إعلان شكر من سمكة ملوّنة! بقلم هاشم كرار

خبر صغير من لندن، أفرحني، لأنه كشف عن كيف ان الكبد الرطب، يمكن ان يكون رطبا، حتى مع حيوان طوله سبعة سنتمترات لا غير!
الخبر، أدخلني في مقارنة، بين أولئك الذين يدمون حتى أكباد الأطفال، بتفجيراتهم الملعونة، وبين أناس تفطرأكبادهم رؤية حيوان يئن، ولا يملك من حيلة، ولا تحايل، ولا من فكاك!
الخبر يقول باختصار ان بريطانيا، فجعته سمكته الصغيرة، وهى تتألم من إمساك حاد.
أتخيله قد تخيّل نفسه- او إنسانا غيره- يعاني مما تعاني منه هذه المسكينة.
لئن تتخيل، هو أن تعيش الحالة.. وعاشها الرجل البريطاني، كما عايشتها سمكته الملونة الجميلة الصغيرة: داهمه الصداع الحاد، الذي عادة مايداهم من به إمساك. أحس بانتفاخ في بطنه، وحالة الإنقباض، في ذهنه وروحه، وتوتر في كل عصبه الحى!
لم يتلفت، أسرع بها إلى عيادة بيطرية، فاستنفرت الطبيبة فاى بيثيل طاقمها التمريضي، في غرفة العمليات، وتم تخدير السمكة بضخ البنج في الماء، و.... شمرت بيثيل عن كل سواعد تركيزها لخمسين دقيقة، وهى تجري العملية الدقيقة لتلك المليحة التي طولها فقط سبعة سنتمترات، لا غير.
تكللت العملية بالنجاح، وحين أفاقت الصغيرة، كان اول شئ فعلته وهى تتنفس الصعداء، ان فعلتها في حوض حمامها المائي!
أتخيلها السمكة، راحت ترقص بذيلها الملون: شكرا شكرا، ياصاحبي.. ولو كانت تملك الإسترليني، لكانت قد أبرزت إعلانا بحجم صفحة كاملة في ( اندبندنت) البريطانية، تزف فيه بكل رقصات الأسماك في الدنيا، الشكر إلى الطبيبة بيثيل، والممرضين في عيادتها البيطرية، في مدينة ( نورث والشام) بمقاطعة نوفولك!
صاحب السمكة الملونة، فتح محفظته، ودفع وملامحه كلها مفعمة بالرضا والإبتسام، ثلاثمائة جنيه استرليني، هى تكلفة العملية الجراحية الناجحة.
ذلك ليس فقط سخاءا ماديا من أجل سمكة صغيرة، كانت تتوجع . إنه سخاء الروح للروح.. سخاء النفس للنفس.. سخاء الكبد الرطب للكبد الرطب!
السمكة الآن، في حوضها .. تسبح، وترقص وتغني، وتمارس حياتها العادية في نشوة، ونوع غريب من الفرح.. إنها في فترة النقاهة..
صاحبها ينظر إليها من وقت لآخر، وروحه العامرة بالإنسانية، ترفرف وتغني.
ماهو مهم، إنه لم يعد يشعر بكل تعقيدات ومضاعفات الإمساك اللئيم. ماهو مهم أنه لم يعد يضغط على صدغيه، ويدعك، ويتناول المسكنات!


مكتبة شوقى بدرى(shawgi badri)