الحق فى تقرير المصير و مناطق الهامش فى السودان، جبال النوبة نموذجا ) 2) بقلم ادريس النور شالو

الحق فى تقرير المصير و مناطق الهامش فى السودان، جبال النوبة نموذجا ) 2) بقلم ادريس النور شالو


01-12-2016, 07:37 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1452623861&rn=0


Post: #1
Title: الحق فى تقرير المصير و مناطق الهامش فى السودان، جبال النوبة نموذجا ) 2) بقلم ادريس النور شالو
Author: ادريس النور شالو
Date: 01-12-2016, 07:37 PM

06:37 PM Jan, 12 2016

سودانيز اون لاين
ادريس النور شالو-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


ادريس النور شا لو ( كموكى شالوكا )
تحدثنا فى الجزء الاول من المقال عن حق تقرير المصير كأحد حقوق الانسان و الشعوب ، و ان انتهاكات حقوق الانسان تعبر احد اسباب المطالبة بممارسة حق تقرير المصير الداخلى اولا و اذا استعصى ذلك فقد يتم اللجوء الى تقرير المصير الخارجى ، و نواصل فى سرد الانتهاكات الاخرى .
• الاضطهاد الدينى و العنصرى.
يعرف الاضطهاد بانه الحرمان الشديد والمتعمد للحقوق الاساسية ، و يتم الحرمان بناء على هوية الفرد اوالجماعة. فمن بين الاسباب التى ادت الى الحروب فى السودان هى معاملة المواطنين و التفريق بينهم على اساس الجنس او القبيلة او الدين او اللغة . فالمواطنون لا يعاملون على قدم المساواة بغض النظر الى قبائلتهم او اثنياتهم او دينهم ، و لا يتاح الفرص المتساوية فى سوق العمل او المساهمة فى الشأن العام للبلد. كما يتضح من سرد فيما يتعلق بالحرمان من المشاركة السياسية ، فكل الدساتير التى وضعت سواء اكانت دائمة او مؤقتة تنص على ان السودان دولة عربية و ان الاسلام هو دين الدولة و جعلت الشريعة الاسلامية مصدر التشريع و اللغة العربية هى اللغة الرسمية ووسيلة وحيدة للتعليم ، مثل هذا الدستور يقصى من حمايته الذين لا ينتمون للاثنية العربية و لا يتحدثون اللغة العربية او من لا يعتنقون الاسلام كدين.
لا يقتصر هذا الحرمان على المواثيق فحسب بل ان اقوال و افعال الاقلية الحاكمة تؤكد ذلك، فبعد انفصال و استقلال جنوب السودان صرح رأس النظام الحاكم عمر البشير ان السودان قد اصبح دولة عربية اسلامية و لا مجال بعد هذا "للدغمسة" ، اى لا مكان فيه لغير العرب و اهل الكتاب و معتنقى كريم المعتقدات و غيرهم .
و فى عام 1992 صدر فتوى من شيوخ الابيض بايعاز من الدولة يقضى بجهاد و قتال النوبة و ان المسلم منهم يعتبر مرتدا ، دمائهم و اموالهم غنيمة – و للامانة نذكر ان شيخ الزريبة عبدالرحيم البرعى هو الوحيد الذى رفض تأييد الفتوى – على اثر الفتوى حركت الدولة جيوشها و مليشياتها حيث ارتكبت الفظائع فى حق الابرياء من المدنيين فى جبال النوبة ، وقد رأينا ارتال القوات عائدة من الجبال و مركبات الجيش مليئة بالذرة و الاوانى المنزلية و حتى الدجاج كان متدليا باطراف المركبات اخذت كغنائم حرب . لم نسمع ان الفتوى قد ابطلت ، بل ما زالت سارية بواقع ما نراه من الدفع بالمتحركات و المليشيات و المرتزقة من كل لون و جنس منذ عام 2011 و الى الان .
• الحرمان من المشاركة السياسية.
