المستجيرون بأوروبا يجب حمايتهم و ليس مقايضتهم بقلم د. طارق مصباح يوسف

المستجيرون بأوروبا يجب حمايتهم و ليس مقايضتهم بقلم د. طارق مصباح يوسف


03-22-2016, 05:45 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1458621908&rn=0


Post: #1
Title: المستجيرون بأوروبا يجب حمايتهم و ليس مقايضتهم بقلم د. طارق مصباح يوسف
Author: طارق مصباح يوسف
Date: 03-22-2016, 05:45 AM

04:45 AM March, 22 2016

سودانيز اون لاين
طارق مصباح يوسف-ايرلندا
مكتبتى
رابط مختصر

بدخول "الصفقة" الرامية للحد من تدفقات طالبى اللجوء و المهاجرين الاقتصاديين الى أوروبا حيّز التنفيذ, تتفاقم مأساة النظام الدولى للجوء و الذى يواجه أكبر تحدياته منذ أن بدأت أزمة طالبى اللجوء فى أوروبا فى التجلى للعيان. الصفقة المذكورة جاءت كنتيجة لاجتماعات الأسبوع الماضى ببروكسل بين الاتحاد الأوروبى و تركيا. يمكن تلخيص أهم ما نصّت عليه الصفقة التى بدأ تطبيقها اعتبارا من 20/03/2016 فى الآتى:-

1. نظير كل طالب لجوء تقوم تركيا بارجاعه من اليونان الى أراضيها (اذا لم يتقدم بطلب لجوء أو تم رفض الطلب الذى تقدم به للحصول على اللجوء), يلتزم الاتحاد الأوروبى بقبول شخص واحد من طالبى اللجوء المتواجدين فى تركيا و استيعابه ضمن برنامج اعادة توطين اللاجئين. التوصيف الأدّق لهذا الاجراء هو "المقايضة"- واحد بواحد- و التى يتوقع الاتحاد الأوروبى أن ينتج عنها ردع الذين يخاطرون بحياتهم بغية الوصول الى أوروبا.

2. اعتبارا من يونيو القادم يحصل مواطنو تركيا على امتيازات اتفاقية الشنقين ((1985 الخاصة بحرية التنقل بين دول الاتحاد الأوروبى الموقعة على الاتفاقية.

3. يقوم الاتحاد الأوروبى بالاسراع بدفع المبلغ المخصص لمساعدة تركيا (ثلاثة بليون يورو) لمقابلة احتياجات من لجأ الى تركيا (أغلبهم من الجارة سوريا).

4. كذلك تضمنت الصفقة مسألة اعادة تنشيط مساعى تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبى.

المتأمّل فى البنود المذكورة اعلاه يتبيّن له المدى الذى يمكن أن تصل اليه "البراقماتية" فى التعاطى مع أزمة طالبى اللجوء. فمن يتشدقون باحترام القيّم و المثل يبدو أنّهم قد تركوها وراء ظهورهم بتخليهم عن التعامل الانسانى مع "أخوان لهم الانسانية".

من منظور القانون الدولى الخاص بحماية اللاجئين و الذى بات من المؤكد أنّ "الكبار" لا يلقون اليه بالا, فمسألة اعادة الهاربين من جحيم الحروب قسريا من اليونان الى تركيا دون وجود ضمانات حماية قانونية لهم, تشكّل خرقا صارخا للمادة 33 من اتفاقية اللاجئين الدولية للعام 1951 و التى تحرّم طرد اللاجئ أو ارجاعه قسريا "مهما كانت طريقة الطرد و الابعاد" الى أى مكان تتعرض فيه حياته و حريته للخطر.

حتى اذا افترضنا أنّ الاتحاد الأوروبى قد أعتبر تركيا بلد آمن حسب مبدأ ال Safe third country المنصوص عليه فى الفصل الثالث من موجهات اجراءات اللجوء الخاصة بدول الاتحاد الأوروبى, فتقارير الاتحاد الأوروبى نفسها أشارت الى انتهاكات لحقوق الانسان فى تركيا الشىء الذى يجعلها غير مؤهلة لتوفير ضمانات حماية لهؤلاء الضحايا. شىء آخر و هو أنّ مبدأ " البلد الثالث الآمن" نفسه ليس له أساس فى القانون الدولى, بل هو أحد اجراءات الاتحاد الأوروبى المضّمنة فى ما بات يعرف بسياسة أوروبا القلعة Fortress Europe الرامية للتضييق على طالبى اللجوء والحد من وصولهم لدول الاتحاد الأوروبى.

تنفيذ هذه الصفقة التى تمتهّن كرامة هؤلاء الضحايا يعنى تنصيب تركيا شرطيا للاتحاد الأوروبى فى المنطقة, خاصة بعد أن جدّدت الصفقة آمال تركيا فى تحريك ملفها الخاص بامكانية النظر فى طلبها للانضمام للاتحاد الأوروبى. انه لأمر مخزى أن تجاهر تركيا باتخاذها من أزمة طالبى اللجوء "كرت مساومة" فى ظل صمت و عدم اكتراث من أوروبا التى تفاخر بمنظومة حقوق الانسان التى بدأت و تبلورت فى أوروبا. اللافت أنّ الاجتماع لم يركّز على وضع حد للموت و الخراب فى سوريا التى تعتبر أكبر دولة مصدرّة للاجئين فى العالم حاليا.

