ما تزال القبلية تؤجل إمكانية التغيير بقلم صلاح شعيب

ما تزال القبلية تؤجل إمكانية التغيير بقلم صلاح شعيب


11-13-2015, 01:36 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1447374993&rn=3


Post: #1
Title: ما تزال القبلية تؤجل إمكانية التغيير بقلم صلاح شعيب
Author: صلاح شعيب
Date: 11-13-2015, 01:36 AM
Parent: #0

00:36 AM Nov, 13 2015
سودانيز اون لاين
صلاح شعيب -واشنطن-الولايات المتحدة
مكتبتى
رابط مختصر

بين كل فترة وأخرى تتعقد مشاكل البلاد أكثر فأكثر. ففي كل يوم يمر يسعد قادة الحكومة بنجاح أفخاخهم، وتمكنهم من إقصاء بقية السودانيين عن شؤون الحكم، بينما يتزايد الإحباط لدى بعض المعارضين، وعامة المواطنين. ومع ذلك لم يخب الأمل لدى كثير من الناشطين بأن لكل نظام ظلم نهاية. والحقيقة أن بناء الأوطان ليس مسألة ميسورة. إنها عملية تراكمية تحتاج إلى عقود إن لم تكن قرونا. والسودان الحالي يعد حديث التكوين لو قارنا واقعنا بجارتينا في الشمال والشرق. ويصح القول إنه طوال الخمسين عاما الماضية تعايش بلادنا أوضاع الانتقال من مرحلة سلطة العشائر إلى مرحلة سلطة المجتمع الحديث. ولا يغرن قاعدتنا المتعلمة في المدن أن مجتمعنا قد بلغ طورا من النضج "السياثقافي" مثلما هو واقع حالهم، وهذا النضج نفسه ليس كافيا لبناء الأوطان إن لم تكن ضمائر النخبة حية، وصوتها غير خافت في لحظات الشدة.
فاذا تركنا مجتمعنا المديني الذي تقل فيه النخبة الواعية، فالريف السوداني ما يزال إلى الآن يعيش حياة متخلفة، وهو الذي نعتمد عليه بنسبة أكثر من خمسين من المئة في اقتصادنا التقليدي الذي يقوم على دعامة الرعاة والمزارعين. وإذا كانت المدن السودانية قد حققت حتى قبل مثول الإنقاذ طفرات تعليمية، واجتماعية، نسبية، إلا أنها تريفت لا بسبب ضعف خدماتها فحسب، وإنما أيضا بسبب مفاهيم جهوية جديدة بعد تطبيق سياسة الحكم اللا مركزي في العقدين الماضيين. ولعل هذه السياسة نفسها ضربت العاصمة القومية التي استشرت فيها مظاهر القبلية الصارخة التي دعت الحكومة نفسها إلى التضييق على الجمعيات، والروابط الإقليمية، التي صارت الصوت الأعلى في أمدرمان، والخرطوم، والخرطوم بحري. وكنا كتبنا من قبل مشيرين إلى أن مصائر هذه المدن ليست الآن تحت مسؤولية أبنائها، بل إن كثيرا من ممثلي برلمان الخرطوم فرضتهم محاصصات قبلية خارج المكون الاجتماعي التاريخي لهذه المدن. ولاحظنا أبناء أمدرمان يسقطون في دوائرها، أما الذين هربوا من سوء خدمات قرى الأقاليم فهم معتمدوها وولاتها، ومشرعوها، ووزراؤها. هذا يعني أن الموازنات التي تحكم إدارة العاصمة القومية اليوم تقوم على مرجعيات ريفية يتعهدها أبناء الأرياف التي هرب منها أبناؤها، وبالتالي تكون النتيجة المزيد من الترييف الجهوي في إدارة الشأن القومي.
صحيح أنه في كثير من الأحيان تتصاعد الأحلام القومية للناشطين في الثقافة، والصحافة، والأدب، والفن، والسياسة، ومنظمات المجتمع المدني المتخصصة. ولكنهم كثيرا ما يصطدمون، من حيث لا يتوقعون، بثقل التقعيد الجهوي، أو المناطقي، أو القبلي، الذي يسم أحيانا عقل الذين ينتجون هذه التحركات اليومية من أجل التغيير. فغالب نخبنا المثقفة، أو المتعلمة، ما تزال عاكفة مسايرة عقلها العشائري، وأجندتها الانتهازية، وإن سعت لتجاهل هذا العقل الضيق اليوم استبطنته لغد آتٍ، لحظة أن يكون محك الوجود المناطقي محكا حقيقيا.
والقومية في تحركات المتعلمين، والمثقفين، هي حجر الزاوية، ولا منجاة منها، وبالعدم الطوفان. ودونها ستتكسر أجندات كل الذين يستبطنون المنفعة الجهوية، سواء الذين يناضلون سلميا، أو عسكريا. فالسودان الحالي هو أنسب مثال لكيفية تغلف شؤونه القومية بالفكر الجهوي. ولكن لن تحل معضلة البلاد إلا بتنازل النخب المتعلمة عن أفكارها الجهوية الضيقة لصالح مشروع دولة قومية. وبلد مثل السودان لا تستطيع إثنية واحدة، أو قبيلة ما، أن تتحكم فيه مهما أوتيت من دعم لوجستي في ظل إقصاء الآخرين.
