Post: #1
Title: جدل الذات والمجموع بقلم عماد البليك
Author: عماد البليك
Date: 04-30-2015, 02:36 PM
Parent: #0
02:36 PM Apr, 30 2015 سودانيز اون لاين عماد البليك -مسقط-عمان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
لا يحكى
نظريا ليس الفرد في بدايته إلا ابتكار في محيط المجتمع الذي يعيش فيه ولهذا فإن أي محاولة لتغيير أنماط الحياة الإنسانية قد تواجه بتحدي تغيير الأفراد عبر إعادة تركيب أو بناء الذات الجمعية، وإن كان الموضوع يظل جدليا، كيف يمكن لنا أن نغير ذهنا جميعا وهل هو موجود واقعيا، بمعنى هل ثمة ذهن له خواص عامة يشكل مجموع ما تعتقده أمة أو شعب وتسير عليه من قيم ومبادئ. نعم هناك خطوط عامة يكون عليها اتفاق في الغالب وهي متوارثة تصبح وتمسي بما يشبه العمل الجيني داخل الجسم البشري، ذلك لأن الميراث "الروحاني" وفي بعض المرات، بل أغلبها يكون أصعب وأعقد من حيث تجذره وصعوبة عملية نزعه، والروحاني هناك تعني أمرا محددا يختص بالمعنويات والمسائل غير المادية في أشكال وعي المجتمع بالحياة والوجود وطرق التفكير العامة ووسائط التواصل بين الناس من خلال مناظيم المترسب من آليات الذهن بهذا الخصوص. وعملية أن الذات هي ابتكار المجموع، هي مسألة محدودة القراءة، لكنها مهمة في الصياغات العامة لفكر التغيير والرقي بالمجتمع البشري المعين من مرحلة لأخرى أسمى، وهذه المحدودية سببها أن الإنسان هو كائن متشابك ومعقد من حيث التأثيرات التي يخضع لها بحيث يتحول في النهاية ومع بناء الوعي الكلي له إلى ذات عارفة من حيث مناظيرها الذاتية البحتة لكنها لم تنفصل أيضا عن المجموع إلا لقلة يكون لها أن تخلق مدارها الخاص في الوعي الذاتي، لكنها ولابد لها أن تتعايش مع الممارسات والطقوس الحسية المجتمعية وإلا حوكمت بالرفض أو وسمت بأي شكل من أشكال الجنون أو العبثية أو غيرها من الصفات التي عادة ما تلصق بالأناس "المعتوهين" في نظر السياق الاجتماعي العام. ولكي نفكر بدرجة أكثر اتساعا لرؤية عملية التحريك الاجتماعي ونقل الأنماط والقيم أو إبدال بعضها بعد أن أثبت فساده أو فقد صلاحيته وصيرورته على مسايرة نمط حياة جديدة، فإنه ضروريا أن ندرس بشكل نسقي وانتظام منهج الكيفية التي تتفاعل بها موضوعات الإنسان الفرد في مجاله العام وليس الأفراد الانتخابيين، مع جملة الموضوع الكلي والشامل الذي يتعلق بالمجتمع في المرحلة المحددة وهي طبيعة القضايا والتعقيدات التي تواجه الحياة ومأزق الإنسان في سبيل أن يعيش عالمه بشكل طبيعي وفاعل ليؤدي دورا حيويا، بمعنى أن تكسب الحياة استدامة مأخوذة عن النماء العقلاني والروحاني والرخاء والرفاهية وغيرها من تطلعات البشر المشروعة التي هي وليدة هذا التعايش المطلوب في سياق ما يسمى بالنظام المعين، دولة كانت أم مجموعة ذات اشتراطات محددة. لهذا فلابد لكي نصل إلى تحليل سليم ومستقبلي لخلاصات هذا التفاعل ومردوده النفسي والروحي والمادي، فعلينا أن نضع اعتبارا لأن تتم عملية تحليل هذا التشابك بين الذات والمجموع وفق مناهج أكثر حداثة في الرؤية، أي آليات جديدة لكنها تشتغل في النسق المعطى للمجتمع