لايقتصر انتهاكات حقوق الانسان فى جبال النوبة على القتل و التعذيب و غيره من صنوف الأنتهاكات ، بل يمتد الى القمع السياسى لكل مطالب بالمشاركة فى الشأن العام. الاقلية الحاكمة تصف كل من يطالب بالعدالة و المساواة بانه مخرب و يجب ضربه بيد من حديد ، فكل احتجاج من شعوب الهامش هى مؤامرة عنصرية و حرب على الدين و الوطن. و يتم استبعاد اهالى الهامش من مراكز صنع القرار بذرائع شتى ، مرة بأسم الدين و مرات بسبب الانتماء الاقليمى او الاثنى . وعلى سبيل المثال توضح مضابط مداولات الجمعية التأسيسة فى ستينات القرن الماضى تساؤل الاب / فيليب عباس غبوش ما اذا كان يجوز لغير المسلم ان يتولى رئاسة البلد فكان جواب رئيس الجمعية التأسيسية ان " لا " غليظة.
لذلك ، منذ الحكم الذاتى عام 1953 لم يتول احد من خارج الشمال النيلى العروبى السلطة كما يوضح السرد التالى :-
• 1953 – 1955 ، اسماعيل الازهرى رئيسا للوزراء.
• 1956 _ 1958 ، ائتلاف احزاب الامة و الاتحادى – عبدالله خليل رئيسا للوزراء.
• 1958 _ 1964 ، حكم عسكرى بقيادة ابراهيم عبود.
• 1964 _ 1965 ، حكومة اكتوبر برئاسة سر الختم الخليفة.
• 1965 _ 1969 ، محمد احمد المحجوب / الصادق المهدى.
• 1969 _ 1985 ، نظام مايو برئاسة جعفر محمد نميرى.
• 1985 _ 1986 ، محمد حسن سوارالدهب / الجزولى دفع الله.
• 1986 _ 1989 ائتلاف احزاب الامة/ الاتحادى/ الجبهة القومية الاسلامية ، الصادق المهدى رئيسا للوزراء.
• _ 1989 حتى الان ، عمر البشير.
و حتى عندما جرت انتخابات عام 2011 لاختيار من يتولى الحكم فى ولاية جنوب كردفان و عندما تبين ان الفوز اصبح لأحد ابناء اكبر هوامش السودان – جبال النوبة – قام النظام الحاكم بتزوير نتيجة الانتخابات ثم اشعل فتيل الحرب التى ما زال اوارها مشتعلا حتى هذه اللحظة.
• تدمير الممتلكات.
انتهاكات حقوق الانسان بواسطة النظام فى الجبال لم تقتصر على انتهاك الحقوق المدنية و السياسية بل تعداها الى انتهاك الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية . فقد عمدت الى اتباع سياسة التدمير للممتلكات سواء كانت خاصة او عامة و حرمان المواطنين من سبل كسب عيشهم ، فقد الناس ممتلكاتهم فى اطار العمليات الحربية العشوائية التى تقوم بها القوات الحكومية و تم نهب غلال و مواشى المواطنين باعتبارها غنائم حرب .
و كسياسة ممنهجة تم فى كادقلى استهداف منازل من يعتقد انهم موالون للحركة الشعبية لتحرير السودان او منازل قياداتها، فقد تم استهدافها بالهدم و جرى تسويتها بالارض بواسطة الدبابات و الجرافات ، ايضا تتبع النظام ممتلكات المواطنين من اثنية النوبة او مناصرى الحركة الشعبية التى سلمت من الهدم و ذلك بالرجوع الى تسجيلات الاراضى و سجل المركبات و العربات و مصادرتها.
• الطعام و الدواء كسلاح.
المجاعة هى واحدة من اكثر الكوارث التى لها مساس مباشر بأهم حق من حقوق الانسان و هو الحق فى الحياة ، و لذلك اعتبر الحق فى الطعام احد حقوق الانسان الاساسية. و المجاعة قد تكون بفعل الطبيعة و فى احيان كثيرة يقوم الانسان بصناعتها و استخدامها كأحد الاسلحة فى الحرب. لقد درج النظام الحاكم فى السودان على استخدام الطعام و الماء لمجابهة حركات الكفاح المسلح ، لكن فى الحقيقة يفعل ذلك لحرمان المدنيين من الطعام و ذلك بحرق المزارع و تدمير موارد الماء او تسميمها و رفض امدادهم بواسطة منظمات الغوث بادعاء انهم يوفرون المأوى للمقاتلين.
