04:34 PM March, 06 2016 سودانيز اون لاين
مصعب المشـرّف-
مكتبتى
رابط مختصر
بعد وفاته المفاجئة يوم السبت 5 مارس . فإن العديد من الأسئلة العاجلة لابد أن تثار ... ولا يفوتنا أن نضيف بأن هناك أيضا هواجس ينبغي على العسكر في القصر الجمهوري أن تنتابهم عقب رصدهم لهذا الإهتمام الإعلامي ، والحشد الشعبي في تشييع جثمان الترابي إلى قبره .. هذا الحشد الجماهيري غير المسبوق في أيامنا المعاصرة ؛ والذي لم يحظى به قبله سوى جثمان المطرب الراحل المبدع الشاب محمود عبد العزيز.
الإهتمام الإعلامي الزائد عن الحد بالحزن على وفاة الترابي ؛ الذي لم يكن يحتل عند وفاته منصبا دستوريا رفيعا ..... هذا الإهتمام يشير إلى أن الإخوان المسلمين من أنصار الترابي لا يزالون جمراً تحت الرماد...... وأنهم يمسكون بمفاصل السلطة بأصابع من فولاذ .
المفارقة والدهشة من هذا الإهتمام الإعلامي منذ أمس وحتى نهار اليوم بما في ذلك التلفزيون الرسمي الحكومي ؛ تبعث برسائل معلنة إلى عمر البشير وبكري حسن صالح بأنهما يجلسان منذ زمن فوق برميل من البارود ...... وأن وضع مخرجات الحوار موضع التنفيذ هي وحدها الملاذ الآمــــن.
ربما اليوم فقط أدرك عمر البشير أن الإخوان المسلمين وإن كانوا يأكلون في موائده ؛ إلا أنهم يؤدون فروض الصلاة خلف الترابي.
لا بل فإن قناعة عمر البشير ومجموعته اليوم ليست كافية بقدر ما يجب أن تكون هذه قناعة الشعب بأكمله .
وربما لو كان هناك من ناصح لكان قد همس لعمر البشير أن وراء الأكمة ما وراءها ... وأن عليه أن لايرفع أصبعه عن الزناد ؛ وأن تظل الرصاصة دائما في جيبه.
ولا نشك مطلقاً أنه إذا كان الترابي قد جمع الإخوان المسلمين في السودان للصلاة خلفه وحده ... فإنه بعد موته سيتعدد عدد الأئمة الذين يأنسون في أنفسهم الحق بمطالبة الإخوان الصلاة خلفهم...... ونتوقع أن يكون بأسهم بينهم بعد موته شديد.
على أية حال فقد ذهب الترابي عن هذه الحياة الدنيا بعد أن أسهم في الحياة السياسية العامة للبلاد بشكل مؤثر خلال حقبتين . كانت الأولى عند دوره في إصدار قوانين سبتمبر 1983م الإسلامية على عهد الرئيس السابق جعفر نميري . هذه القوانين التي أشعلت نار التمرد في الجنوب من جديد إلى أن تم فصله نهائياً كما هو معلوم.
أما الإسهام الثاني فقد كان لدور حزبه المباشر في التخطيط لإنقلاب العميد (وقتها) عمر حسن البشير .. والذي أهله لحكم البلاد من وراء ستار تارة ومن أمام ستار تارة أخرى طوال عقد كامل مكن الزمان إمتد من عام 1990م إلى عشية الألفية الثانية .
وخلال هذا العقد لم يألوا الترابي جهدا ولم يوفر وقتا إلا وإستثمره في التنكيل بالعباد وتخريب حاضر ومستقبل البلاد المنظور .
إحتضن الترابي أسامة بن لادن في البلاد ، وجعلها مأوى للإرهابيين من شتى بقاع العالم. فأصبح السودان بذلك يوصم بالإرهاب ؛ على العكس من طبيعة مواطنيه الذين تناقلت الألسنة من قبل سمعتهم الطيبة في مجال الأمانة والسماحة والموادعة والمسالمة والمحنة ، والأخلاق الحميدة بوجه عام.
