*لفت نظري منظر قاعة البرلمان البريطاني البارحة...*نعم رأيته كثيراً - عبر الشاشات طبعاً - ولكنها المرة الأولى التي أنظر فيها إليه كمبنى لا معنى..*أدهشني تواضع محتوياته مقارنة ببرلمانات دول ليس لها من الديمقراطية سوى اسمها..*ما من نائب له مقعد وثير خاص، ولا طاولة أمامه، ولا جهاز صوت لـ(الثرثرة)..*فقط أريكة طويلة لكل عدد من النواب يتراصون عليها وأعينهم على المنصة (المتواضعة)..*واستحضرت منظر (10 داوننغ ستريت) كذلك..*فرغم كونه مقراً لرئاسة الحكومة - وسكناً لرئيس الوزراء - إلا أنه غاية في البساطة..*ومكتب رئيس أمريكا يقل فخامةً عن مكتب (مدير مكتب) أي وزير من وزرائنا..*ودستورها يمكن اختزاله في صفحة واحدة بينما بريطانيا لا دستور مكتوب لها ..*ولكن في مثل الدول (المحترمة) هذه (يُحترم) الدستور إلى حد التقديس..*لا تحايل فيها عليه بقوانين استثنائية تنتقص من (هيبته)..*قوانين فرعيه تأخذ بالشمال ما يمنحه الدستور باليمين من حقوقٍ للمواطنين..*ولا تعديل لبندٍ فيه - كذلك - يتيح للرئيس تمديد فترة رئاسته وإن كان في (عظمة) روزفلت..*فالمعاني هناك هي التي تهم وليست المباني...*فما من إحساسٍ بـ(الخلود) يعتمل في نفس الوزير ليجعله يستهل ولايته بـهوس المظاهر..*لا يهمه - الوزير هناك - إن كان أثاث مكتبه حديثاً أم يعود إلى سلفه قبل الأسبق..*بل المهم عنده ألا يبدد زمن فترته في الولائم والقشور والأسفار و(كثرة الكلام)..*هنا في بلادنا - سيما خلال العهود الشمولية - اهتمام بالمظهر دون الجوهر..*مظهر المبنى والمكتب والسكرتيرة والسيارة والمنزل وحتى الدستور..*يُحشد للدستور هذا العشرات من الوجوه المحفوظة عند كل (حشد)..*و(يحتشد) بملايين المفردات المعبرة عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان..*ثم لا شيء من ذلكم يتنزل إلى أرض الواقع أبداً ..*فهو محض دستور جميل في (مبناه) - دون المعنى - و(خلاص)..*وهكذا حالنا قياساً إلى أحوال دول (يُحترم) فيها المنصب والدستور والإنسان..*أرجوكم لا تشاهدوا مساء اليوم نشرة أخبارنا التلفزيونية لتروا فخامة (مباني) برلماننا..*شاهدوا - عوضاً عن ذلك - نشرات أخبار الـ(بي بي سي) عن الحكومة البريطانية..*وانظروا - بحسرة- إلى (فخامة) المعاني مع (بساطة) المباني..*ثم رددوا عبارة الزعيم (يخرب بيتنا إحنا يا شيخ!!).assayha.net/play.php؟catsmktba=8474أحدث المقالات