فى اواسط التسعينات عندما ضرب الجفاف القطر تداعى المجتمع الدولى و المنظمات الانسانية الى اغاثة الجوعى و المحتاجين بواسطة ما سمى بعملية شريان الحياة ، الا ان حكومة السودان قد رفضت ان يشمل عملية شريان الحياة كل المناطق المتأثرة فاقتصرت جهود الاغاثة على جنوب السودان فقط دون جبال النوبة ، و لم تفلح جهود اغاثة شعب جبال النوبة الا بعد توقيع اتفاقية وقف اطلاق النار فى بيرقنستوك/سويسرا اواخر عام 2001. و عند اندلاع الحرب الثانية فى يونيو 2011 لجأ النظام مرة اخرى الى سلاح الطعام و عمد الى صناعة المجاعة و ذلك باستهداف القرى و اماكن تجمعات السكان و تدمير مخزون الطعام من الذرة و الفول و المحصولات الاخرى ، نفقت الماشية نتيجة القصف الجوى العشوائى عملا بسياسة الارض المحروقة. و يلاحظ ان النظام يكثيف قصفه الجوى فى بداية موسم الخريف لارعاب و منع المواطنين من مزاولة نشاطهم الزراعى و مرة اخرى يكثف غاراته الجوية بالبراميل المتفجرة مع موسم الحصاد باستهداف المزارع و الجباريك بقصد حرق ما امكن زراعته خلال الخريف. و كما فعلت بشأن عملية شريان الحياة سابقا رفضت باصرار توصيل المساعدات الانسانية المتمثلة فى الطعام و الدواء و تحصين الاطفال رغم الاتفاق الثلاثى الذى هدف الى ايصال المساعدات الانسانية من غذاء و دواء و كساء للمحتاجين من المدنيين .
ما تقدم من سرد لوقائع و احداث انتهاكات حقوق الانسان فى جبال النوبة و غيرها من مناطق الهامش فى الماضى و الحاضر يثبت بما لا يدع مجالا للشك انها منهج و سياسة اتبعتها الانظمة الحاكمة فى السودان دون اعتبار لتعهداتها للمبادئ السامية التى التزمت بها كعضو فى الاسرة الدولية و الالتزامات التى يرتبها عليها ميثاق الامم المتحدة و التى تؤكد على رعاية حقوق الانسان و حرياته الاساسية و تأكيد مبدأ الحقوق المتساوية لكل مواطنيها دون تفرقة ، و ضمان المشاركة الفاعلة فى الحياة السياسية .
الانظمة الحاكمة فى السودان لم تبدى اية جدية فى مراعاة المبادئ التى نادى بها الاعلان العالمى لحقوق الانسان 1948 و التزامات المواثيق الدولية الاخرى كالعهد الدولى للحقوق المدنية و السياسية 1966 ، اتفاقية منع و معاقبة جريمة الابادة الجماعية 1948 و غيرها ، مثل كرامة الانسان و حقه فى الحياة ، و عدم جواز استرقاقه او تعذيبه و حرمانه من ملكه و حقه فى التعويض ، و تحريم كافة اشكال التفرقة على اساس الدين و اللون و الاصل الاثنى و اللغة و الانتماء السياسى ..الخ فالسودان لم يوفى بالتزاماته فى المراعاة و الحماية و الايفاء فحسب ، بل صارت الدولة و اجهزتها من يقوم بالانتهاك.
ماذا سيكون خيار النوبة ؟