وكان جراء ذلك أن تم وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب . ولا تزال هذه الوصمة تلاحق حكومته ، وتؤثر سلبا علةى حياة المواطن في الداخل ... وتسبق كل من يحمل جواز سفر سوداني في مطارات العالم ونقاط الجوازات والجمارك حول العالم.
سارع الترابي بدون مبرر وعلى حماقة لايحسد عليها بتأييد ومؤازرة غزو صدام حسين للكويت عام 1990م . وقام بتوجيه كوادر حزبه لتدبير مظاهرات ومسيرات في شوارع السودان تؤيد هذا الغزو وتسيء إلى رموز وقيادات عربية لم يكن السودان وأهله يجدون منهم سوى كل الحب والإحترام والتقدير .
والذي يستغرب له المرء هو كيف يتوجه الترابي الأخ الأصولي المسلم لمصافحة وتأييد صدام حسين البعثي العربي الإشتراكي في قلب بغداد ... وعلى نحو جعل بعضنا يستشهد بقول الشاعر عمر بن أبي ربيعة:
أيها المُنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيانِ
هي شامية إذا ما استقلت وسهيل إذا استقل يمانِ
والذي ترتب على هذه الحماقة التي لانرى سوى أنها قد نبعت من قلب حاقد ونفس مريضة ... ترتب عليها أن فقد السودان تعاطف ودعم ومساعدات إخوانه العرب الأثرياء .... ولا تزال في نفوس هؤلاء أشياء ؛ وتدني في درجات الثقة على أقل تقدير.
سمح الترابي عام 1995م بالتنسيق مع مجموعة الجهاد المصرية في التخطيط لإغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا ، وتوفير الدعم اللوجستي والإستخباراتي لتنفيذ هذه العملية التي كان من أهم آثارها إنتهاز حسني مبارك الفرصة والمبرر لإحتلال أراضي حلايب وشلاتين السودانية ، والتمدد لعدة كيلومترات داخل حدود السودان الشمالية في بحيرة السد العالي... وتكريس هذا الإحتلال وتقنينه لاحقا على نحو لم يفعله حتى الخديوي محمد علي إبراهيم أغـــا باشا.
إبتدع الترابي قانون ما يسمى بالصالح العام بمبرر التمكين لأتباعه .... وترتب على قراره هذا إعفاء مئات الآلاف من وظائفهم وتشريدهم في الآفاق . فمنهم من هاجر ومنهم من جاع وتسول وباع كل ما يملك . ومنهم من مرض ومات كمداً .. وتشردت وإنحرفت نساء وفتيات وحتى الصبيان لأجل سد الرمق وإطفاء سعار الجوع ...... وعجبي أن العرب في الجاهلية كانت تردد "أقطع الأعناق ولا تقطع الأرزاق" ... ثم نرى الترابي تحت شعاراته الإسلامية الزائفة ومشروعه الحضاري الفاشل يلجأ أول ما يلجأ إلى قطع أرزاق مواطني البلاد مسلمهم وغير مسلمهم.
على أية حال فلا مندوحة اليوم من الإقرار بأن الترابي هو من أسس لما يسمى بالإسلام السياسي في السودان .... وقد مارس منذ عام 1990م تخريب غير مسبوق للبلاد أكبر وأعظم من أن يحاط به في سطور وكلمات .....
تمسك اسلام الترابي السياسي بالقشور وجعل الغاية تبرر الوسيلة .... اعلى من شان المسلك واهمل الاخلاق .... وويل لشعب بلا اخلاق ....
التاريخ لا يرحم ... اليوم انطوت صفحة الترابي ككائن بشري وفتحت صفحتان... صفحة في ظلمات قبره خاصة به وحده مع الله ... وصفحة في تاريخ السودان خاصة بنا نحن أبناء هذا الوطن الذي احترق بالنار.
وبحسابات النجاح والفشل في ختام المشوار نرى أن أكبر مؤشر على فشل الترابي أنه لم يتمكن طوال هذه العقود ومختلف العهود التي تحالف معها أو تملك زمام قيادتها .... لم يتمكن الترابي من توحيد المسلمين وجمعهم خلفه أو تحت لوائه رغم أن الإسلام حاضر وسط شعبه بقوة.
