
  • ايران تحلم بمملكة سومر لاحتلال جنوب العراق بقلم *رشا المندلاوي- صحفية عراقية
  • ليست الأغلى ..!! بقلم الطاهر ساتي
  • فارهات (الصغير) !! بقلم صلاح الدين عووضة
  • اطبخ لحكومتك..!! بقلم عبد الباقى الظافر
  • بين العملاق اردوغان والشهيد مطيع الرحمن بقلم الطيب مصطفى
  • دارفور أول بقعة فى افريقيا تتعرض للقصف الجوى قبل 100 عام بواسطة الطيران الملكى البريطانى
  • عمال يجتمعون: هل ثقافتنا منافية للديمقراطية؟ بقلم عبد الله علي إبراهيم
  • الحل القومي لايحتمل اللولوة والمزايدات بقلم نورالدين مدني
  • الدين بين العبادة و الكراسي ؟ بقلم محمد بوبكر