الذي أمامنا، وهذا الابتعاد عن المدارج المعروفة والتقليدية في أن الذات هي أثر الجمع والعكس صحيح، يجعلنا نرى الأمور بأشكال غير مسبوقة في القراءة. وهذا طبيعي للكائن ساعة يفكر ويقلب الأمور ويعمل على البحث عن الحلول الابتكارية بعيدا عن المتوارث من حلول وأشكال رؤيوية تراثية مقيدة. والملاحظ أن كثيرا من البحوث والدراسات غالبا ما تفضي في بلدان العالم النامي إلى النتائج المتوقعة نفسها وهذا يفقد خاصة البحث المرتطبة بالاكتشاف في المقام الأول. والسبب ببساطة يتعلق بالذهن الذي لم يتعرف بعد على طرق اكتشاف جديدة ليس من قبيل الاستلاف من الحضارات والشعوب الأخرى فحسب، بل من خلال تشكيل جيد للذهن في طرق قراءته للتعقيدات وقضايا الحياة التي غالبا يتم النظر إليها من زوايا محددة ومكررة، كأنما غاية البحث عن الحلول هو تعميق الأزمات، وهذا ما يحصل بكل أسف. إن دراسة هذه العلاقات التشابكية ذات التباعد والتقارب، في فهم حيز الفرد في السياق المجتمعي، تظل أولوية في إحداث أي نقلات متوقعة في الهوية المخترعة أو المطلوبة أو تعميق الهوية الحاضرة، إن كان ثمة اتفاق حولها. كذلك فإن هذا النوع من الوعي يساعد في فهم أعمق للبنى السياسية والاقتصادية وكليات الأسئلة المتعلقة بالمعاش وديمومة الحياة وكيف للإنسان أن ينشد الواقع الأفضل، فاليوم وفي ظل العلوم الحديثة فإن النظرة يجب أن يعاد انتاجها بعيدا عن القراءات الدارجة والتي تحصر الذات بوصفها متلقي وعليها أن تأخذ وهذا التكيف يخلق في النهائيات الكبرى له دولا ديكتاتورية وأنظمة سياسية مغلقة من حيث إنتاج الأفكار أو بلورتها، كما يبدو جليا في سياقات الأحزاب السودانية التي تقدس الزعيم وتنفي الفرد داخل سجن المجموع، أو هي أيضا لا تعمل على تفكير حر يفكك الفرد في المقابل، أي الفرد الواحد والمقدس الكبير وحتى لو إن ذلك حدث أو يحدث في بعض التجارب فلا يحكمه الوعي المعقلن إنما عقلية الرعوية والمصلحة التي هي من بقايا ذات الأثر المتعلق بفكرة الرجال الشجعان والأبطال التي كانت سائدة منذ عصر الفونج وإلى اليوم، بمعنى أن تكون البطولة والسيادة بمعنى الإقصاء والتهميش وتمجيد الذات بغض النظر عن قدرها الحقيقي وموقعها المعرفي وتأثيرها الجدلي في صياغات أفضل للوجود. إن الاقتراب من ما قدمنا له بشأن "ميتاسياسة" بديلة للممارسة السياسية القائمة اليوم، لن يكتمل ذلك إلا بعد إحداث هذه المراجعات المهمة في سيرة الواقع السوداني، فتفكيك المجتمع من خلال الفرد وكذلك البعد الثاني في المجموع الكلي، مع وضع الاعتبار للبنى الأكثر حداثة في هذا الباب الإنساني المعقد، لن يفضي ذلك إلى شروع جديد في البناء الإيجابي، ما لم يتم للفرد كينونة واعية تتجاوز مفهوم الحرية المقيدة والعبودية النمطية إلى ذات لها مطلق الفكرة والحركة والإضافة والحذف، وفق مناظيم وعي تشريعية وقانونية وليدة سياق المجتمع الجديد المنشود، فلقد أثبتت التجربة وكفى انه يجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها لكي ننهض ونتقدم خطوات في سلم التحقق، الذي يعني بناء دولة الإنسان والمؤسسية والحريات والقدرة على الابتكار والوعي المنفتح الخلاق، وتحرير الفرد من كافة أشكال التقييد وعتقه رقبته من الجنون والفوضى الخلاقة ودونها من العبث في محيط ما تقوم به مؤسسات السلطة والتسلط ومتوارثات المجتمع الأبوي والرعوي، كذلك الحضور الكثيف للميثولوجيات الثقيلة بإرثها في تعطيل الخيال عن النمو والطفرة المطلوبة لكي يكون خيالا جديدا مغسولا عن مجازات واستعارات الأمس لا يأخذ منه إلا بالقدر الذي يجعل المستقبل ممكنا وفاعليا. mailto:[email protected]@gmail.com
الباب الإنساني المعقد
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب الميتاسياسة بدلا عن السياسة بقلم عماد البليك 04-27-15, 03:10 PM, عماد البليكالفيتوري والهوية البديلة بقلم عماد البليك 04-26-15, 03:37 PM, عماد البليكنحو مجتمع متحرر بقلم عماد البليك 04-25-15, 04:04 PM, عماد البليكالمثقف والتنميط (2 – 2) بقلم عماد البليك 04-23-15, 02:22 PM, عماد البليكالمثقف والتنميط (1 – 2) بقلم عماد البليك 04-22-15, 03:48 PM, عماد البليكالقوة والإلهام والتفرد! بقلم عماد البليك 04-21-15, 02:34 PM, عماد البليكالسودان 2050 ! بقلم عماد البليك 04-20-15, 02:22 PM, عماد البليكهل قرأ أوباما إدوارد سعيد ؟ بقلم عماد البليك 04-19-15, 02:45 PM, عماد البليكالنظر إلى العالم بالمقلوب بقلم عماد البليك 04-16-15, 02:40 PM, عماد البليكصوتك الآخر! بقلم عماد البليك 04-15-15, 02:54 PM, عماد البليكبانسكي في السودان بقلم عماد البليك 04-14-15, 02:27 PM, عماد البليكنوستالجيا المثقف! بقلم عماد البليك 04-13-15, 02:52 PM, عماد البليكترويض الفيلة بقلم عماد البليك 04-12-15, 03:45 PM, عماد البليكالجثة الطائرة ! بقلم عماد البليك 04-11-15, 02:39 PM, عماد البليكالزمن المفقود ! بقلم عماد البليك 04-09-15, 05:31 AM, عماد البليكمعان لفلسفة السعادة ! بقلم عماد البليك 04-08-15, 02:42 PM, عماد البليكالشوفينية بقلم عماد البليك 04-07-15, 02:36 PM, عماد البليكأبريل في حيز المراجعة بقلم عماد البليك 04-06-15, 05:52 AM, عماد البليكالتجربة الفنلندية بقلم عماد البليك 04-05-15, 03:17 PM, عماد البليكالطريق إلى تعليم جديد بقلم عماد البليك 04-04-15, 06:41 AM, عماد البليكفي منهج بناء الشخصية بقلم عماد البليك 04-02-15, 02:22 PM, عماد البليكالاستشراق مرة أخرى! بقلم عماد البليك 04-01-15, 03:25 PM, عماد البليكالصور النمطية للسوداني بقلم عماد البليك 03-31-15, 03:02 PM, عماد البليكجدل الرواية والتاريخ بقلم عماد البليك 03-30-15, 02:56 PM, عماد البليكحنين القواديس ! بقلم عماد البليك 03-28-15, 03:21 PM, عماد البليكتوثيق الفنون والتراث بقلم عماد البليك 03-27-15, 02:01 PM, عماد البليكرد الاعتبار للعرفان بقلم عماد البليك 03-25-15, 03:27 PM, عماد البليكإشكاليات الذائقة الجمالية بقلم عماد البليك 03-24-15, 03:16 PM, عماد البليكابن عربي الهندي ! بقلم عماد البليك 03-23-15, 03:01 PM, عماد البليكصندوق "بنو حنظل" بقلم عماد البليك 03-19-15, 04:47 PM, عماد البليكما بعد ريلكه ! بقلم عماد البليك 03-17-15, 04:27 PM, عماد البليكطقوس فنية في الحياة السودانية بقلم عماد البليك 03-16-15, 02:09 PM, عماد البليكالطبقات مرة أخرى ! بقلم عماد البليك 03-15-15, 02:13 PM, عماد البليكجهل كونديرا وفلسفة الاغتراب ! بقلم عماد البليك 03-12-15, 03:40 PM, عماد البليكالانتقام الرباني ! بقلم عماد البليك 03-11-15, 02:44 PM, عماد البليكأزمة النشر في السودان بقلم عماد البليك 03-10-15, 06:15 PM, عماد البليكالفاسد والمفُسِد بقلم عماد البليك 03-09-15, 02:44 PM, عماد البليكالاختلاف والهوية ! بقلم عماد البليك 03-08-15, 04:30 PM, عماد البليكالـديستوبيا ! بقلم عماد البليك 03-07-15, 03:15 PM, عماد البليكحقيقتي.. إرهابي ؟! بقلم عماد البليك 03-05-15, 01:37 PM, عماد البليكالساحر ينتظر المطر ! بقلم عماد البليك 03-04-15, 03:01 PM, عماد البليكسعة الأحلام وعبادة الصبر ! بقلم عماد البليك 03-03-15, 04:47 PM, عماد البليكعن سليم بركات والكرمل وعوالم أخرى! بقلم عماد البليك 03-02-15, 11:39 PM, عماد البليكوزارة الفلسفة! بقلم عماد البليك 03-02-15, 06:32 PM, عماد البليكصناعة الوهم ! بقلم عماد البليك 02-26-15, 04:02 PM, عماد البليكسينما.. سينما !! بقلم عماد البليك 02-25-15, 02:40 PM, عماد البليكواسيني والمريود بقلم عماد البليك 02-24-15, 03:57 PM, عماد البليكالمدن الملعونة ! بقلم عماد البليك 02-22-15, 02:26 PM, عماد البليكنهاية عصر البطل ! بقلم عماد البليك 02-19-15, 02:24 PM, عماد البليكما وراء الـتويوتا ! بقلم عماد البليك 02-18-15, 02:24 PM, عماد البليكحوار مع صديقي مُوسى ! بقلم عماد البليك 02-17-15, 05:44 AM, عماد البليكشياطين الحب وأشياء أخرى ! بقلم عماد البليك 02-15-15, 03:12 PM, عماد البليكالحداثة المزيفة وما بعدها المتوحش بقلم عماد البليك 02-14-15, 04:32 PM, عماد البليكما بين السردية السياسية والمدونة الأدبية بقلم عماد البليك 02-13-15, 02:31 PM, عماد البليكقوالب الثقافة وهاجس التحرير بقلم عماد البليك 02-11-15, 02:50 PM, عماد البليكلا يُحكى..أزمة السودان الثقافية بقلم عماد البليك 02-10-15, 06:15 AM, عماد البليكلا يُحكى فقر "سيتوبلازمات" الفكر السياسي السوداني بقلم عماد البليك 02-09-15, 06:13 AM, عماد البليكعندما يُبعث عبد الرحيم أبوذكرى في "مسمار تشيخوف" بقلم – عماد البليك 07-26-14, 09:31 AM, عماد البليكإلى أي حد يمكن لفكرة الوطن أن تنتمي للماضي؟ بقلم – عماد البليك 07-06-14, 01:32 AM, عماد البليكالمثقف السوداني.. الإنهزامية .. التنميط والدوغماتية 07-02-14, 10:33 AM, عماد البليكبهنس.. إرادة المسيح ضد تغييب المعنى ! عماد البليك 12-20-13, 04:08 PM, عماد البليكما بين نُظم الشيخ ومؤسسية طه .. يكون التباكي ونسج الأشواق !! عماد البليك 12-16-13, 06:11 AM, عماد البليكمستقبل العقل السوداني بين إشكال التخييل ومجاز التأويل (2- 20) عماد البليك 12-05-13, 07:01 AM, عماد البليكمستقبل العقل السوداني بين إشكال التخييل ومجاز التأويل (1- 20) عماد البليك 12-02-13, 05:48 AM, عماد البليك
|
|