وبدلاً من أن يجمع الترابي الشتات ؛ إذا به يخلق شتاتاً أكبر ؛ ليس فكريا فحسب .. ولكن عبر قوانين ممنهجة ليس أقلها "الصالح العام" ، وأنتهاءاً بمصطلح "الآخـر" للتفريق بين أتباعه وبين عامة المسلمين.
أحدث المقالات
مات من قتل الالاف من الشعب السودانى مات من لطخ اسم السودان حسن الترابي بقلم محمد القاضيوسقط سِحرُ الإخوان بقلم أحمد يوسف حمد النيلصينية أولاد التنظيم ..! بقلم عبد الله الشيخنبكيه أم نبكي الوطن!! بقلم كمال الهِديخازوق مروي الدولي بقلم الطاهر ساتي وداعا أيها الشيخ..! بقلم عبد الباقى الظافرهيئة المطيع (للاستثمار)!! بقلم صلاح الدين عووضةالعجز «5».. قلنا .. وقالت الايام بقلم أسحاق احمد فضل اللهرحمك الله أيها العملاق بقلم الطيب مصطفىكيف نعيش فى الزمن الحزن؟! بقلم حيدر احمد خيراللهآخر نكتة (أمريكي يطلب حق اللجوء للسودان)!! بقلم فيصل الدابي/المحاميمفهوم القانون الدولي الإنساني تعريفه ومصادره واهدافه اعداد د. محمود ابكر دقدق/ استشاري قانونييماهو وضع حقوق الانسان الايراني بعد الانتخابات ؟؟ بقلم صافي الياسريشهيد . . وفطيس . . بقلم أكرم محمد زكي الدكتور حسن الترابي الفكرة و التأثير بقلم حسن عباس النور الخبر هل انتهت الانتفاضة الفلسطينية الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (98) بقلم د. مصطفى يوسف اللداويالحراك السوداني الإنساني في سدني بقلم نورالدين مدنيوداعا أيها الشيخ..! بقلم عبد الباقى الظافرهيئة المطيع (للاستثمار)!! بقلم صلاح الدين عووضةالعجز «5».. قلنا .. وقالت الايام بقلم أسحاق احمد فضل اللهرحمك الله أيها العملاق بقلم الطيب مصطفىكيف نعيش فى الزمن الحزن؟! بقلم حيدر احمد خيراللهآخر نكتة (أمريكي يطلب حق اللجوء للسودان)!! بقلم فيصل الدابي/المحاميمفهوم القانون الدولي الإنساني تعريفه ومصادره واهدافه اعداد د. محمود ابكر دقدق/ استشاري قانونييماهو وضع حقوق الانسان الايراني بعد الانتخابات ؟؟ بقلم صافي الياسريشهيد . . وفطيس . . بقلم أكرم محمد زكي الدكتور حسن الترابي الفكرة و التأثير بقلم حسن عباس النور الخبر إبراهيم الشيخ .. رائدا و زعيما للتطبيق الديموقراطي الحزبي بقلم د. عمر بادي خاطرة : الشرق كتابها الابيض مسؤولية اجتماعية بقلم عواطف عبداللطيفالعلاج بالصدمة ..!! بقلم الطاهر ساتيالعريس جنوبي..!! بقلم عبد الباقى الظافروما يحدث غداً هو بقلم أسحاق احمد فضل اللهعيد ميلاد الإمام .. اجمل الأمنيات بقلم حيدر احمد خيراللهنحو إستراتيجية مبتكرة في الغيرة على المصطفى صلى الله عليه وسلم (2-2) بقلم عبد الله علي إبراهيمالداعية السياسية و السلطة بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمنإلي الحبيب الإمام..بعد الثمانين نريد بناء مجتمع لينهض بالسياسة.. بقلم خليل محمد سليماندنيا عليك السلام .. عندما يتجرد الطب من الانسانية !! بقلم عوض فلسطينيأحزان قلبي لا تزول .. كشك التوم وترعة مصطفي قرشي .. حينما يلتقي البحرانتراجي مصطفى وقعت في شباك المؤتمر الوطني العنكبوتية وعليها الاستعداد لاعيبهم القذرة السودان… ربع قرن في مسرح العبث بقلم خالد الاعيسر*سفير السودان السابق مهدي ابراهيم و الوضوء بقلم جبريل حسن احمديساريو الإسلام في السودان إلي أين؟ (1-2) بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمند. الترابي : درجة درجةوالف أف!! بقلم حيدر احمد خيراللهقال البشير ان من يرفض الحوار في يوم 10/10/2015 انه سيحسمه بقلم جبريل حسن احمد الترابي وبودلير .. الحسابات الصُّغرى وسيرة الفشل بقلم عمر الدقيرالمهدي و قصاصات من دفتر المعارضة (3) بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمنصدقا هل الحضارة الإسلامية حضارة نقلية أم مبتدِّعة ؟ (2) بقلم محمد علي طه الملك الدجال !! بقلم د. عمر القرايمعركة الرقم الوطني في عهد العميد عمر البشير بقلم جبريل حسن احمدالتعديل الوزاري في السودان… صراع الأجنحة بقلم خالد الإعيسر*النخبة السودانية و غياب مشروع النهضة بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمنشكر و عرفان بقلم الطيب رحمه قريمان مشاركة السودان في اليمن رهبة بقلم إسماعيل البشارى زين العابدينابو بكر القاضي مريض بمرض اسمه الزرقة بقلم جبريل حسن احمدده غضب الله بقلم الطاهر ساتى Taher Satiمركز المستقبل يستشرف التحولات والمتغيرات السياسية في العراق لعام 2015 بقلم كربلاء / انتصار السعداويبلاهة أم موضوعية حارقة؟! بقلم كمال الهِديأمنية الترابي!! بقلم عثمان ميرغنيالإنقلاب ما بين الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني ومبدأ القيم بقلم: الفريق أول ركن محمد بشير سليمانبرلمان السودان… انتكاسة التشريع بقلم خالد الاعيسر*مشروع دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة2005 بقلم إسماعيل حسين فضلالسودان.. عندما يتذكر الرئيس البشير أن التاريخ لن يرحم بقلم خالد الاعيسر البشير يمدد لنفسه بتمثيلية واضحة النتائج بقلم جبريل حسن احمدالتقاطعات السياسية و الفكرية بين الترابي و ياسر عرمان زين العابدين صالح عبد الرحمنحيرتونا ... يا اهل الاسلام السياسي في السودان حسين الزبيرهل للشيخ حسن عبد الله الترابي شياطين ... !! قريمانيات .. بقلم الطيب رحمه قريمان Re: هل للشيخ حسن عبد الله الترابي شياطين ... !! قريمانيات .. بقلم الطيب رحمه قريمان أواصـر قـاتلة: حرية السيدة مريم أم حاكمـية المـلة؟ محمّـد النعمـانسفر توثيقي بمناسبة مرور 50 عام علي الاستقلالاحذروا السم المدسوس في وعاء الوفاق الوطني وثبة الاعتقالات الجماعية وعودة بيوت الأشباح – 2وثبة الاعتقالات الجماعية وعودة بيوت الأشباح – (1)سر تضارب تصريحات .. قيادات حزب المؤتمر الشعبي ...!! قريمانيات .. بقلم الطيب رحمه قريمان لقاء الرئيس البشير و د الترابي يؤكد المهزلة , حيث وعد البشير الجيش انه لن يعود للترابي/محمد القاضيبروتوكول جنوب كردفان والنِّيل الأزرق.. عثراته ومآلاته (16) د. عمر مصطفى شركيانخـواطر صحفي بالمنفى – 3 خضرعطا المنانبروتوكول جنوب كردفان والنِّيل الأزرق.. عثراته ومآلاته (14) د. عمر مصطفى شركيان أكذوبة وجود خلاف بين أمريكا وروسيا حول سورية/موفق مصطفى السباعبروتوكول جنوب كردفان والنِّيل الأزرق.. عثراته ومآلاته (12) د. عمر مصطفى شركيانRe: فتوى د. النعيم وفتواه التطبيقية/خالد الحاج عبدالمحمودRe: يظل دكتور الترابى والمؤتمر الشعبى هم الحركة الاسلاميةالحركة الإسلامية في ظل ثقافة الابتلاءدارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها!