خليفة الصديق الخليفة عبد الله: أعز الله وجهه بقلم عبد الله علي إبراهيم

خليفة الصديق الخليفة عبد الله: أعز الله وجهه بقلم عبد الله علي إبراهيم


11-24-2015, 06:41 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1448386885&rn=0


Post: #1
Title: خليفة الصديق الخليفة عبد الله: أعز الله وجهه بقلم عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 11-24-2015, 06:41 PM

05:41 PM Nov, 24 2015

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر




(في مناسبة الذكرى السادسة عشر بعد المائة لمقتل الشهيد الخليفة عبد الله خليفة الصديق في أم دبيكرات)
تمر علينا هذه الأيام حولية معركة ام دبيكرات السادسة عشر بعد المائة. وخطرت لي في المناسبة فكرة استثارتني يوم أطلعني عليها الأستاذ أحمد المرضي الفنان التشكيلي قبل عقد من الزمان. وكانت فكرته أن يستثمر تطور تكنلوجيا الحاسوب ليعالج صورة خليفة الصديق الخليفة عبد الله التعايشي المسجى على ظهره قتيلاً في ساحة الفداء بأم دبيكرات عام 1899. وهي صورة نشأنا عليها. وربما عددناها آية في الموت من أجل القضية. فقد اختار خليفة الصديق الموت على نهج الفروسية السودانية متى لم يعد من الموت بد. فمتى حصرك العدو وأنسدت الدنيا عليك بما رحبت جلست على مصلاك متوكلاً رابط الجأش باذلاً بغير لجاج ثمن مغامرتك في الحق ومسارعتك لله.
ولكن ربما تسرب شيء من الوهن في النفوس والعزائم إذا لم نعد نرى من الرجل إلا لحظة من لحظات ضعفه القوي أو قوته الضعيفة. وهي لحظة تركه عليها خصم مستبد وغاز فاجر. وكان نبهني طالب من طلابي من كلية الفنون الجميلة في بداية عقد الثمانينات إلى خطر الصورة وزواياها من جهة الوعي التاريخي. فقد حلل الطالب في بحث التخرج صور غردون المرسومة التي نتداولها ولم يجد بينها رسماً له إلا وهو فاخر سامق مستعل. فتراه يحتل صدارة الصورة حتى في لوحة هجوم الأنصار عليه. ويند في علاه الفوق تماسكاً . . . ولا عليه. بينما ظهر الأنصار في أسفل الصورة كالجرذان تجتمع على هذا القديس الشهيد. ولما أطلعني المرضي على مشروعه لاستنهاض خليفة الصديق من عثرة أم دبيكرات فرحت بوعد أن نرى الرجل الحق.
ربما كان الخليفة عبد الله أحد أهم رموزنا التي تحتاج إلى توطين أفضل في لوحة تاريخنا الحديث. فهو ضحية "خمارة التاريخ". فقد نشأنا على ضفاف النيل لا نذكر الخليفة إلا مصحوباً بقول حبوباتنا عن لحس جيش الأنصار حتى لعجين الخمارة من فرط بأسهم. وهذه واقعة واحدة لا تصلح للحكم على الخليفة وعصره المعقد بإطلاق إلا لمن لا يكترث للتاريخ فيجعل من مرارته سداً دون أن يحيط بماضيه خيره وشره. وأنا أعلم أنه قد سبقتني الدكتورة فيفان ياجي إلى النظر الأكاديمي الحصيف لتقويم خليفة الصديق بمعطيات أخرى غير "خمارة البلد". ونشرت لها مقالاً مترجماً عن دعوتها بمجلة الدراسات السودانية التي كنت قائماً على تحريرها في آخر عقد الثمانين. ولا أدري أين بلغت من هذا العمل المبروك.
أزعجني علم تاريخي غير دقيق في تقويم خليفة الصديق ساد في عقودنا الأخيرة. فقد أصبح الخليفة مثلاً يضرب في ركوب الرأس العقائدي أو الهوس الديني الذي يبلد حس المرء السياسي ويجعله أسير أيدلوجيته لا يسمع ولا يرى. ووجد فيه بعض خصوم الإنقاذ الحاكم سابقة تاريخية ل "صناجة" الإنقاذ العقائدية التي يفسرون بها عزلة النظام السياسية وتطفل لعالم علينا. وأنا غير معني بالإنقاذ هنا بالطبع. ولكن بدا لي أننا ربما احتجنا إلى مراجعة صورتنا عن الخليفة كعقائدي مهووس.