وما ضر البلاد شيئا مثل غياب الرجال، والنساء، الذين، واللائي، يخلصون لفكر القومية السودانية ووضع مصالح كل السودانيين في أفئدتهم. والحقيقة المرة أن هناك قلة قليلة جدا من المثقفين الذين يتصدون لمشاكل مناطق هي غير التي تحدروا منها. والملاحظ أن كل أبناء منطقة يقومون بالدفاع عنها وحدهم ونادرا ما يكون هناك تضامن حقيقي من مناطق أخرى، وإن وجد فهو صوري في كثير من الأحييان. والمؤكد أنه إذا حدث ذلك في الماضي لما انفصل الجنوب، وتعمقت الحرب مناطق الهامش بينما تدفع المناطق الأخرى فاتورة هذا الخطوات القبلية المستترة بالشأن القومي. والحقيقة أن هذه الأوضاع التي نعايشها الآن عن استقالة الحكومة عن دورها المفترض، وضعف العمل المعارض بما لا يخفى، عائد بدرجة أولى إلى ثقافة مناطقية تعيش في ذهن معظم الذين يديرون المشهد السياسي.
وما من شك أن استمرار سياسات الإنقاذ مرده إلى توطين القبلية في سياستها. وهذا الأمر خلق رد فعل تجاه المتظلمين الذين استعانوا بقبائلهم للرد عليها، وهكذا نهضت حركات مسلحة في الجنوب، والغرب، والشرق، تقوم غالب عضويتها على خلفيات جهوية وإن حاولت تقديم طروحات قومية. ولكن هذه المقاومة المسلحة وظفتها الحكومة لتحريض القبائل الأخرى، والتي سلمتها زمام الأمر السياسي في مناطق محددة فيما وظفت أبناءها لمواجهة هذه الحركات المسلحة عسكريا.
للأسف الشديد أن المواطنين في هذه المناطق دفعوا ثمنا غاليا، بل تشردوا، وصاروا لاجئين، وكذلك انعدم أمنهم حتى فقدوا مراعيهم، وشحت فرص رعاية زراعتهم، وصار اغتصاب فتيات القرى أمرا يوميا لا يشغل الرأي العام كثيرا. هذا الوضع المقيت الذي تعانيه مناطق النزاع لا يختلف كثيرا عن الأوضاع في مختلف أرياف السودان الأخرى. فالريف في بقاع السودان جميعها صار بلا خدمات أو سكان يزاولون فيه الإنتاج. فإذا كان الشباب المنتج في المدن لم يجد عملا شريفا، وفضل الهجرة بالملايين، فما بالك بمدن، وأرياف، السودان الأخرى. وآية الوضع هناك أن كوادر المؤتمر الوطني تقضم كل هذه الميزانياتالريفية الشحيحة، وتضيف على من ينتجون تقليديا أعباء ضريبية ما أنزل الله من سلطان حتى يسيروا نشاطهم الحكومي الذي لا يغني، ولا يسمن من جوع. الأكثر من ذلك فإن الريف صار موبوءً بالأمراض الجديدة، بسبب دفن مخلفات مسرطنة من بلدان أخرى، بينما الرأسمالية الطفيلية عابرة الحدود تسرق خيراته، وتستثمر في أراضيه الخصبة التي تركها السكان الأصليون.
بطبيعة الحال لم يعد الإسلاميون يتحملون مسؤولية هذه الأوضاع منذ حين. فهم معنيون بدرجة أولى بالمحافظة على السلطة تحت أي ثمن، وبأي ذريعة، ومهمومون بتوفيق أوضاعهم الخلافية، وإعادة وحدتهم السابقة للمفاصلة. وهكذا يعتقدون أنهم أذكى في استدامة أوضاع الاستبداد، وذلك عبر تفتيت المكونات المجتمعية للبلاد، والضحك على عقول المجتمع المحلي والدولي.
أمام هذا الوضع لا تبقى المسؤولية فقط ملقاة على عاتق المعارضة المنظمة وحدها. فعلى كل عاقل وحريص على حاضر ومستقبل البلاد أن ينهض بمسؤولية وطنية، وأخلاقية، لمقاومة استبداد السلطة، والجهر برأيه ضد هذه الممارسات، وإلا سيُصبِح الصمت تواطأ، وما أكثر الصامتين من النخبة، وعامة الشعب. على أن ذلك وحده لا يفيد ما لم يتخل الناشطون عن الاستقطاب الجهوي الحاد، وتحقيق وحدة العمل المعارض بتقديم التنازلات هنا وهناك لصالح مشروع بناء الوطن. وإلا فالطوفان سيغرق البلودات جميعها فوقا ما هي عليه من غياب خدمات، وسرطانات، وأشعة ذرية، وغياب أمن، وأوبئة مستوطنة، وسوء تغذية، وحالات اغتصاب، واقتتال يومي.



