مع قبايل العيد بقلم عبدالله علقم

مع قبايل العيد بقلم عبدالله علقم


10-10-2015, 01:16 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1444436210&rn=0


Post: #1
Title: مع قبايل العيد بقلم عبدالله علقم
Author: عبدالله علقم
Date: 10-10-2015, 01:16 AM

00:16 AM Oct, 10 2015
سودانيز اون لاين
عبدالله علقم -
مكتبتى فى سودانيزاونلاين



(كلام عابر)

"العيد أهل" كما قال الراحل الدكتور عبدالله الطيب، طيب الله ثراه، وهو تعبير يختزل ببلاغته كل أوجاع من يقضي العيد بعيدا عن الدار والعشيرة؛العيد في الغربة وجع يظل ينخر في الذات والروح مهما تعايشت معه أو تساميت فوقه أو توالت عليك الأعياد بدون نكهة الأهل. مع (قبايل) عيد الأضحى وفي يوم "منى"، جاءني هاتف ينعى إلى وفاة أختي الكبرى الحاجة دار السلام،فترحمت عليها وابتلعت، كما اعتدت في كل مرة، حزني لنفسي، فما من أحد بقادر على مشاطرتك الأحزان،كما كانت تقول برقيات التعزية في أزمنة جميلة مضت،لأن الحزن الحقيقي حالة وجدانية شديدة الخصوصية،قلما تقبل القسمة على أكثر من واحد.أصبحت أختي ساكنا جديدا ودائما في مقبرة صدري،مثلما انضمت لقائمة طويلة من الأحباب ،حرمتني فيها سنوات الغربة الطويلة من وداعهم. لم أشأ أن أفسد على من حولي بهجة عيدهم التي ينتزعونها في مهجرهم انتزاعا من فك المعاناة المتجددة من حولهم، فحرصت على نشر الخبر بشكل انتقائي،واكتفيت بالعزاء الذي أقيم في الرياض، وأنا أعلم أن أحبتي في منطقة الدمام،وفي كل مكان(خيرهم سابق)،من واقع مواقف متكررة يطوقون بها عنقي في كل مرة،وكانوا سيزهدون في لحظات بهجة عيدهم المنتزعة لمشاركتي الحزن،أو على الأقل للتخفيف من وقعه الثقيل على الروح والفؤاد.
الموت حق علينا جميعا وهو الحقيقة المطلقة الوحيدة في دنيانا هذه، لا نملك إلا أن نتقبله بنفوس راضية(إن لم ترض بقضائي فاخرج من تحت سمائي)،لكن حزني على أختي الراحلة تضاعف عندما أعلم، بعد أن سرقتنا الأيام سنوات عمرنا، أن ذات الأيام لم تمكنني من قضاء أوقات أطول معها،كما يجب،أو بمثلما كان حظي مع اخواتي الأخريات، ربما كان ذلك بسبب تنقلها جل سنوات عمرها بحكم طبيعة عمل زوجها بين مدن متناثرة على الخريطة من مروي شمالا إلى أم كدادةغربا،حتى التهمتني سنوات التيه التي لم تبق حتى على لحظات الصفاء التي تجترها من حين لآخر الذاكرة المثقوبة.
ألف رحمة ونور علي شقيقتي دار السلام،فقد كان قلبها رحيبا يتسع لجميع الناس،وغادرت الدنيا بنفس الهدوء الذي تميزت به حياتها.
وبعد العيد هاتفني من مسقط في سلطنة عمان صديق طفولتي أخي بشير لينعى إلي شقيقه الأستاذ محمد عبدالدائم بشير العبادي الذي رحل قبل يوم واحد من رحيل شقيقتي. كانوا جيرانا لنا في القضارف قبل أن يصبح الأستاذ محمد معلما في مدرسة القضارف الأميرية الوسطى لفترة قصيرة،وكان يدرسنا مواد الانجليزية والتاريخ والجغرافيا.طموحه اللامحدود،الذي يملك كل أدواته، دفعه لاجتياز امتحان كامبردج (الشهادة الثانوية لاحقا)والالتحاق بجامعة الخرطوم. كان من جيل الرواد من أبناء القضارف الذين تدرجوا في مراحل التعليم.واصل العمل في مهنة التدريس بعد تخرجه في الجامعة،إلى أن اختار بعد ذلك أن يلتحق بالعمل الدبلوماسي،حينما كان العمل الدبلوماسي لا يستوعب العاطلين من المعرفة ومقومات الشخصية السوية، وشغل خلال مسيرته الدبلوماسية منصب سفير السودان في بعض سفارات في الخارج.تستهويني دائما صورة قديمة معلقة في دار أسرتهم في القضارف يصافح فيها الأستاذ محمد السيد يوثانت الأمين العام للأمم المتحدة، وكان الأستاذ محمد في بدايات مسيرته الدبلوماسية.كنت لا أملّ التأمل فيها في كل مرة أزور فيها تلك الدار الكريمة.
كان،بمواهبه المتعددة،متميزا في جميع الأمكنة،وكانت موهبة الرسم من بين هذه المواهب التي حباه بها الله. كان فنانا تشكيليا بالفطرة، كثير الإبداع عظيم الموهبة،ولكن الوظيفة في النهاية طغت بقدر كبير على الفنان.كان أستاذي أنيقا في كلماته وفي أفعاله وفي مظهره،شديد الإتزان،يتمتع بالبساطة العفوية والتواضع في غير تكلف، ويتمتع كذلك بقدر كبير من المرح والسخرية، وقد كانت كل هذه المزايا سلاحا قويا قاوم به سنوات مرضه الطويلة، فقهر اليأس والألم قبل أن يقهره الموت في نهاية الأمر.
رحم الله أستاذي السفير الفنان محمد عبدالدائم.
(عبدالله علقم)
mailto:[email protected]@yahoo.com






أحدث المقالات
  • النخب السودانية و تاريخية الحوار الوطنيا بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن 10-09-15, 03:08 PM, زين العابدين صالح عبد الرحمن
  • حـبّـذا لو جاءوا للحوار حُـفاة عُـراة غـُـرلا بقلم مصعب المشرّف 10-09-15, 03:06 PM, مصعب المشـرّف
  • 8 أكتوبر 2015م ونحن على بعد ( يومين ) او ادنى من الحوار ....!! بقلم محمد فضل ( جدة) 10-09-15, 03:05 PM, محمد فضل-جدة
  • الموت في لندن بقلم مأمون أحمد مصطفى 10-09-15, 03:03 PM, مأمون أحمد مصطفى
  • المعلقة السودانية موديل هزيمة هلال مريخ! بقلم فيصل الدابي/المحامي 10-09-15, 01:55 PM, فيصل الدابي المحامي
  • عمدة مدينة نيو يورك و عيد الأضحى بقلم رندا عطية 10-09-15, 01:52 PM, رندا عطية
  • مشروع حضاري!! بقلم صلاح الدين عووضة 10-09-15, 01:47 PM, صلاح الدين عووضة
  • هذا الحوار برعاية قنوات «آيه أر تي»..!! بقلم عبد الباقى الظافر 10-09-15, 01:45 PM, عبدالباقي الظافر
  • المذهب الظاهري في الفقه الإسلامي بقلم الطيب مصطفى 10-09-15, 01:41 PM, الطيب مصطفى
  • إنشاء بنك الفقراء في السودان!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 10-09-15, 06:23 AM, فيصل الدابي المحامي
  • المراجع العام : حاميها حراميها ؟! بقلم حيدر احمد خيرالله 10-09-15, 05:51 AM, حيدر احمد خيرالله
  • برانويا الاغلبية الصامتة ما بين كلاب بافلوف والشخصية السايكوباتية (4-20) بقلم أحمد زكريا إسماعيل 10-09-15, 05:49 AM, أحمد زكريا إسماعيل
  • يا ناس الوسبة تو .. هذه حقوق لا شروط بقلم د. ابومحمد ابوآمنة 10-09-15, 05:44 AM, ابومحمد ابوآمنة
  • تايه بين القوم / الشيخ الحسين/ النكتة عند أهل السودان وكيف تلامس الواقع في بعض الأحيان ؟! 10-09-15, 05:35 AM, الشيخ الحسين
  • غياب الإلتزام الحقيقي بالسّلام* بقلم أ.د. ألون بن مئيـــــــــــــــــــر 10-09-15, 01:21 AM, ألون بن مئير
  • الحقيقة بين رافعة مكة وتدافع منى بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي 10-09-15, 01:19 AM, مصطفى يوسف اللداوي