فمما يعاب على الخليفة عبد الله أنه استعلى على مساع الأمبراطور منليك الحبشي الذي عرض عليه تحالفاً "أفريقياً" ضد القوى الأوربية الغازية. وكان من جاء بالعرض هو رأس منقشا رسول الأمبراطور. فقد طلب الرأس من خليفة الصديق أن يتحالفوا ضد قوى الإثم الأوربي و"الإنجليز الحمر" بالذات. ولم يقتنع الخليفة بذلك. ورد عائبو الخليفة تعنته إلى أصوليته الإسلامية. فقد أعمته كراهة الحبش المسيحيين دون أن يقف على الخطر الحق القادم لا ريب فيه وهو من المستعمرين الأوربيين. وواضح أن لائمي الخليفة أسقطوا ضيقهم بالأصولية الدينية التي تفاقمت في عقودنا الأخيرة على سياسة الخليفة تجاه الحبشة. ولكنهم ربما ظلموا الخليفة. فهناك شواهد على أن الخليفة مال إلى عرض الحبش بل أكرم وفادة رأس منقشا في أوائل 1898 وترخص مضيفهم في مأكلهم ومشربهم. فقدموا لهم لحم الخنزير وبنت الحان حتى يفكوا عقدة لسانهم كما قال توماس باكنهام مؤلف "التكالب على أفريقيا" المشهور.
ولكن هناك ما هو أهم من هذا في دفع العيب عن الخليفة في تواثقه مع منليك. فقد اختلف المؤرخون حول جدية منليك في عرضه على الخليفة عبد الله التحالف ضد الغزاة الأوربيين. وكانت مجلة التاريخ الأفريقي المشهورة ساحة لحوار حول هذه المسألة في النصف الأول من الستينات بين الدكتور ج ن ساندرسن، استاذ التاريخ بجامعة الخرطوم والمختص بتاريخ صراع القوى الأوربية في أعالي النيل، والدكتور هارولد ماركوس أستاذ التاريخ بجامعة ولاية متشغان والمختص في تاريخ أثيوبيا. وكان من رأي ساندرسن أن منليك كان صادقاً في عرضه للتحالف مع الخليفة لصد الغزاة الأوربيين. وله في ذلك أدلة يضيق بها المجال هنا بالطبع. ويبدو أن كتابنا ورثوا عن ساندرسن هذا الرأي الذي يبدو فيه الخليفة سلبياً تجاه تودد منليك أو سافر العداء له. وليس هذا بمستغرب فقد كان ساندرسن بيننا وتلقينا معارف التاريخ عنه.
ولكن لماركوس رأياً آخر وهو أن منليك لم يكن يضمر الصدق في عرضه الخليفة. فقد أضحت سياسته قائمة على "التقية" منذ نصره العظيم على أيطاليا في 1896 وتوحيده للحبشة. ومفاد هذه السياسة هو أن يتقي القوى الأوربية ذات الأطماع في شمال شرق أفريقيا ومنابع النيل كفرنسا وانجلترا ويستثمر خلافاتها وأن لا يصدر عنه ما يورطه تحت طائلة مساءلة وعقاب. ورتب سياسته نحو الخليفة عبد الله على هذا النهج. فقد كان يريد له أن يكون خصماً لبريطانيا الغازية ينشغل بها عنه وينصرف بذلك عن المواضع المتنازع عليها بشرق السودان وغرب الحبشة. وكان شاغل منليك أن ينأى بالحبشة عن أطماع أوربا بضرب الأوربيين وغيرهم واحدهم بالآخر.
ومما يدل على أن منليك لم يقصد بالحلف الأفريقي ضد الاستعمار الأوربي سوى مضمضة لفظية أنه لم يقدم للخليفة عرضاً معلوماً ذا التزامات برغم إلحافه على عقد الحلف المعلوم مع الخليفة. بل ربما علم الخليفة بإتفاق منليك مع بريطانيا في 14 مايو 1897. وهو اتفاق وقعه الأمبراطور مع رنيل رود أكبر معاوني لورد كرومر في مصر بعد أن أزعج بريطانيا التقارب الحبشي السوداني المزعوم. وكان أول شواغل بريطانيا في الاتفاقية أن يلتزم منليك بوقف تسرب السلاح عن طريق الحبشة للسودان ما استطاع إلى ذلك سبيلا. ووقعت لمنليك منافع من هذه الاتفاقية مثل إطلاق يده في تملك أرض (13500 ميلاً مربعاً) تتبع الصومال البريطاني، وأن تكف بريطانيا عن جمركة ما تستورده الحكومة الأثيويبة من بضائع عبر ميناء زيلع. بل ربما كان تودد الخليفة إلى منليك هو أيضاً نوع من "التقية" يريد به تحييده حتى لا ينشغل بغير ملاقاة حملة كتشنر. بل تنازل الخليفة عن منطقة بني شنقول لمنليك لأنها كانت الموضع السوداني الذي لم يقاوم منليك وضع يده عليه دون المواضع المتنازع عليها جميعاً.
إنني لأرنو إلى اليوم الذي يستنهض المرضي خليفة الصديق من رقدة أم دبيكرات في إطار همة تاريخية تنصف الرجل من "خمارة التاريخ". وأريد أن أرى في وجهه الناهض من العثرة بعض الوسامة التي لم يقدر حتى خصومه على دسها. فقد وصفه سلاطين باشا، وهو واحد من سجناء المهدية، بأن له وجهاً عربياً شفوقاً وفماً حسن التشكيل وشارباً خفيفاً وهامشاً من الشعر على خدوده يتكاثف على ذقنه. وأنه مربوع لا بالممتليء ولا النحيف. تصحب الابتسامة عبارته ويكشف عن أسنان بيضاء لامعة.
أما آن لهذا الفارس الشاهد الوسيم أن ينهض على قدم وساق لنشهد وجهه النبيل في زحام التاريخ.

