رجم الاستقلال: من هان حتى تواضع في نفسه كل معنى رفيع بقلم عبد الله علي إبراهيم

رجم الاستقلال: من هان حتى تواضع في نفسه كل معنى رفيع بقلم عبد الله علي إبراهيم


01-01-2016, 06:32 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1451626373&rn=2


Post: #1
Title: رجم الاستقلال: من هان حتى تواضع في نفسه كل معنى رفيع بقلم عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 01-01-2016, 06:32 AM
Parent: #0

05:32 AM Jan, 01 2016

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر





الأول من يناير هو موسم "عيد باية حال عدت يا عيد". وستخرج البرجوازية الصغيرة (وفي المهاجر خاصة) تجلد ذاتها وصفاتها وتصب اللعنة على السودان والسودانيين (العربوإسلاميين بالذات) وساسته أجمعين . . . والإمام الصادق المهدي شخصياً. وستنعى علينا أننا حصلنا على استقلال بدري عليه لم نضرجه بالدم. وسيعيدون علينا حكاية عمك أزرق النجيض بتاع أم درمان وحزبو الشنو ما عارف لقوله للإنجليز أوعكم تعتبوا خارج السودان "دي إمة يدوها استقلالها". وسيذكروننا بحكمة تلك التي قالت: "يالإنجليز لا تفوتو لا تموتو". وكانت نتيجة "شفقتنا" للاستقلال في قولهم أن دمرنا ركائز الحداثة: السكة حديد، الجزيرة، الجميلة ومستحيلة، والخدمة المدنية وسائر مفردات مثلث حمدي الشهير. وستطوي البرجوازية الصغيرة ذيلها وترجع، بعد أن تستغفر من النخجي، إلى أمن صدفتها الاستعمارية. وستنفق العام في مهرجان كراهية نفسها ووطنها حتى يهل عام جديد "وعيد بأية حال . . ."
سيبكون على مَنِ الإنجليز و سلوى سكك حديدها التي تزبط عليها ساعتك. ولكن لن تندى لهم دمعة على مكسب آخر لنا من الإنجليز: الحرية. وآخجلتاه. لقد فَرتهم سنوات الهرج والاستبداد ووتواضعوا على أنفسهم حتى هان فيها "كل معنى رفيع" في قول التجاني يوسف بشير. وتستغرب لماذا يطلبون من دولة الإنقاذ الديمقراطية وهم يتبرأون من حرية الإرادة التي انتزعناها بالاستقلال، ويتمنون لو لم يرحل عنا الإنجليز بسكك حديدهم وجزيرتهم المروية وخدمتهم المدنية.
ونسيت شيئاً من مآثر الإنجليز يذكرونه بصورة راتبة: مرور المفتش كل سبت على رأس موكب من شيوخ المرابيع للكشف عن بؤر الملاريا والذباب. وتخصص في البكاء (أو التباكي) على هذا الموكب شوقي بدري الذي لو قرأ ما كتبه جده بابكر بدري عن طبيعته المستبدة لتحفظ وتجمل. فجده يذكر أن الموكب كان مهيناً يتطلب من مثله أن ينزل عن ركوبته متى صادف ركب جناب المفتش. بل أن مبدأ ثورة على عبد اللطيف كانت لوجوب أن يترجل متى مر بإنجليزي. وكان سبب ثورة توتي المشهورة أن تواتياً رفض إهانة الترجل لدى مرور إنجليزي به وجرى اعتقاله وثار التواتة. وتوقعت أن تكون هذه الثورة من بعض ما تعلمه شوقي من توتي التي وصف صباه بين أصدقائه ومعارفه التي استفادها منهاب"جامعة توتي".
ليس بوسع المتعلمين نقد الحكم الاستعماري واعتزاله ثقافة وسياسية بروح حرة. فهم ما يزالون ثمرة ذلك الحكم برغم ما يبدو من تقادم عهده. فقد صار معلوماً الآن أن تعليمنا ما يزال ينز استعماراً. فحمل البروف عبد الله الطيب على الحكم الوطني الذي خلف الاستعمار واصفاً إياه بأنه سلطة المستعمر ذاتها عادت على صورة "بعاتي" من الأفندية. والبعاتي لا يقوم كما قال في هئته الأولى فيصبح في صوته نخنخة وفي وجهه دمامة.
ولا أعرف من أدرك إرث الإنجليز في جيلنا المتعلم مثل هارولد ماكمايكل السكرتير الإداري للحاكم العام في العشرينات ومؤلف كتاب "العرب في السودان". فقد روى الدكتور فاروق محمد إبراهيم قبل مدة رواية عنه في إطار فكرة الدكتور أن النظم المستبدة هي وظيفة من وظائف ضعف المجتمع المدني وقواه وتنظيماته. فتذكر فاروق على أيام بعثته في إنجلترا أن التايمز البريطانية كتبت مقالا افتتاحيا في صبيحة الثامن عشر من نوفمبر 1958 تتحسر فيه على الديمقراطية التي بناها الإنجليز وأطاح بها الجيش السوداني. وقال إنه دُهش حين قرأ في اليوم التالي "رسالة إلي المحرر" بقلم هارولد مكمايكل السكرتير الأداري للسودان في العشرينات عنّف فيها محرر التايمز قائلا ما معناه: " من قال لكم إننا بنينا نظاما ديمقراطيا في السودان؟ لقد بنينا نظاما أوتوقراطيا يرتدي فيه المفتشون والمديرون الزي العسكري ويحملون الأشرطة العسكرية على صدورهم وقبعاتهم ويتولون السلطات التنفيذية والقضائية بإشراف مركزي مباشر من السكرتير الإداري بالخرطوم. وما فعله الجيش السوداني كان العودة بالبلاد للنظام الأوتوقراطي الذي بنيناه والذي هو أكثر مواءمة للبلاد من الدستور الوسمنستري الذي لم نعدا له إعدادا جيداً".
يحول تعليم الإنجليز (قبل سكك حديده وخدمته المدنية) دون المتعلم وتنمية حس نقدي بالاستعمار قاعدته الحرية. ولا أعني بالحرية علماً ونشيداً وطنياً وسلطاناً. بل الحرية كاستحقاق وحالة إنسانية حتى لتصبح طبيعة ثانية للناس. وعليه فهي مما لا رجعة فيه ولا عود منه. فمن يخضعها للمساومة (أو مقايضتها بزلابية بالسكة حديد وغيرها) ولو مرة، ولو هذراً، ستكبو مساعيه لنيلها من نظام مستبد او آخر. فقد يتصور أن مطلبه من تلك النظم الحرية ولكن مطلبه في الواقع هو وضع يده على العلم والنشيد وكراسي الحكم في دورة اتوقراطية جديدة على حد قول ماكمايكل.
لم تجد البرجوازية الصغيرة في تعليم الإنجليز الذي يخيم علينا ما يزال ما يعينها على نقد استبدادهم لتخلص لها الحرية جلية كالجوهرة. وقالت أودري لوردي، الشاعرة الناشطة، إنك لا تهدم بيت السيد بأدوات السيد