أحدث المقالات
  • الحوار الوطنى ميزان للعدالة بقلم محمدين محمود دوسه
  • لماذا رفض المؤتمر التحضيري؟ بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين
  • قصة واقعية ( صديق وش الجندبة ) ... بقلم منتصر محمد زكي
  • حكومة الإنقاذ وأميركا ..الحب من طرف واحد بقلم حسن الحسن
  • لماذا تتمسَّك الحركة الشعبية بالحل الشامل للمشكل السودانى .. ؟ بقلم عادل شالوكا
  • السدود السعودية: الدعم الدولي إلى السودان ممول أساسي للنظام وأساليبه القمعية
  • القرب .. عالم خاص وتاريخ منسي ... بقلم منتصر محمد زكي
  • قيادات محلية جبل أولياء بين الرصيف وجبل الجليد بقلم محمدين محمود دوسه
  • عبدالمنعم مكي يكتب امتثال محمود شاعرة وموسيقية وطبيبة دارفورية تبهر العالم
  • ربيب الخديوية ..!! بقلم عبدالباقي الظافر
  • الأصم.. من الانتخابات للفراخ!! بقلم صلاح الدين عووضة
  • قانون التسويف ..!! بقلم الطاهر ساتي
  • بين الترابي وعلي عثمان بقلم الطيب مصطفى
  • وانتم أكبر سافوتة فى اذن شعبنا !! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • في حوش بقرنا هزمونا بقلم كمال الهِدي
  • بأسهم بينهم شديد !! بقلم د. عمر القراي
  • آخر نكتة (هبوط الدولار الامريكاني بسبب ابوالقنفد السوداني)!! بقلم فيصل الدابي/المحامي
  • تشريعي الخرطوم وسياسة صحة الخرطوم بقلم عميد معاش طبيب سيد عبد القادر قنات
  • المفلسون والمنبطحون النوبة بالخارج ينضمون لحوار قاتل أهلهم.. بقلم عبدالغني بريش فيوف..
  • مرحباً بإلغاء الكفالة في قطر وعقبال السعودية! بقلم فيصل الدابي/المحامي
  • هل المعارضة معناها الرفض دوما؟؟؟؟؟؟؟ بقلم حسين اسماعيل محمود
  • تحية تقدير وعرفان للفنان الشامل شرحبيل أحمد
  • شهادتي للتاريخ (11) هل صحيح لن يحدث بعد سد النهضة فيضان للنيل - بروفيسور د. محمد الرشيد قريش
  • الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (31) ياسر عرفات الغائب عن انتفاضة القدس بقلم د. مصطفى يوسف اللدا

