النخبة السودانية : مشلعيب الخيبات ! بقلم د. عبدالله محمد سليمان

النخبة السودانية : مشلعيب الخيبات ! بقلم د. عبدالله محمد سليمان


04-11-2015, 02:45 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1428759924&rn=0


Post: #1
Title: النخبة السودانية : مشلعيب الخيبات ! بقلم د. عبدالله محمد سليمان
Author: عبدالله محمد سليمان
Date: 04-11-2015, 02:45 PM

01:45 PM Apr, 11 2015
سودانيز اون لاين
عبدالله محمد سليمان-
مكتبتى فى سودانيزاونلاين




مدخل:
حاور منصور خالد "الصفوة" في ستينات القرن الماضي عقب الحدث الأبرز في تلك الفترة أي ثورة أكتوبر 1964م التي أطاحت بالحكم العسكري الأول بقيادة الفريق إبراهيم عبود ، ثم عاد، بعد تجربة سياسية طويلة ، كان فاعلا فيها ومن أهم رموزها على المستويين النظري والعملي، للكتابة في أوائل التسعينات ، فوصف "النخبة السودانية " بإدمان الفشل ، أيضا عقب الحدث الأبرز في تلك الفترة أي انتفاضة أبريل 1985م التي أطاحت بالحكم العسكري الثاني بقيادة المشير جعفر نميري.
جاء تعريف الصفوة لغةً في معجم المعاني الجامع وفي قاموس المعاني، حين نقول: صفوة كل شيء أي ما صفا منه وخلص، أحسنه وخياره وكان من صفوة المجتمع: من نخبته،من خيار الناس والصفوة،أيضا وردت بمعنى الأحسن والأفضل. فنلاحظ أن المعنى في اللغة يضيف هذا "البعد القيمي" لمعنى الصفوة. أما النخبة فهي المختار من كل شيء ونخبة المجتمع أي المختارون من المجتمع الذين لهم مؤهلات معينة.وفي قاموس المعاني النخبة مجموعة غالبا ما تكون صغيرة ومنتقاة بدقة وتمتاز بالثروة أو التكوين والثقافة أو التدريب أو المركز الاجتماعي أو السلطة السياسية إلى غير ذلك. ولقد أصبحت النخبة أو النخب تشكل واحدة من الظواهر الاجتماعية الثقافية السياسية المعقدة والملتبسة من حيث بنيانها وتكوينها وأثرها في المجتمعات. وهي كذلك عصية على الضبط من حيث المصطلح كما هي عصية على الرصد والتحليل لصعوبة التحقق من سماتها وآثارها المتغيرة في البيئات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المختلفة ، ولعدم توفر معايير موحدة محددة لقياس تلك الآثار نظرا لأن المضامين الاجتماعية التي تشكل مفهوم النخب شديدة التعقيد والتغير وذات طابع دينامي متحرك وفقا لمعطيات الزمان والمكان.
ونحن لا نستطيع الجزم بكفاية توصيف منصور خالد لأي من المصطلحين "الصفوة" و"النخبة" ومعايير قياسه لأثر النخبة السودانية في محيطها الاجتماعي والثقافي والسياسي ومدى ملاءمة ذلك للواقع السوداني الذي نزعم أنه مختلف إذا ما قيس بغيره ويحتاج لتوصيف للمفهوم ولمعايير للقياس خاصة به.وكثيرون عناهم شأن النخبة السودانية ، فكتبوا وتعرضوا له دون توصيف دقيق أو معايير محددة لقياس أثرها في الواقع السوداني وجاء ذلك في معرض تناولهم لقضايا عديدة شائكة وملتبسة أبرزها الهوية السودانية وبناء الدولة القومية وقضايا الوحدة والحرب والسلام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وعلقوا وزر الخيبات كلها على النخبة أو النخب. ولهذا فنحن بلا شك نحتاج إلى استجلاء معنى النخبة لدى كل من يكتب والتحقق من أن توصيفه لها - إن كان ثمة توصيف – يعتمد فهماً ملائماً للحالة السودانية ويقابله واقع مشهود ومتحقق بوجوده وأثره ومتميز بخصائص دالة عليه ، كما نحتاج للتعرف على المعايير التي اعتمدها من يتناول الظاهرة لقياس تأثيرها لتبرير تعليق الخيبات كلها على النخبة أو النخب. وليس مقصدنا بطبيعة الحال تبرئة النخبة أو النخب أيا كانت كقوة حاضرة وفاعلة مارست دورا خطيرا في توجيه المجتمع السوداني وتحديد مساراته في مختلف المجالات والاتجاهات، ولكن لتحميلها ما يليها من خيبات وليس كل الخيبات. حيث يلاحظ أن الإشارة للنخبة في معظم الكتابات تتجاهل هذا بل تعتبر "النخبة" مجموعة موجودة في المركز أو العاصمة "الخرطوم" متحكمة ومسيطرة وتملك الإمكانيات والقدرة على التأثير وفرض الرؤى وتشكيل الواقع و"تهميش" الأطراف، ولهذا فهي مسئولة مسئولية كاملة عن كل الخيبات والفشل الذي لازم السودان في كل مناحي الحياة في العقود الماضية ،وتعتبر ما عداها من مكونات المجتمع السوداني في أقاليمه المختلفة ممن لا يدخل في مفهوم النخبة بريئا !
ويلاحظ أن النخب التي انتاشتها سهام معظم الكتاب على اختلاف موضوعاتهم وتباين أطروحاتهم في المجالات التي شكلت محاور اهتمامهم ، برزت في فترة زمنية سبقت وأعقبت الاستقلال الوطني في 1956م ، وتتركز كما ذكرنا في العاصمة " المركز". وتعود جذور تلك النخب ربما لعشرينات القرن الماضي مع بدايات التعليم النظامي وانشاء كلية غردون وغيرها من مؤسسات التعليم في الفترات اللاحقة. وتضم خريجي تلك الكلية وخريجي المعاهد السودانية الأخرى فيما بعد وغيرهم ممن نالوا تعليمهم بالخارج في مصر ولبنان وبريطانيا. وربما تشمل النخبة مجموعة الأفندية ولا أقول " طبقة الأفندية" حتى لا أقع في ذات الفخ أي "عدم التوصيف" الذي أزعم أن كثيرا ممن كتبوا عن النخبة وحملوها أوزار الخيبات وقعوا فيه ، إذ للطبقة أيضا معايير للتوصيف وشروط تحَقُقٍ وخصائص مميزة. ونتساءل ونحن بإزاء التوصيف: هل النخبة السودانية مجموعة أو كتلة واحدة صماء؟ وأي نخبة نقصد هل هي نخبة سياسية أم فكرية أم اجتماعية؟ وهل يدخل في إطار النخبة السودانية ، التي نعلق عليها الخيبات، "النخب التقليدية" إن جاز التعبير التي تشمل: زعماء القبائل والعشائر وزعماء وشيوخ الدين والطرق الصوفية والتجار وكبار المنتجين من مزارعين وتجار في أقاليم السودان المختلفة وغيرها من مؤسسات ومنظمات المجتمع السوداني؟ وجلها قوى فاعلة ومؤثرة وتمارس أدوارها من الأطراف.بل هل يدخل في إطار النخبة العسكريون ضباط الجيش والشرطة وهذه تكوينات مغلقة منضبطة بنظمها وممارساتها ومنتشرة على امتداد السودان وكانت لاعبا أساسيا في تشكيل الواقع السوداني في مراحله المختلفة؟
يلاحظ أن معظم أعضاء" نخب المركز" من السياسيين والمفكرين والأفندية والضباط وغيرهم الذين ينصرف ذهن غالبية الكتاب لهم حين الكلام عن النخبة ، هم أصلا من "الضهاري" ، وفدوا في فترات مختلفة للعاصمة ولهم تواصل وامتدادات قبلية وطائفية قوية وفاعلة في الأقاليم ، نزعم أن سلطانها عليهم كان أكبر أثرا من تأثير أفراد المجموعة داخل التركيبة التي توصف بالنخبة ويصدق هذا بالنسبة للنخبة السياسية التي خاضت غمار الحركة الوطنية إلى أن تحقق الاستقلال