*كنت مستشار تحرير بالزميلة (أخبار اليوم).. *وفي الوقت ذاته كنت رئيس دائرة الإعلام السري بحزب الأمة.. *ولأنه كان عملاً سرياً فإن إدارة الصحيفة لم تكن على علم به.. *(لحد هنا كويسين يا صديقي عثمان شبونة)؟ طيب.. *وعند عودة قيادات الحزب من الخارج تم اختياري مستشاراً لرئيس الحزب.. *أي صرت أشغل وظيفتي مستشار في الوقت ذاته.. *مستشار صحفي في الصحيفة، ومستشار إعلامي بالحزب.. *وحين نُشر الخبر خيَّرني الأخ العزيز أحمد البلال بين أمرين.. *إما مستشار عنده، وإما مستشار لدى الصادق المهدي.. *فضحيت بأعلى أجر صحفي- آنذاك - واخترت التفرغ للحزب.. *وسمعت من عبارات الثناء حينها ما جعلني أظن نفسي نلسون مانديلا.. *ولكن مانديلا كان أفضل مني حالاً بما أنه كان يُطعم ويُسقى ويُكسى وهو في السجن.. *أما أنا فقد فارقت (اسم فرطاقة) مذ فارقت (أخبار اليوم).. *الصحيفة التي كان رزقي يأتيني فيها رغداً عند نهاية كل شهر (بالضبط).. *(أها) يا شبونة: هذا كان مصيري في زمان (حمرنة الصحفيين) من تلقاء المعارضة.. *أي استغلالهم كحمير (ألغام)- في ساحة المواجهة - من جهة.. *و(استحمارهم) عبر تشجيعهم على خوض معاركهم إلى آخر (قطرة).. *آخر قطرة من مدادهم، ومن فلوس رواتبهم.. *ثم حين تنفجر كلغم، أو تنبعج كصحفي، لا يشتغلون بك.. *أو ربما يشتغلون بك إلى حين وهم يشيدون بـ(رجالتك).. *ومن بعد ذلك يسقطونك من حساباتهم و(يركِّزون) مع الذين لم تأتهم (الضربة) بعد.. *هذا ما حدث لي شخصياً- يا شبونة- من قبل قصتنا هذه ومن بعدها.. *ويحدث لك (الآن)-للمرة الثالثة- كما حدث لفلان وعلان وفلتكان.. *ثم إذا قُدر لـ(نضالنا) أن يؤتي أكله فلن (يشمها) أمثالنا.. *فنحن محض (أدوات) أدت دورها وعليها أن تتنحى جانباً (خلاص).. *وسوف تُفاجأ بكل المختبئين في جحورهم وفنادقهم وخلف حواسيبهم يتقاطرون.. *يتقاطرون من كل فج عميق ليشهدوا (منافع) لهم.. *والذين سيتقاطرون هؤلاء هم الذين (يحبسوننا) داخل الإطار الصحفي هذا الآن.. *إطار الهجوم العنيف على الوضع القائم ولا شيء سواه.. *يعني يا شبونة لو (اشتهى) الواحد منا أن يكتب في غير السياسة يوماً شُتم.. *فنحن نرى كبار كتاب الصحافة العرب يتناولون قضايا شتى وهم (مستمتعون).. *ولكن أن فعلنا الشيء ذاته نحن هنا شُتمنا واُتهمنا بـ(الانصرافية).. *ثم يقولون لك (ياخي الناس في شنو وإنت في شنو؟!).. *والغريبة أن الناس (في لا شيء خالص!!!).