  • Hassabo: Sudan is qualified to lift Economic Sanctions imposed on it
  • Sudan imports Asian sugar to export tax-free to Europe
  • Sudan urges more migrant support
  • The Prosecutor of the International Criminal Court, Fatou Bensouda, issues her annual Report on Pre
  • Sudan police, prison chiefs allowed escapes: lawyer
  • Childhood Secretary Meets UNICEF Director
  • China accused of dumping toxic waste in Sudan
  • Headlines of Khartoum Newspapers on Nov 12
  • Sudanese fishermen protest intense Egyptian fishing

  • Post: #2
    Title: Re: ما تزال القبلية تؤجل إمكانية التغيير بقلم
    Author: محمد فضل
    Date: 11-13-2015, 06:58 AM
    Parent: #1

    القبلية ليست وحدها صلاح لك التحية والتقدير التي اجلت التغيير هناك الكثير فيما يتعلق بالسنين الطويلة التي مضت من عمر المعارضة السياسية دون ان تحقق اختراق ينقذ البلاد من المصير المخيف الذي ينتظرها الان وغير هذا وذاك استمرار هذا النظام امر من رابع المستحيلات ولكن الخوف من حدوث ذلك بصورة مفاجئة تقود الي حدوث فراغ وفوضي وواقع السودان الراهن اصبح يشبه بصورة نسبية واقع المانيا قبل نهاية الحرب العالمية الاخيرة خاصة في ظل الابعاد الخارجية في الازمة السياسية السودانية وقضية دارفور التي اصبحت تنافس كبري القضايا العالمية في الانتشار والاهتمام الاعلامي وهناك الكثير من التحديات التي تنتظر البلاد حتي تعبر مستقبلا بسلام الي الامن والاستقرار ولاتلتحق بباقي المقابر الجماعية في المنطقة خاصة ملف الامن والعدالة الانتقالية تجنبا لاخذ القانون في اليد ووقوع جرائم انتقام شاملة علي الاصعدة الشخصية والعامة وخاصة القبلية التي تتحدث عنها ولايجب ان ننتظر العالم ليقرر لنا ويضع الحلول نيابة عنا كما حدث في سوريا والعراق وليبيا الامر يحتاج الي مبادرة اعلامية وطنية حيث فرص الاتفاق عليها اكبر بكثير مما يتم في الاطر السياسية

    Post: #3
    Title: Re: ما تزال القبلية تؤجل إمكانية التغيير بقلم
    Author: محمد فضل
    Date: 11-13-2015, 07:04 AM
    Parent: #2

    القبلية ليست وحدها صلاح لك التحية والتقدير التي اجلت التغيير هناك الكثير فيما يتعلق بالسنين الطويلة التي مضت من عمر المعارضة السياسية دون ان تحقق اختراق ينقذ البلاد من المصير المخيف الذي ينتظرها الان وغير هذا وذاك استمرار هذا النظام امر من رابع المستحيلات ولكن الخوف من حدوث ذلك بصورة مفاجئة تقود الي حدوث فراغ وفوضي وواقع السودان الراهن اصبح يشبه بصورة نسبية واقع المانيا قبل نهاية الحرب العالمية الاخيرة خاصة في ظل الابعاد الخارجية في الازمة السياسية السودانية وقضية دارفور التي اصبحت تنافس كبري القضايا العالمية في الانتشار والاهتمام الاعلامي وهناك الكثير من التحديات التي تنتظر البلاد حتي تعبر مستقبلا بسلام الي الامن والاستقرار ولاتلتحق بباقي المقابر الجماعية في المنطقة خاصة ملف الامن والعدالة الانتقالية تجنبا لاخذ القانون في اليد ووقوع جرائم انتقام شاملة علي الاصعدة الشخصية والعامة وخاصة القبلية التي تتحدث عنها ولايجب ان ننتظر العالم ليقرر لنا ويضع الحلول نيابة عنا كما حدث في سوريا والعراق وليبيا الامر يحتاج الي مبادرة اعلامية وطنية حيث فرص الاتفاق عليها اكبر بكثير مما يتم في الاطر السياسية.

    معذرة لاعادة ومحاولة لانقاذ الموضوع بسبب مشكلة جديدة في الطباعة