والنخبة المثقفة من الأدباء والشعراء والكتاب وعلى غيرها من النخب. أما بعد الاستقلال وحين تكاثر خريجو جامعة الخرطوم وغيرها من مؤسسات التعليم فإن غالبيتهم جاءوا من الأطراف والهوامش وليس المركز. ولهذا فإن الربط بين النخبة أو النخب والمركز هو في رأينا تخصيص مكاني جغرافي لمكونات النخبة بحكم التواجد في المركز " العاصمة" ورغم أهمية أثر المركز لإدارة السلطة والثروة إلا أنه لا يمكن أن يلغي أو يستبعد أثر المكونات والنخب التقليدية خارج المركز التي تؤثر بلاشك في سلوك النخب وقراراتها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. عدم الاعتراف بهذا فيه في رأينا بعض التضخيم لدور النخبة التي ترمز لها أغلب الكتابات وتحصرها في "مجموعة المركز" ، ومن ناحية ثانية فيه تقليل للدور الذي لعبته "النخب التقليدية" التي أشرنا إليها في الأطراف والأقاليم المختلفة ومن خارج المركز ، وذلك بما لها من قدرات على التأثير العاطفي الروحي وبما يتوفر لها من إمكانيات مادية تجارية وزراعية وصناعية في مناطق الانتاج وأهمها كما هو معلوم موجودة خارج المركز وربما في الأطراف بعيدا عنه.
الأقاليم والأطراف هي المركز الحقيقي المحرك للنشاط الاقتصادي الانتاجي في مجالات الزراعة والصناعة والانتاج الحيواني إلخ، ولم يكن المركز أي العاصمة والمدن الأخرى إلا أسواق لهذه المنتجات والسلع،وبديهي أن يكون للمنتجين وأصحاب الأعمال تأثيرهم على سلوك وقرارات النخب الموجودة في المركز على نحو من الأنحاء. وفي الجانب الفكري والثقافي كان للأطراف إسهامها أيضا باعتبارها الحاضن للموروث الحضاري والمنتج الحقيقي للقيم والمفاهيم المؤثرة في سلوك أو نخبة أو نخب المركز بما لدى القبائل والتكوينات والطوائف والخلاوي وغيرها من المنظمات الاجتماعية من إرث وحراك وسط السودانيين في الأقاليم المختلفة. ونزعم أن النخبة التي شكلت القيادات السياسية في في الأحزاب السياسية وفي الحكومات المتعاقبة الوطنية الديمقراطية والعسكرية والتي استمدت سندها أكبر ثقلها الجماهيري من القطاعات التقليدية في مناطق السودان المختلفة لم تكن متحررة تماما من قيود التأثير للقوى الفاعلة خارج المركز في اختياراتها وقراراتها التي أفرزت "الخيبات". ولوضع"مفهوم النخبة" في إطاره الصحيح بغرض المقارنة مع المفاهيم التي يمكن أن نستشفها من بعض الكتابات التي قاربت أثر النخب في الواقع السوداني من زوايا مختلفة ، فإننا بحاجة لاستعراض بعض المفاهيم النظرية حول النخبة. ( يتبع)







مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
  • محجوب شريف: روح تضيئ شرفات الوطن 04-14-14, 02:01 PM, عبدالله محمد سليمان
  • الحوار المستدير إلى روح شاعر الشعب العظيم: محجوب شريف 04-08-14, 02:39 PM, عبدالله محمد سليمان
  • راديو دبنقا تحتفل بالذكرى الخامسة لإنطلاقها/عبداللة سليمان 12-31-13, 10:04 PM, عبدالله محمد سليمان
  • (رؤوس أقلام) د.عبدالله محمد سليمان على مشارف الذكرى: الاستقلال والمشروع الوطني 12-17-13, 04:30 PM, عبدالله محمد سليمان
  • مانديلا: وداعا رسول المحبة والسلام د.عبدالله محمد سليمان 12-11-13, 05:08 AM, عبدالله محمد سليمان