هل من علاج لتشظي الوعي البشري؟ بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد

هل من علاج لتشظي الوعي البشري؟ بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد


12-31-2014, 03:01 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1420034502&rn=1


Post: #1
Title: هل من علاج لتشظي الوعي البشري؟ بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد
Author: عبد المؤمن إبراهيم أحمد
Date: 12-31-2014, 03:01 PM
Parent: #0

لا نوافق كبلنغ "الشاعر الإنجليزي" قوله: "آه، الشرق شرق والغرب غرب – ولن يلتقي الإثنان أبداً" . فالشرق يميل لفلسفة القلوب - ولها عقل، والغرب يميل لفلسفة العقول - ولها قلب. لا بد من إيجاد سبيل لتسليك القنوات بين العقول والقلوب (بين الوعي والاحساس والفكر، بين الوحدة والثنائية). إدراج التأمل والذكر يفتح باب الفلسفة الشرقية، التي بحثت في مسائل النفس وتفريغها والسيطرة عليها وتهذيبها وترقيتها، على باب الفلسفة الغربية التي ركزت على مسائل الطبيعة والفكر والواقع المادي. وهذا فيه تلقيح وتنقيح موفقان دعا لهما من قبل برتراند راسل (1872- 1970). يقول المحجوب (رئيس وزراء السودان الأسبق): لقد فقد الغرب شهيته بالفعل وسيستعيدها بروحانية الشرق وخياله وسحره" . بذلك يتم إدماج مناهج الوحدة في مناهج الثنائية. إلى أي مدى نستخدم مناهج الوحدة في تخفيف حدة الثنائية حتى يصبح الغشاء الفاصل خفيف شفيف؟ غشاء تنتقل عبره ذرات الفكر والشعور بسلاسة كما تنتقل السوائل عبر غشاء من السيليلوز أو كما ينتقل الضوء عبر طبقة من الزجاج الشفاف.
يتحدث محمد ابو القاسم حاج حمد عن تقويم جدل الغيب والإنسان والطبيعة. كيف لنا ان نصنع ذلك التوازن المفقود؟ كيف نردم الهوة ونصنع تلك القنطرة أو الجسر الذي يجسر الهوة بين الفكر والوجود، وما وراء المجرد والمجرد، والمجسم في مستويات ثلاث. العقدة تكمن في السير من مناطق صمدية الشعور والقلب عبر مناطق الثنائية في العقل والنفس إلى مناطق التوحد الثاني في صمدية الوجود المادي حيث القانون محكم وصارم. وهذا يعبر بك في مسار دائري إلى الصمدية الغيبية والتي تلقي بك مرة أخرى في دائرة الثنائية وهكذا دواليك في تصاعد دائري مستمر.
صعوبة هذا التوازن جعلت الوجود عند الفلاسفة الوجوديين وجود متوتِّر، بإعتبار الإنسان كائن ممزق ومتشظي الوعي يرى الوجود هو الآخر وجوداً متشظي. إحساس الوجودي بهذه المسألة يجعله يعتبر السلامة والهدوء خيانة للنفس، لذلك فهو يلقي بنفسه في الوجود والهم والحصر النفسي ليواجه وجوده كتجربة تخصه هو فقط، ذلك لأن الوجودي عندهم هو من اكتشف مأساته بينما اولئك الذين يرفلون في السعادة لا يعرفون أو لا يشعرون. فهل فلسفة الوجود حالة مرضية مثل العصاب أو القولون العصبي؟ ايهما القاعدة وأيهما الشذوذ؟
اعتبر مارتن هيدجر (1889- 1976) الهم (القلق) علامة على صدق الوجود، وهو المقولة الوحيدة القادرة على تخليص البشر من التفاهة اليومية. وعند بعض الوجوديين الهمْ الأكبر والتحدي هو الإختيار والحرية لأن كلاهما يتطلبان التفكير الذي تهرب منه الوجودية. ويقول الوجوديون إن الإنسان هو صانع وجوده ورب أفعاله. وهذا ليس صحيح على النحو الكامل وقولنا هذا قد يكون مصدر فزع من نوع آخر وهو أخطر وأجل. هنالك آخرون قرروا لك وآخرون يقررون لك وآخرون سيقررون لك؛ بل هنالك آخرون يجب عليك ان تقرر لهم. وهذه فعلاً مسائل حقيقية، عقبة الحرية والإختيار ثم مسؤولية ناتج ذلك الإختيار. فالفزع ليس في الإختيار نفسه، فالحيوانات هي الأخرى تختار إنما الفزع الأكبر الذي يتلقانا به جهازنا العصبي هو مسؤوليتنا عن ذلك الإختيار. ذلك هي الجحيم، عدم اليقين وتفلق صمدية الإرادة. وهذا علاجه في الركون للبعد الغيبي للوجود، وقد وجد لها القرءان حلاً في الإيمان والذكر وهو تذكر الوجود الكلي الذي يكتمل بالتصور الإلهي ثم في التوكل والصبر. وكذلك وجدت لها الصوفية العالمية حل في كل أديان العالم خصوصاً في البوذية والهندوسية حيث نجد ممارسات التأمل واليوجا والتي من الممكن أن تكون مدارس لعلاج المشاكل النفسية عند البشر وطريقة جيدة ومفيدة للتخلص من الأوساخ والفضلات النفسية.