لقد ناضل النوبة من اجل المساواة و الاعتراف بكينونتهم منذ اربعينات القرن الماضى . فتنظيم الكتلة السوداء التى تكونت عام 1942 من النوبة و مجموعات الهامش التى هاجرت و استقرت فى المدن و بعض من اطلق عليهم " المنبتين قبليا " كانت تسعى نحو تأسيس خصوصية سياسية لشعب و اقليم جبال النوبة ضمن السودان الواحد . اما اتحاد عام جبال النوبة الذى تأسس عام 1964 فكانت مطالبه خدمية فقط اضافة الى المطالبة بالغاء ضريبة الدقنية المهينة ، و كم لاقى الاب/ فيليب عباس من عنت و مشقة بسبب المناداة بالعدالة والمساواة . جاءت مناداة الحركة الشعبية لتحرير السودان لتأسيس سودان جديد و موحد كأحد اهم الاسباب التى دفعت النوبة للانضمام لصفوف الحركة ، و عندما اجمع النوبة على طرح مطلب حق تقرير المصير فى كاودا عام 2002 كان ذلك فى اطار حق تقرير المصير الداخلى و لم تكن مطالبة بالانفصال.
اذن النوبة لم يطالبوا بالانفصال فى الماضى و الحاضر بل كانت المطالبة بالخصوصية السياسية لاقليم جبال النوبة تعبيرا عن خصوصية حضارية و ثقافية و تاريخية فى اطارحق تقرير المصير الداخلى تحت السودان الموحد ، فماذا كان يريد النوبة ؟
• يريد النوبة ان يقرروا فى شأن السودان على قدم المساواة مع الاخرين ،
• يريد النوبة وجود فاعل فى وزارات السيادة و المرافق الاستراتيجية و ليس فقط وزارة الثروة الحيوانية و السياحة
• يريد النوبة سياسة تعترف بحقهم فى الارض و هيكلة و تحديث علاقات الانتاج ،
• يريد النوبة ان يؤسسوا مؤسساتهم الاقتصادية و المالية فى ظل اصلاح هيكلى للعلاقات الاقتصادية و الاجتماعية فى مجتمع متساوى الفرص ،
• يريد النوبة الاحتفاء بأفريقيتهم حتى تتفاعل مع بقية الهويات و الا يتعالى علينا احد ،
• يريد النوبة ان تعكس مناهج التعليم خصوصيتهم و تصقل انسانا متصالحا مع نفسه و بيئته ،
• يريد النوبة رؤية انفسهم فى التلفاز القومى بدون مساحيق و كريمات ، و ان نسمع صوتنا بكلامنا الذى خلقه الله تعالى لنا فى راديو امدرمان ،
• يريد النوبة رؤية و قراءة اسماء عظمائنا - السلطان عجبنا ، الملك ادم ام دبالو ،الاب/ فيليب عباس غبوش ،القائد الملهم/ يوسف كوه مكى ، الكنداكة/ مندى ابنة السلطان - فى شوارع مدننا و مدونات التاريخ الحقيقى للسودان .
هذا اطار حق تقرير المصير الذى طالب به شعب جبال النوبة و شعوب الهامش الاخرى ، فاذا استعصى ذلك على الطغمة الحاكمة فى الخرطوم فماذا هم فاعلون غير الخيار الوحيد الذى تبقى لهم !!!

ادريس النور شالو [email protected]






أحدث المقالات
  • الحق فى تقرير المصير و شعوب الهامش فى السودان، جبال النوبة نموذجا (2-1) بقلم ادريس النور شالو
  • أمينة الأمينة.. نرحب بطائرك الميمون مجدداً بقلم كمال الهِدي
  • هل هذه المنظمات.. مراقبة؟ بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين
  • جذور الفهم بقلم أسحاق احمد فضل الله
  • من المسؤول ؟؟ بقلم صافي الياسري
  • مذبحة قرية مولي كتبت ـ صباح أرباب
  • حتى أنت يامطيع : لن تستقيل ؟! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • لجان الحوار الغارقة في المحاور بقلم نورالدين مدني
  • الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (79) الانتفاضة تفضح شخصية نتنياهو بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي