مقدمة في تجديد فهم أصول الدين (3) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد

مقدمة في تجديد فهم أصول الدين (3) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد


01-19-2015, 02:50 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1421675446&rn=0


Post: #1
Title: مقدمة في تجديد فهم أصول الدين (3) بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد
Author: عبد المؤمن إبراهيم أحمد
Date: 01-19-2015, 02:50 PM


النص الديني والزمان
المعرفة الدينية يجب أن تقوم على العقل المؤمن ثم النص ثم التجربة الانسانية ثم الطبيعة ثم الذات التي تتلقى من الغيب. فليس كل ما ذهب إليه المعتزلة باطل ولا كل ما أقره أهل السنة صحيح. والنص في طرفه الأدنى يمكن ان يكون دالة في الزمان والمكان وهو في مقام الفرع، وحيث لا زمان ولا مكان يكون النص مطلق ولكن بدون فاعلية حكمية بل مجرد موجهات اخلاقية عامة وهي الأهم وهي الأصل لكل حكم. ولكن في الزمان والمكان يكون النص فعال في اللحظة ووقت وقوعه ولا يستمر في عطائه الا بفهمه كدالة يؤثر فيها الزمان والمكان. ولكي يؤتي النص اكله في كل حين لا بد ان يقرأ في كل زمان وكأنه نزل اليوم ولا يقبل من فهم الأمس الا في القاء الضوء على ابعاد النص في زمن ما. كذلك لا بد من فهم النص في السياق من داخل النص الكلي. ومسألة السياق تقود لإشكالية عظيمة تواجه نصوص السنة والحديث بسبب أن السياق الذي وردت فيه نصوص السنة غائب تماماً في معظم الأحاديث. ولكن لحسن الحظ ان الله قد حفظ القرءان بسياقه وترتيبه التوقيفي وهو بذا يكون الحجة الكبرى والمخرج الوحيد لفهم السنة ووضعها في مكانها الصحيح. غياب السياق من مأثورات السنة أحدث ربكة في منطق الأحكام ونوع من التعارض مع أحكام القرءان للدرجة التي قال بها الشافعي بأن بعض السنة ناسخ لأحكام القرءان. يقول د. القرضاوي عن حاكمية للسنة يظنها العلماء على القرءان "وهذا ما جعل بعضهم يقول: السنة قاضية على الكتاب... ولكن الإمام أحمد لم يسترح لهذه العبارة وقال: لا أجرؤ أن اقول ذلك ولكن أقول السنة مبينة للكتاب" (د. يوسف القرضاوي – كيف نتعامل مع السنة النبوية 65). فالكثير من السنة خصوصاً الأحكام مبينة للكتاب في زمن التنزيل.

الثابت والمتحرك في فهم النصوص
يقول الأستاذ محمود محمد طه: "المسلمون يقولون ان الشريعة الاسلامية شريعة كاملة.. وهذا صحيح.. ولكن كمالها انما هو في مقدرتها على التطور وعلى استيعاب طاقات الحياة..." (الرسالة الثانية من الإسلام ص 8). الحكمة من وجود المثاني والمحكم والمتشابه في القرءان الكريم هو خدمة الإنسان في كل ظرف. بهذه الثنائية يتحقق خلود النص القرءاني. فالدين طرفه الأعلى مطلق في اللازمان بينما طرفة الأدنى مقيد بالزمان. وهذا ما أكدت عليه حتى بعض رموز السلفية الحديثة: "وما دام الدين – من حيث هو خطاب للإنسان ثم كسب منه – واقعاً في الإطار الظرفي، فلا بد أن يعتريه شيء من احوال الحركة الكونية" (دكتور حسن الترابي – قضايا التجديد نحو منهج أصولي 15).
والدين روح وجسد. فالروح أعطيت في مكة بينما الجسد بني في المدينة لكي يولد روحاً جديدة هي التي بنت حضارة الإسلام. وهكذا هي طبيعة العمل الإلهي، فقد خلق الله عالم الروح أولاً ثم خلق عالم المادة. وخلق روح الإنسان أولاً ثم خلق الجسد ثم نفخ فيه تلك الروح. وأنزل التوراة (الأحكام) أولاً ثم نفخ فيها روح الإنجيل (الحكمة). وبذا يكون في نفخ روح القرءان المكي في جسد القرءان المدني حياة جديدة لرسالة الإسلام.
استصحاب البراءة والحل في الأشياء يوسع من دائرة الحلال ويعطي فسحة في الإجتهاد المرن، ذلك بأنه من السهل الإجتهاد تحريماً ولكن من الصعب الإجتهاد تحليلاً وهذا أمر يتهيبه الفقهاء بالرغم من أنه هو عين الفقه، وان غاية الدين اليسر لا العسر. فما من عسر إلا وتلاه يسر. لذلك نجد أن كل الخواتيم يسر وهذا ظاهر في يسر المسيحية الذي طغى على عسر اليهودية ويسر المكي الذي طغى عليه عسر المدني مما يستدعي دوران الزمان ليطغى يسر المكي على عسر المدني. ومراعاة المصالح فيها يسر كبير. وتخفيف الشرائع عبر التاريخ فيه دلالة على توجه عمل العناية نحو اليسر وان التشدد ليس أصل في الدين بدليل دين آدم في الجنة والذي كان غاية في اليسر والبساطة. وعليه يكون التشدد في الدين والأحكام لا يقع إلا لضرورة متعلقة بظروف الناس. منهجية التخفيف في نزول الرسالات تحدث عنها القرءان بتخفيف عيسى (ع) لليهودية بقوله ((وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50))) آل عمران. ثم بالتخفيف الثاني الذي جاء به الإسلام في قوله تعالى: ((...وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157))) الأعراف. وفي قوله: ((يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185))) البقرة. وقوله: ((فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6))) الشرح. فكل إجتهاد عبر الزمان لتخفيف الأحكام يسير في منهجية العناية الإلهية وأي إجتهاد يسير نحو التشدد هو عكس ما تريده العناية الإلهية. وفي هذا النسق يقول الحديث "يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا" (متفق عليه عن عائشة – الجامع الصغير (7887)).
الدين أصول وفروع كما كشف عن ذلك الأستاذ محمود محمد طه. وكل الكليات أصول ثابتة بينما التفاصيل والجزئيات فروع متحركة. والفرع يتجدد ويتحول مرتكزاً على الأصل الثابت. فالفروع لا تتطور في فراغ وإنما على أصل قرءاني. فالصلاة أصل كلي ولكن شكلها في المسيحية أو في الإسلام فرع. وهكذا كل العبادات في أصولها كلية وفي فروعها اختلفت من ملة إلى ملة. "ففي مجال الشعائر التعبدية الخالصة تثبت مشروعية الصلاة أو الصيام أو الزكاة أو الحج في الرسالات المتواترة ولكن صورها قد تتبدل" (دكتور حسن الترابي – قضايا التجديد نحو منهج أصولي 17).
و يجب ألا نظن أن الدعوة للتجديد فيها تحول عن أصول الإسلام شكلاً أو مضموناً ذلك بأن المضمون قطعاً لن يتغير وحتى الشكل لن يتبدل وإنما يمكن أن يضاف إليه ويوسع من صورته وأبعاده ليشمل أشكالاً محتملة للتعبير عن حقيقة الإسلام في العبادات والمعاملات بفهم هو من أصول الإسلام شغل عنه الفقه في الماضي.
بسبب الطبيعة التحولية التطورية في حياة البشر صارت أحكام الدين لها طبيعتان طبيعة ثابتة وطبيعة متحركة. وقد يظن ظان أن الطبيعة المتحركة هي نقص في حكم الدين ولكن العكس هو صحيح، فالحركة والتجديد والتطور هي علامة الحيوية والنماء والتكاثر والزيادة والخلود.
وقد صاغت عناية الله احكام شريعته بما يشبه طبيعة الإنسان. فالإنسان في طبيعته الثابت والمتحرك ومن طبيعة عقله المنطق والإتساق وعلى نفس النمط جاءت شريعة السماء لها منطق وإتساق وتوافق يقبله العقل وبنفس العقل يمكن تطوير الفهم منه. وفي هذا السياق يقول الدكتور محمد شحرور: "الإدراك الفؤادي هو بمثابة المحرض والصاعق للفكر الإنساني وأن الفكر الفؤداي يغير من مسلمات الناس...الأطروحة القبلية الوحيدة الموجودة لدى الإنسان، التي جعلته إنساناً وهي قانون عدم التناقض" (محمد شحرور – الدولة والمجتمع 120).



مكتبة فتحي الضَّـو





































من اقوال قادة السودان

مواضيع عن الفساد فى السودان


Sudan and Ebola virus epidemic

Contact Us


Articles and Views

About Us


ازمة المثفف السوداني حيال العنصرية


مكتبة دراسات المراة السودانية


tags for sudaneseonline