Post: #1
Title: القوة والإلهام والتفرد! بقلم عماد البليك
Author: عماد البليك
Date: 04-21-2015, 02:34 PM
Parent: #0
01:34 PM Apr, 21 2015 سودانيز اون لاين عماد البليك -مسقط-عمان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
لا يحكى
مرات يتوقف الذهن البشري. ليكون السؤال عن موقع الذات في المكان والزمان، عن هيئة الإنسان في محيط الأزمات والأوجاع، طالما كانت بلداننا هي الوجع والأنين والانكسارات المتواصلة، وإذا ما زلنا في بداية الطريق نحو أن ندخل عالما كثيفا من الأمل الذي يصنع الحياة الجديدة. مرات يتأمل المرء البون الشاسع فيصاب بالإحباط، ما بين شعوب التخييل والمجازات والصناعات وشعوب لهث العيش والخوف من الأنا، والعجز عن الانتصار ضد سطوة اليوم دعك أن يفكر المرء في المستقبل، ما شكله، وكيف سيكون؟ هذه الخسارات الجسيمة التي عبرنا بها ومع مدّ السنوات والعقود الطويلة جعلتنا كأننا خارج نطاق التاريخ، كأننا نذبل بحق أو ذبلنا فعلا، طالما كل مصائرنا وأقدرانا مهيئة للمجهول ومتروكة للغموض الذي يهيمن على مركبات وجودنا في ظل عجزنا عن الإرادة والإخلاص ومسايرة الأرواح باتجاه الصفاء والحنين لما يجب لا ما كان. وإذا ما توقف المرء ليكرر السؤال.. وإذا ما توقفت الأزمنة ذات لحظة فإذا بنا سوف نستفسر عن مصائر الملايين من الأطفال والشباب وعن الذين ضاعت أحلامهم في مهب الرياح، وعن الذين ما زالوا يتمسكون بالكبرياء ضد الجرح.. كيف بإمكان اليوم أن يعبر سريعا ليكون الغد الذي لا اشتياق له ولا أمل. فالنفوس تنزرع بالطاقة السلبية المدمرة التي لا تترك للنفس أن تبصر ولا تتأمل فقط تقودها نحو الهلاك وما أبشعه من هلال للحياة والنسل والزرع. وتمضي السنوات على حين عبث وسيريالية ترسم لوحاتها في طرق الغرابة والانتظار الطويل. ويمضي اليوم تلو اليوم.. ولا جديد في محطات العهود ولا الأهداف. أين نحن وأين وصلنا ولما كان التململ طويلا يا أيتها الأقدار؟ وهل هي الأقدار تصنعنا أم ذلك الغيب المجهول والغامض، أم هي إرادتنا التي وهنت من زمن بعيد، لأننا فقدنا القدرة عل التماسك وعلى الأحلام الجميلة وأبدلنا لباس المحبة بالكراهية والغضب والبغضاء والظن الغارق في التيه؟! يفقد الإنسان معناه عندما يجد أنه فارغ من المعنى، يحس بذلك لكنه يكابر ويحاول أن يلون السماء بريش الوهم. يظن أن الناس لا ترى، لكنها ترى وتستمر في الصمت لأنها هي الأخرى وهنت فاقدة للمعنى. ولأن المعنى ابن الضمير والأخلاق والسمو الرفيع. ولأن الإنسانية الحقيقية التي تصنع الفرق والفارق هي ابنة الخلق السامي والمجازات الحسنة والسير نحو أن تكون أنت بناء على علم ودراية وليس مجرد ابتكار للمفردات الفارغة والقوالب الجامدة. رحلة العلم والإدراك والمعرفة ليست هي بالأمر الهين ولهذا فالفاصل يكون واضحا بين الشعوب، لكن هناك ما وراء ذلك من أسباب أخرى أو شروط ثانية يجب إنجازها. هناك التضحيات الكبيرة التي يجب