أحدث المقالات

روابط لمواضيع من سودانيزاونلاين
  • زعم أوباما أن سيدمر داعش ، فابشرى بطول سلامة يا داعش ! بقلم الدكتور السفير على حمد إبراهيم
  • العلاقات ( الأخوية) الأزلية بين السودان و مصر علاقة مزيفة بقلم عثمان محمد حسن
  • نسرين سوركتي أخير ليك منوعاتك بقلم كمال الهِدي
  • علي جبريل إبراهيم محمد أن يضع حدا للشائعات التي ظلت تحوم حول حركته والقائلة بأنهم مجرد عساكر للترابي
  • تحالفات المعارضة.. نقطة سطر جديد بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين
  • بعد تمصير سكان مثلث حلايب....هل تكتفى مصر بذلك؟ بمصر بقلم ادروب سيدنا اونور
  • أخوان مصر والسودان هم السبب الرئيس في أزمة السودانيين بمصر بقلم جمال السراج
  • علي المجتمع الدولي الاطلاع بمسئولياته والقيام بغوث الضحايا في جبال النوبة والنيل الازرق
  • السكرتير التنظيمي للشيوعي في قفص الاتهام...! بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن
  • تفجيرات باريس والطائرة الروسية ابعاد ومؤشرات بقلم سميح خلف
  • لماذا فشلت المفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية السابقة؟ بقلم ألون بن مئير
  • مابين حنة (بدرية سليمان )!! وعاملات سوق دنقلة ..قوانين سبتمبر!! بقلم بثينة تروس
  • حلقة موت أخرى ...!! بقلم الطاهر ساتي
  • سود النية ؟!! بقلم صلاح الدين عووضة
  • جامعة الرؤساء الأفارقة..!! بقلم عبد الباقى الظافر
  • الإنتباهة والعدالة العرجاء! بقلم الطيب مصطفى
  • إشانة سمعة بمليار جنيه: ياللحسرة!! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • حول الإجتماع المرتقب للجمعية العمومية الطارئة للإتحاد السودانى .. بقلم نادر الفضلى
  • ماذا ينتظره الشعب من المركز بقلم إسماعيل ابوه
  • تايه بين القوم/ علي مين؟ / و....... السودان ومصر
  • الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (42) يوم الاثنين الدامي بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
  • في ذكرى صلاح أحمد إبراهيم بقلم الفاضل عباس محمد علي
  • ما القصد من وراء قتل الحكومة لطلاب دارفور بالبنادق والمشانق؟.بقلم محمد نور عودو
  • أسر ضابط اولي بثورتكم يا اهل الإنقاذ.. بقلم خليل محمد سليمان
  • حوار الأديان...وحرية الرأي...في مواجهة الجهاد بقلم رحاب أسعد بيوض التميمي

  • European Union Ambassador welcomes Sudan's efforts to end child marriage
  • Minister of Justice Meets his Egyptian Counterpart in Cairo
  • Statement of the Prosecutor of the International Criminal Court, Fatou Bensouda: ‘The ICC is an ind
  • South Sudan peace deal stalled
  • Sudan and Egypt Agree to Form Joint Committee to Deal with Assaults on Sudanese Nationals in Egypt
  • Suspension Sudan peace talks, deadlock over aid delivery

  • سفير الاتحاد الأوروبي يرحب بجهود السودان لإنهاء زواج القاصرات
  • وزير الدولة باللرعاية والضمان الاجتماعى يؤكد أن السودان سباق في مجال حقوق المرأة والطفل
  • بيان رفض و ادانه من مركز عزه لتنمية المرأة و الطفل
  • مشاركة 17 سفيراً من جنوب السودان في دورة تدريبية في القاهرة
  • وداد بابكر تخاطب إنطلاقة برنامج التحالف السوداني من أجل قضايا المرأة والايدز بكوستي
  • دعوة عامة لندوة سياسية كبري بلندن يتحدث فيها أبكر أدم اسماعيل
  • النائب الأول يدعم الذرّة بـ(3) ملايين دولار لمواكبة ازدياد الإصابة بالسرطان
  • ختام فعاليات ملتقى معلومات الولايات ال13 بولاية كسلا
  • مقتل (6) وتوقيف (15) سودانياً بمصر
  • كاركاتير اليوم الموافق 24 نوفمبر 2015 للفنان عمر دفع الله عن داعش

  • Post: #2
    Title: Re: خليفة الصديق الخليفة عبد الله: أعز الله وج
    Author: عوض محمد احمد
    Date: 11-24-2015, 08:04 PM
    Parent: #1

    تحية لاستاذنا د. عبد الله
    جهود د. فيفيان ياجي انتهت الى تاليف كتاب ضخم عن سيرة الخليفة صدر قبل عدة اعوام