أحدث المقالات

  • الأخوان المسلمين وداعش بقلم بابكر فيصل بابكر
  • المستبدون، سكان القصور و الأبراج، يعَيِّرون المناضلين، سكان الفنادق! بقلم عثمان محمد حسن
  • مفاوضات السد الاثيوبى : خطوة بعيدا عن دائرة الخطر! بقلم د.على حمد إبراهيم
  • تعليقا على خطاب الرئيس البشير أمام اجتماع المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي في دورة الانعقاد اكتوبر
  • جبل مرة الجميل بقلم هلال زاهر الساداتي
  • القنصلية السودانية في جدة !! بقلم احمد دهب
  • سِتُّونَ عاماً مِن وَأدِ (الحُريّة) - وِزْرُ (الحكومة) ونَذْر (المعارضة)!
  • إضعاف السودان من المجتمع الدولي ووضعه في يد داعش ..... بقلم هاشم محمد علي احمد
  • ازمة المواطنة وافاق الحلول في السودان بقلم محمد داؤد سليمان
  • معا ﻻسقاط حكومة يستخدم أخطر استرتيجيات الحروب ضد شعبنا بقلم حيدر محمد احمد النور
  • القائد عبدالعزيز الحلو وحكم ام تكو (2) بقلم صابر دبيب تمساح
  • علام الأحتفال بالأستقلال!!بقلم بثينة تروس
  • عزراً يا رفاق... فلنحترم نضالات قاداتنا... بقلم محمد عبدالله ابراهيم
  • الخرطوم أيضاً، يلحقها رأس السوط ..! بقلم عبد الله الشيخ
  • مقل السودانيين مليء بالدموع في عيد الإستقلال
  • لا.. الشعب انتخبكم انتو وبس! بقلم كمال الهِدي
  • اصحاب الحوار لايؤمنون بالرأى الاخر بقلم حسن البدرى حسن/المحامى
  • اليمن زمن الزمن بقلم مصطفى منيغ
  • الإستقلال.. أهو إحتفالا، أم أرتجالا..؟ بقلم الطيب الزين
  • أستقلال الوطن, أم أستغلال المواطن بقلم المثني ابراهيم بحر
  • وتبقى الأفكار ..!! بقلم الطاهر ساتي
  • والناس مساكين..!! بقلم عبد الباقى الظافر
  • هوامش الحوار بقلم أسحاق احمد فضل الله
  • نعترف بنجاحك يابروف / حميدة!! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • هل فعلاً السودان دولة (مُسْتَقِلَّة) ؟! بقلم د. فيصل عوض حسن
  • استفتاء دارفور : الحق فى الحياة والكرامة الإنسانية بقلم فيصل الباقر
  • الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (73) المرافق الإسرائيلية في القدس تنهار وتجارها يشكون بقلم د. مص

  • Post: #2
    Title: Re: رجم الاستقلال: من هان حتى تواضع في نفسه كل
    Author: عثمان بارودي
    Date: 01-01-2016, 06:34 PM
    Parent: #1

    عن الناصر قريب الله كتب الأستاذ عبد القدوس الخاتم
    (والشاعر لا يفطن لذلك فقط .. بل ينفذ بحسه السليم إلى ما وراء الظواهر فيسلط أدواته المشمسة على دسائس الانجليز الذين يريدون أن يمزقوا القطر أشلاء:

    أما أوصدوا باب الجنوب وحرموا على صنوه الأدنى حدائقه الغلبا
    أما سخروا زند الجنوبي عنوة وصبوا سعير الحقد في قلبه صبا
    أما تركوه عارياً في بلاده وأموالها من كل ناحية تجبى
    لأمر يراه الغافلون سياسة أباحوا الزنوج العري والعرب الجدبا

    ونلاحظ أن الشاعر كتب قصائده قبل التمرد في جنوب القطر مما يدل على نظر سياسي بعيد الآماد. ويندد بنهب الانجليز خيرات البلاد:
    ألم يأخذوا قطن الجزيرة مغنماً رخيصاً ومال الزارعين بها نهباً

    هذا حين كان البعض من المثقفين الحُول يرى في الجزيرة يداً بيضاء من أيادي الانجليز تستدعي لثم جباههم الكريمة).