أن تقوم بها أمم معينة أو تضطلع بها لأجل أن تحقق الحياة الأفضل وتنشد الخلاص من أسر التاريخ، والمصيبة أن يكون لا تاريخ لك. لا تخيلات كبيرة ولا مجازات بل تتعلق بالوهم وتحاول أن تصنع أسطورتك من اللاشيء. هل هذا ممكن ومعقول. نعم أحيانا. لكنه يحتاج إلى عبقريات كبيرة جدا. قد لا تكون هي متوفرة في الراهن. ليس لأن هناك أمم تلد عباقرة وأذكياء وأخرى لا. بل لأن هناك تزكيات ودروب آلام لابد من السير فيها حتى يكون بإمكان الإنسان أو الأمة أن يصل إلى مناص حقيقي يكون بعدها له من صفات التحضر والوجود الكوني الجاذب. وليس مجرد حضور شكلاني غير مؤثر أو فاعل. ثمة أمور كثيرة يكون السؤال عنها ملحا ومهما، لابد للشعب أو الإنسان داخل هذا الكيان أن يعرف موقعه من حيث ماهيته بالضبط، دوره وهدفه ونسقه، هذا لا يحدث في أغلب المجتمعات التي لا تملك تاريخ حقيقي بالمعنى الجائز أو هي لم تكن قادرة إلى اللحظة على صياغة صيرورات عظيمة لوجودها، فليس كل ما تسرده الأمم جائز وصحيح وممكن في حيز ماضيه، بل على العكس أن كثيرا من الشعوب تكسب موقعها في التاريخ من خلال حضور مختلق ومتخيل، والبعض ليس له من عمق أساسا كما الشعوب الأمريكية الشمالية التي لم تُعرف إلا قبل قرون وجيزة. وهو تاريخ أكثر ابتكارا يقوم على نسج الافتراضات الممكنة لما لم يكن أساسا ويتم النفي والإزاحة والتدوير لحيثيات التاريخ بما يكفي لصناعة ذات جديدة تماما. إذن فالبحث عن الماضي. وكثيرا ليس بالأمر المجدي. إن القدرة على الابتكار في توليد مستقبل من خلال فن التصورات الكبيرة يجعلنا أكثر قربا من حقيقة وجودنا المستقبلية. لهذا فأن نربي أجيالنا على ذلك أفضل من التمسك بصور هشة لتابوهات الأمس وقيمه وصور "حضارية" تبدو في بعض الأحيان ليست إلا أضغاث ظنون لما لم يحدث البتة. وهذا ليس مهما. يمكن تدارك ما لم يحصل بما حصل أو ما يفترض أن يحصل. إذا كان لنا أن نقيم مشروعا ناجزا لوجودنا كبشر وإنسانيين وفاعلين. وليس مجرد كائنات مجترة للزمان وفاعل سيء في الجغرافية. وتلك قضية أخرى ليست معقدة بل تتطلب إعادة تشغيل وتوليد للمعارف والمكتسبات من التاريخ المنسي والحاضر وأبعد ذلك من قدرتنا على تصور هذا الموقع الذي نحن فيه، ليس كمحل مكاني، بل كحيوية وفاعلية وابتكار لما نحمله من خواص وقدرات علينا أن نحفزها لنوجد ذاتنا وسط الذوات الأممية أو الشعوب الأخرى. كثير من أنساق اليوم ومفردات التحضر والذكاء الاجتماعي الحديث والأمم الواثبة كسنغافورة مثلا أو غيرها. ليس إلا حلقة من حلقات التوظيف الفعلي لما يمكن أن تتصوره الذات في محيط ما تملك من أقدار ومن إمكانيات، تلك المهمة العسيرة والسهلة في الوقت نفسه، حيث يجب التوليف بين الحضور المستقبلي المفترض وموقع الذات في حيزها الآني الضيق والتعيس في بعض الأحيان. لكن علينا أن نكون أكثر لطفا مع أنفسنا، فالبكائيات لا تجدي، كما أن مجرد الانتظارات دون توقيع لعبة الاجتهاد لن يحقق جدوى من وجودنا أبدا. وثمة معادلة دائما دقيقة. ليست معقدة، فالدقة هي التوصيف الأعمق لماهيتها. تلك التي تقربنا من خواص ما نحلم به ومن سر دفين هو مغزانا في هذا العالم سواء كنا بشرا أفرادا أم أمما وزرافات. الثمرة هي النتيجة. والطريق إليها ليس صعبا في ظل وضوح الرؤية. وهذا ليس من قبيل التسلح بالخواء مما يسمى أسلحة العصر، لافتات العلم والتدرب والتنمية وغيرها. هذه ليست إلا الغلاف، ما وراء ذلك هو الحقيقة التي هي مصدر قوتنا. أعني مصدر قوة الذات وهو ما يجعلها فريدة في خصائصها عن غيرها وعليها أن تكتشفه، وهو أمر لا يتكرر مرتين أبدا. mailto:[email protected]@gmail.com
أبو القاسم برطم
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب السودان 2050 ! بقلم عماد البليك 04-20-15, 01:22 PM, عماد البليكهل قرأ أوباما إدوارد سعيد ؟ بقلم عماد البليك 04-19-15, 01:45 PM, عماد البليكالنظر إلى العالم بالمقلوب بقلم عماد البليك 04-16-15, 01:40 PM, عماد البليكصوتك الآخر! بقلم عماد البليك 04-15-15, 01:54 PM, عماد البليكبانسكي في السودان بقلم عماد البليك 04-14-15, 01:27 PM, عماد البليكنوستالجيا المثقف! بقلم عماد البليك 04-13-15, 01:52 PM, عماد البليكترويض الفيلة بقلم عماد البليك 04-12-15, 02:45 PM, عماد البليكالجثة الطائرة ! بقلم عماد البليك 04-11-15, 01:39 PM, عماد البليكالزمن المفقود ! بقلم عماد البليك 04-09-15, 04:31 AM, عماد البليكمعان لفلسفة السعادة ! بقلم عماد البليك 04-08-15, 01:42 PM, عماد البليكالشوفينية بقلم عماد البليك 04-07-15, 01:36 PM, عماد البليكأبريل في حيز المراجعة بقلم عماد البليك 04-06-15, 04:52 AM, عماد البليكالتجربة الفنلندية بقلم عماد البليك 04-05-15, 02:17 PM, عماد البليكالطريق إلى تعليم جديد بقلم عماد البليك 04-04-15, 05:41 AM, عماد البليكفي منهج بناء الشخصية بقلم عماد البليك 04-02-15, 01:22 PM, عماد البليكالاستشراق مرة أخرى! بقلم عماد البليك 04-01-15, 02:25 PM, عماد البليكالصور النمطية للسوداني بقلم عماد البليك 03-31-15, 02:02 PM, عماد البليكجدل الرواية والتاريخ بقلم عماد البليك 03-30-15, 01:56 PM, عماد البليكحنين القواديس ! بقلم عماد البليك 03-28-15, 02:21 PM, عماد البليكتوثيق الفنون والتراث بقلم عماد البليك 03-27-15, 01:01 PM, عماد البليكرد الاعتبار للعرفان بقلم عماد البليك 03-25-15, 02:27 PM, عماد البليكإشكاليات الذائقة الجمالية بقلم عماد البليك 03-24-15, 02:16 PM, عماد البليكابن عربي الهندي ! بقلم عماد البليك 03-23-15, 02:01 PM, عماد البليكصندوق "بنو حنظل" بقلم عماد البليك 03-19-15, 03:47 PM, عماد البليكما بعد ريلكه ! بقلم عماد البليك 03-17-15, 03:27 PM, عماد البليكطقوس فنية في الحياة السودانية بقلم عماد البليك 03-16-15, 01:09 PM, عماد البليكالطبقات مرة أخرى ! بقلم عماد البليك 03-15-15, 01:13 PM, عماد البليكجهل كونديرا وفلسفة الاغتراب ! بقلم عماد البليك 03-12-15, 02:40 PM, عماد البليكالانتقام الرباني ! بقلم عماد البليك 03-11-15, 01:44 PM, عماد البليكأزمة النشر في السودان بقلم عماد البليك 03-10-15, 05:15 PM, عماد البليكالفاسد والمفُسِد بقلم عماد البليك 03-09-15, 01:44 PM, عماد البليكالاختلاف والهوية ! بقلم عماد البليك 03-08-15, 03:30 PM, عماد البليكالـديستوبيا ! بقلم عماد البليك 03-07-15, 02:15 PM, عماد البليكحقيقتي.. إرهابي ؟! بقلم عماد البليك 03-05-15, 12:37 PM, عماد البليكالساحر ينتظر المطر ! بقلم عماد البليك 03-04-15, 02:01 PM, عماد البليكسعة الأحلام وعبادة الصبر ! بقلم عماد البليك 03-03-15, 03:47 PM, عماد البليكعن سليم بركات والكرمل وعوالم أخرى! بقلم عماد البليك 03-02-15, 10:39 PM, عماد البليكوزارة الفلسفة! بقلم عماد البليك 03-02-15, 05:32 PM, عماد البليكصناعة الوهم ! بقلم عماد البليك 02-26-15, 03:02 PM, عماد البليكسينما.. سينما !! بقلم عماد البليك 02-25-15, 01:40 PM, عماد البليكواسيني والمريود بقلم عماد البليك 02-24-15, 02:57 PM, عماد البليكالمدن الملعونة ! بقلم عماد البليك 02-22-15, 01:26 PM, عماد البليكنهاية عصر البطل ! بقلم عماد البليك 02-19-15, 01:24 PM, عماد البليكما وراء الـتويوتا ! بقلم عماد البليك 02-18-15, 01:24 PM, عماد البليكحوار مع صديقي مُوسى ! بقلم عماد البليك 02-17-15, 04:44 AM, عماد البليكشياطين الحب وأشياء أخرى ! بقلم عماد البليك 02-15-15, 02:12 PM, عماد البليكالحداثة المزيفة وما بعدها المتوحش بقلم عماد البليك 02-14-15, 03:32 PM, عماد البليكما بين السردية السياسية والمدونة الأدبية بقلم عماد البليك 02-13-15, 01:31 PM, عماد البليكقوالب الثقافة وهاجس التحرير بقلم عماد البليك 02-11-15, 01:50 PM, عماد البليكلا يُحكى..أزمة السودان الثقافية بقلم عماد البليك 02-10-15, 05:15 AM, عماد البليكلا يُحكى فقر "سيتوبلازمات" الفكر السياسي السوداني بقلم عماد البليك 02-09-15, 05:13 AM, عماد البليكعندما يُبعث عبد الرحيم أبوذكرى في "مسمار تشيخوف" بقلم – عماد البليك 07-26-14, 08:31 AM, عماد البليكإلى أي حد يمكن لفكرة الوطن أن تنتمي للماضي؟ بقلم – عماد البليك 07-06-14, 00:32 AM, عماد البليكالمثقف السوداني.. الإنهزامية .. التنميط والدوغماتية 07-02-14, 09:33 AM, عماد البليكبهنس.. إرادة المسيح ضد تغييب المعنى ! عماد البليك 12-20-13, 03:08 PM, عماد البليكما بين نُظم الشيخ ومؤسسية طه .. يكون التباكي ونسج الأشواق !! عماد البليك 12-16-13, 05:11 AM, عماد البليكمستقبل العقل السوداني بين إشكال التخييل ومجاز التأويل (2- 20) عماد البليك 12-05-13, 06:01 AM, عماد البليكمستقبل العقل السوداني بين إشكال التخييل ومجاز التأويل (1- 20) عماد البليك 12-02-13, 04:48 AM, عماد البليك
|
|