المنارات التي شيدها أول مايو: سعد الدين إبراهيم وعزة العاملة ومشيها بقلم عبد الله علي إبراهيم

المنارات التي شيدها أول مايو: سعد الدين إبراهيم وعزة العاملة ومشيها بقلم عبد الله علي إبراهيم


05-15-2016, 11:39 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1463351966&rn=0


Post: #1
Title: المنارات التي شيدها أول مايو: سعد الدين إبراهيم وعزة العاملة ومشيها بقلم عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 05-15-2016, 11:39 PM

11:39 PM May, 16 2016

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر


المنارات التي شيدها أول مايو: سعد الدين إبراهيم وعزة العاملة ومشيها بقلم  عبد الله علي إبراهيم





مضى إلى الرحاب العلية الشاعر الصحافي سعد الدين إبراهيم تقبله الله الذي وسعت رحمته كل شيء. ولم أجد في نعيه تلميحاً لهويته السياسية إلا ما جاء في كلمة لصديق صباه سعيد عبد الله سعيد شاهين. فسأل شاهين مروراً من أن يبدأ "مناحته": أمن أيام الجبهة الديمقراطية أم من ماذا؟ واسترسل. وتوقفت عند نسبته للجبهة الديمقراطية لأنني كلما التقيت الراحل تذاكرنا يوماً لنا في ضاحية الجيلي عام 1969 أو 1970. فقد انعقد فيها معسكر لطلاب الجبهة والشيوعيين بالثانويات ودعُونا في تجمع أبادماك للكتاب والفنانين التقدميين لزيارتهم ومشاهدة بعض وجوه نشاطهم. وأذكر اليوم كالأمس ولكن كل ذاكرة عن سعد، الصبي الجبهجي، أو ما جرى في ذلك اليوم انمحى من ذاكرتي جداً.
ما يُضيع حركة الشيوعيين ولمستهم الغراء الشاملة على الوطن أنهم لا يحسنون نعي من غادرهم إلى دار البقاء (ناهيك من ترويعهم لأمثالي ممن خرجوا على حزبهم إلى رحاب أسطع بنزع الرتبة النضالية عنهم وتبخسيهم، الله لا أيدهم). متى قرأت نعي أفاضل الشيوعيين والتقدميين لا تجد فيه غير تعميم لحزن صالح لكل زمان ومكان. فهو أو هي مناضلة، عانت الأمرين وصابرت، ثم هتافات لا صدى لها تلعن سنسفيل النظام القائم: الله يجازيه الكان السبب. وبس. فلا ذكر للخدمات الطليعية المخصوصة التي قدمها للوطن. وبعضهم من فتح جبهات عمل نادرة وقصية، ومنهم من كان زهرة حيه أو ناديه أو مجال عمله، شيّال تقيله فوق الدبر. ومتى تغاضينا عن هذه الوجوه الاستثنائية في سيرة المناضلين الراحلين أفقرنا تاريخ الحزب الملامس لسائر آفاق الحياة. وانتهينا بالنتيجة إلى تاريخ اقتصر على مركز الحزب ونزاعاته وعوض عبد الرازق قال وأحمد سليمان سوى وعبد الخالق نظراتو وجزمو. وغابت عن الشيوعيين وغيرهم أن الحزب الشيوعي في أيامه المعلومة لم يكن حزباً فحسب بل كان حركة اجتماعية استنفرت قوى وفئات وجماعات في طريق الحداثة الاجتماعية تقاصرت عن حملها قوى وأحزاب أخرى. ونبهتُ مرة إلى قولة حكيمة لمنصور خالد قال فيها إن تمثيل الحزب الشيوعي في حكومة ثورة أكتوبر 1964 لا خطر منه: صفوة تتدردق على بعضها. ولكن التمثيل ذا الخطر في رأيه كان تمثيل العمال الذين عد نقاباتهم آية في الديمقراطية وممارستها (حوار مع الصفوة). ويرحل عنا كادر ذو سابقة من صنّاع هذه الديمقراطية القاعدية ونعيه باهت: ناضل وما ناضل بعمومية ماسخة. والطبقة العاملة هي عنوان كبير في اجتماعية الحزب كحركة قبل أن يكون حزباً. وقس حركة النساء على ذلك. ويرحل عنا رموز هذه الحركات تباعاً ممن اخترعوا حداثتنا وقل أن تركوا مذكرات عليها نقشهم. وكتب نعاتهم عنهم عبارات لا تغني شيئاً.
طافت بي هذه الخواطر وأنا أذكر لقاء الجيلي مع سعد الدين. ثم استعدت بعض قصائد أغانيه أؤانس بها نفسي وحشة فقده. فوقعت على أكثر قصائده ذيوعاً:

العزيزة الما بتسأل عن ظروفنا
الوحيدة الطال عشان جيتك وقوفنا
العزيزة الما بتسأل عن ظروفنا
الوحيدة الما بتحاول يوم تشوفنا
المواعيد لسة حزنانة بتنادي
والأماسي بتبكي في أسى ما إعتيادي
ما كنتي بهجتا براوئع قوس قزح
والله ما طلانا من بعدك فرح
سلميلنا على ضفايرك موجة موجة وكلميها
قولي ليها حرام تتوه فيها المواسم ونحنا بالجد نشتهيها،
سلميلنا على عيونك يوم تسهي تغروديها
ويبقو تفاحتين خدودك بس خدودك وين شبيها،
سلميلنا علي يدينك وشملة الريد أنسجيها
سلميلنا علي خطاكي عزة العاملة ومشيها
والله أحضانك بلد يا حلوة ما تنسينا فيها

هذا هو جيل النساء الذي حررناه نحن الشيوعيين من "سباتة" عشرينات وثلاثينات الحقيبة: ضفائره موج يلصف في سماء الوطن وسال من شعرها الذهب. وخدوده تفاح جناين الباوقة. والعيون لا تخشى في الغرودة لومة لائم. ثم تغزلنا حتى في خطاه: سلميلنا على خطاكي عزة العاملة ومشيها. والله أكبر!
ثم ها عادت النساء إلى الخدر قهراً. ولكن إلى حين.
يا لأيام الجيلي يا سعد الدين.





أحدث المقالات

  • شوق الدرويش(1) بقلم أحمد يعقوب
  • فيلم إشتباك ماذا يقول ؟ لا يمكن أن تفهم أحدا إن لم تعامله معاملة إنسانية بقلم بدرالدين حسن علي
  • محطات دكتور كسلا (1 من 2) بقلم كمال الهِدي
  • حديث قائد في كتائب القسام بقلم د. فايز أبو شمالة
  • عناكب الفساد في المجلس الوطني . . ! بقلم الطيب الزين
  • شعار نادي الطغاة والمستبدين الأفارقة إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب بقلم الصادق حمدين
  • غادرنا جلال بلال .. مخرج الروائع بقلم طه أحمد أبوالقاسم
  • مولانا ابوزيد : يكشف فساد قناة النيل الأزرق بقلم حيدراحمد خيرالله
  • الثورة لا تستأذن السنوسي..!! بقلم عبد الباقى الظافر
  • التأميم والمصادرة: قرارات زلزلت الاقتصاد السوداني بقلم د. عبدالله محمد سليمان-المقالة السادسة
  • ليس التطرف و الارهاب فقط بقلم فاتح المحمدي
  • Watch سلاح الجو السوداني يحمل الانتنوف بالقنابل لقتل أطفال جبال النو بقلم عثمان نواي
  • علاقة اجهزة الدولة بالاعلام في عيون الرياسة بقلم وليد ادريس محمد نور صالح
  • غلوتية الوزير بين الكهرباء المقطوعة والإعلانات المدفوعة بقلم نورالدين مدني