الحلم المستحيل بقلم عبد الباقى الظافر

الحلم المستحيل بقلم عبد الباقى الظافر


02-13-2016, 03:39 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1455374376&rn=0


Post: #1
Title: الحلم المستحيل بقلم عبد الباقى الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 02-13-2016, 03:39 PM

02:39 PM Feb, 13 2016

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


أمسك قسم فرج الله بالصندوق الذي يحوي حبوب السيولة.. صب في يده اليمنى عدداً من الحبيبات تكفي لإنهاء حياة فريق من كرة السلة.. قبل أن يرسلها إلى جوفه دخلت إيمان إلى الغرفة البائسة.. انقضت على يده فتبعثرت الحبيبات كسنوات عمره الضائع.. أمسك بيدها متوسلاً أن تتركه يرحل من الدنيا بسرعة.. أخبرها كل شيء.. ذهب المال انزوت النجومية.. لم يبق من البطانة إلا الذين يطالبونه ببعض الدين.. أرادت إيمان أن تعترف ولكنها تراجعت في آخرلحظة.
زادت دقات قلب قسم .. تصبب العرق من جسده الناحل.. بات مثل لاعب كرة تمدد على النجيل الأخضر بعد انتهاء مباراة في غاية الأهمية.. طلبت إيمان عربة الإسعاف.. لأول مرة تجلس إيمان في حجره وتنظر إلى وجهه بمودة.. كان كلاهما يراجع مسيرة طويلة.. قسم هرب من الحرب الأهلية ينشد الأمان وهو ابن أحد عشر عاماً.. نام في الشارع واتخذ من الخيران مأوى.. انتهت حياته إلى خادم في منزل خضر التوم.. صاحب الدار كان يحسن معاملته.. ولكن بعد أقل من عام مات الرجل الطيب وبات قسم بعضاً من الميراث غير المرغوب فيه.. حظه ساقه أن يكون ضمن حصة الابن الأكبر مبارك.. أول قرار اتخذه الوجيه مبارك أن جعله من ضمن عمالة الفرن البلدي.. يعمل دون أجر معلوم.
إيمان مازالت تنظر إلى قلب سيدها الجديد.. كان الصدر يتحرك علواً وانخفاضاً مثل مهر أنهى جولة سباق ناجحة.. تلك المرة الأولى التي تنظر بإشفاق إلى قسم فرج الله.. حينما تمعنت تقاطيع وجهه وجدت وسامة لم تلمحها من قبل.. شفتان رغم غلظتهما إلا أنهما مملوءتان فحولة.. عينان تشعان ذكاءاً.. الفقر جعلها تقبل العمل سكرتيرة للرجل الذي كان يعمل صبياً في بيت جدها خضر التوم.. كلما أغدق عليها سيدها في المال كانت تقدم تنازلات.. طلب منها ذات يوم أن تصنع فنجاناً من القهوة بحجة أن العاملة حاجة علوية انصرفت مبكراً.. التنازل الأول تبعه ثانٍ وثالث.. ثم باتت التعليمات تجد السمع والطاعة.. تحولت إيمان من سكرتيرة إلى طباخة تقدم الطعام مصحوباً بالخمر.. قاومت كثيراً محاولة الوصول إلى شرفها.. ضحت بالكرامة واستمسكت بما هو أغلى.
لم يكن قسم فرج الله شريراً.. فقط كان يقاتل بصلابة من أجل استعادة كبريائه.. لم ينس أبداً أنه خرج من بيت مبارك التوم في ليلة شتوية تلاحقه اللعنات العنصرية.. عشرون عاما انقضت على تلك الحادثة.. هام على وجهه حتى دنى من مدرسة «كمبوني» بوسط الخرطوم.. استشعر بوجوده الحارس بشارة الفكي.. أحسن الرجل الستيني وفادة اليافع الذي يشاركه ذات الأصول القبلية.. في الصباح استلم وظيفة عامل نظافة في المدرسة العريقة.. كان يقف عند النافذة ليلتقط العلم.. لمحه وكيل المدرسة فحوله إلى طالب نظامي.. برع قسم في الدراسة وكرة السلة.. من تلك المدرسة حقق هدفه بأن يصبح ثرياً ليعود وينظر في عيني مبارك التوم بلا خوف ولا وجل.. لاشيء غير المال يجعل الإنسان محترماً في هذه البلاد.
عبر تصويبه الجيد سافر إلى أمريكا.. بات نجماً في فريق السلة بجامعة هوبكنز العريقة.. ادخر كل أمواله ليوم استعادة الكرامة.. جاء الخرطوم يبحث عن منزل مبارك التوم.. لم يجد غير الذكريات.. أفلس الرجل ثم مات على حسرته.. بعد طول بحث وتنقيب وجد ابنته إيمان التي اضطرت لقطع الدراسة بسبب ضيق ذات اليد.
حينما وصل قسم إلى مستشفى الشعب أدخل إلى غرفة العناية المكثفة.. بين الوعي واللا وعي دس في يد إيمان ظرفاً يبدو بالياً.. كانت إيمان تبكي بشدة.. كل شيء يألفه الإنسان حتى القهر والاستعباد.. من غير اكتراث فضت المظروف البائس.. شهادة تنازل من آخر بيت كان يمتلكه قسم فرج الله.. زاد نحيب إيمان وإحدى الممرضات تدفعها إلى الخارج.. أخذت على نفسها عهداً أن تتزوجه إن خرج من وعكته.
http://akhirlahza.info/akhir/index.php/2011-04-07-15-00-26/2012-03-22-12-59-12/59218-2016-02-13-07-56-50.htmlhttp://akhirlahza.info/akhir/index.php/2011-04-07-15-00-26/2012-03-22-12-59-12/59218-2016-02-13-07-56-50.html