الصفقة باختصار تصّب فى مصلحة المهرّبين و مجرمى الاتجار فى البشر الذين سيبحثون عن بلد بديل لليونان ينفذون من خلاله الى الدول الأوروبية التى يقصدها طالبى اللجوء. هذا يعنى مضاعفة قيمة ما سيتقاضونه من هؤلاء الضحايا الذين من المتوقع أن يزداد عدد من يموت منهم أثناء هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر.

غنى عن القول أنّ مثل هذه الصفقات لا يمكن أن تكون حلا لمشكلة بهذا الحجم. كما هو معلوم للكثيرين, الحل يتطلب ارادة سياسية قوية تمكّن الأسرة الدولية من الضرب بقوة على مكمن الداء. القاصى و الدانى يعرف الأسباب التى دفعت بطالبى اللجوء و المهاجرين الاقتصاديين الى المخاطرة بحايتهم فى رحلة مجهولة المآلات. و هى فى مجملها أسباب تتعلق بتسلّط الأنظمة الغاشمة على هذه الشعوب و احتكارها للثروات, بالاضافة لخطل النظام الاقتصادى العالمى الذى تعوزه العدالة, بل يكرّس هذا النظام الموغل فى الاجحاف للهيمنة و الظلم الذى يتجلى فى اتساع الهوة بين الأغنياء و الفقراء فى العالم. لا بدّ من وضع حد لهيمنة مؤسسات التمويل الدولية مثل صندوق النقد "النكد" الدولى الذى لم تأدى سياساته الاستغلالية الا لافقار شعوب البلدان النامية, فى وقت ينعم فيه الغرب بحماية لأسواقه و حرمان منتجات الدول النامية من المنافسة فى أسواقه حفاظا على رفاهية مواطنيه. لاَ مَنْدُوحَةَ لَلغرب عَنْ التنازل من أجل عالم أمّس ما يحتاجه هو قيّم العدالة و الاحترام المتبادل. لابد من قرارات جريئة لاعادة هيكلة النظام العالمى المنحاز ضد عالم الأغلبية الفقيرة اذا ما أردنا وضع حد للحروب التى ينتج عنها اقتلاع البشر و تهجيرهم قسريا.

Tarig M. Yousif (PhD) is a freelance researcher in the field of forced migration and human displacement. He worked for many years as an aid worker in refugee camps in Sudan. He now lives in the Republic of Ireland.     

   

أحدث المقالات

  • حكايات الحلة شقاوة أطفال بقلم هلال زاهر الساداتي
  • معلومات سرية أقدمها للمخابرات الإسرائيلية بقلم د. فايز أبو شمالة
  • عندما تجتهد الحكومات في ,, بطر,, الشعب ... السودان حاشاه بقلم شوقي بدرى
  • النوبيون بين المطرقة والسندال بقلم د / ابوالحسن فرح
  • المؤتمر الوطني لا يخاف الله! بقلم عثمان محمد حسن
  • أطعنوا في الفيل يا جماهير الهلال بقلم كمال الهِدي
  • معركة الكرامة التاريخ المشرق لفلسطين بقلم سري القدوة
  • وهج الحروف المتعبات بقلم الحاج خليفة جودة - امدرمان - ابو سعد
  • عواقب اضطراب العلاقات السعودية مع لبنان بقلم د. احمد عدنان الميالي/مركز المستقبل للدراسات الستراتيج
  • اوسلو الزانية..... التي ضاجعها الجميع...............!! بقلم توفيق الحاج
  • قولوا هذا للبشير..! بقلم الطيب الزين
  • الترابي .. الحد الثابت فى المتوالية بقلم طه أحمد أبوالقاسم
  • الأعلى في الإقليم ..!!بقلم الطاهر ساتي
  • هل انتهت ( حكاية ) وليد الحسين ؟ بقلم خضرعطا المنان
  • من يحمي شركة كمون..! بقلم عبد الباقى الظافر
  • د. على الحاج : خطأ الانقلاب وفقه النكسة !! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • ألى أمى , فطيمة , أو فاطمة ؟؟ شعر نعيم حافظ
  • أنصار د. النعيم د. ياسر الشريف نموذجاً (1) بقلم خالد الحاج عبدالمحمود
  • كفى!!! بقلم بدوى تاجو
  • المثقف والكذب الخلاق بقلم عبد الله علي إبراهيم
  • اطفال المايقوما موؤدة السودان هل من حل؟ بقلم د. محمد آدم الطيب
  • فضيحة الخطوط الجوية الأردنية (2 من 10) بقلم د. أحمد محمد البدوي
  • أفشوا المحبة بينكم/ن إحتفاءً بها بقلم نورالدين مدني