أحدث المقالات

  • الانقاذ وسلاح دمار شامل جديد بقلم شوقي بدرى
  • لماذا يضحك عمر البشير و عبد الرحيم محمد حسين و عبد الرحمن الصادق الصديق بقلم جبريل حسن احمد
  • فليستقيل خالد وكل المنظومة ، هلكتونا!! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • عقبات أمام المصالحة بقلم محمد السهلي
  • الحرية: العملية السياسية وآفاقها المسدودة بقلم معتصم حمادة
  • الديمقراطية / الأصولية... أي واقع؟ وأية آفاق؟.....6 بقلم محمد الحنفي
  • مابين اشراقة المتفلتة وإبراهيم الشيخ بقلم محمد الننقة
  • ارفع رأسك فأنت أفضل البشر! بقلم فيصل الدابي /المحامي
  • القرآن لساناً وعربيا: تدبر آيات عدم تبرئة النفس وعدم طلب الحكم في سورة يوسف بقلم الريح عبد القادر
  • جبلي !! بقلم صلاح الدين عووضة
  • الجمهوريون بين الوهم والحقيقة (2) بقلم الطيب مصطفى
  • السودان سلة غذاء العالم - بين اليقظة والاحلام بقلم حسين الزبير
  • آخر نكتة سودانية (خروج نهائي من السودان)! بقلم فيصل الدابي/المحامي
  • وَا أَسَفِي على أَسْفِي من المغرب كتب مصطفى منيغ
  • عرمان والنظام وغموض 12 جولة من حوار الطرشان (2) بقلم أمين زكريا- قوقادى
  • سوق السلاح الفردي يزدهر في الكيان الصهيوني الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (91) بقلم د. مصطفى يو
  • الحالة النضالية الفلسطينية بين البرنامج الراسمالي والخيار الشعبي بقلم سميح خلف
  • ياسر سعيد عرمان (١) فحيحك من خلال نباحهم وهديلهن ! يُشجينا بقلم سيد علي أبوامنة